فوجئت مثل غيري بالتصريح المنشور للكاتب والصديق يحى قلاش أمس فى اليوم السابع، والذي تحفظ فيه بشدة على حبس الصحفيين بمواد الدستور فى وقائع التمييز أو حرمة الحياة الخاصة، وقال بالحرف:» إن دسترة حبس الصحفيين لا يليق بدستور مصر بعد الثورة». وقد اتصلت ببعض الأصدقاء لكى أفهم ما يدور فى لجنة الخمسين، وما هى المواد الخاصة بحرية التعبير، خاصة وأن جموع الصحفيين كانوا يسعون إلى ادراج مواد الدستور الدائم الخاصة بالصحفيين، والتى لم تشمل أية عقوبات بالحبس أو المصادرة أو التعطيل أو الإيقاف للصحف فى قضايا النشر، حيث إن دستور 2012 الذى وضعته جماعة الإخوان المتأسلمين فرضت فى المادة 48 منه ثلاث عقوبات، وهى: الوقف والإغلاق والمصادرة بحكم قضائى، وجاءت لجنة العشرة التى وضعت المسودة للجنة الخمسين ونقلت نص مادة الإخوان، وأضافت إليها عقوبة رابعة وهى: فرض الرقابة على الصحف فى حالة الطوارئ، فقد جاءت المادة بمسودة العشرة تحت رقم 51 كالتالى: « حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة. وتؤدى رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأى العام والإسهام فى تكوينه وتوجيهه فى إطار المبادئ الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومى؛ ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائى. والرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام محظورة ويجوز استثناء فرض رقابة محدودة عليها عند إعلان حالة الطوارئ أو فى زمن الحرب». وبعد نشر المسودة كتبت هنا ونبهت لخطورة المادة 51، وأكدت أنها أضافت قيدا جديدا وهو فرض الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام فى حالة الطوارئ، واتصلت بالعديد من الكتاب والإعلاميين لكى يتصدوا للمادة بعقوباتها وقيودها التى لم تشهدها مصر عبر تاريخها الحديث فى دساتيرها. المؤسف أننى علمت من بعض الأصدقاء أن المادة الخاصة بحبس الصحفيين فى حالة التمييز أو حرمة الحياة الخاصة قد وضعت باتفاق مع نقيب الصحفيين وبعض قيادات المجلس الأعلى للصحافة، وأنه دار نقاش بين قيادات الخمسين مع النقيب وبعض الصحفيين الممثلين باللجنة ومع قيادات المجلس الأعلى للصحافة، وقد وافق النقيب وقيادات المجلس الأعلى للصحافة على دسترة حبس الصحفيين. والمؤسف أيضا أن فكرة دسترة حبس الصحفيين تعود لنقابة الصحفيين أيام حكم الإخوان، حيث تم تشكيل لجنة لإعداد مواد حرية التعبير لكى تتقدم بها النقابة للجنة المائة التى وضعت دستور جماعة الإخوان، وقد تشكلت اللجنة من بعض الكتاب الصحفيين وشيوخ المهنة مع بعض القانونيين، وانتهت هذه اللجنة للأسف الشديد بدسترة حبس الصحفيين تحت دعوة: تيجى مننا اخف ما تيجى منهم». وقد انتبهت لجنة المائة للتنازلات التى قدمتها نقابة الصحفيين وقامت بفرض العقوبات الثلاث الشهيرة: الوقف والغلق والمصادرة، والتى سبق ووضعتها اللجنة فى المادة 13 من مسودة المبادئ التى وضعتها جماعة الإخوان بعد ثورة 25 يناير ووقع عليها 40 حزبا. دارت الأيام وتولى بعض الكتاب وشيوخ الصحفيين، الذين شاركوا فى دسترة حبس الصحفيين، مناصب فى النقابة وفى المجلس الأعلى للصحافة، وللأسف كما سبق وذكرنا استشارتهم لجنة الخمسين فى دسترة حبس الصحفيين فى قضايا: التمييز وحرمة الحياة الخاصة، وقد وافقوا على هذه الكارثة التى لم تشهدها الصحافة طوال تاريخها. المدهش أن شيوخ الصحافة الذين شاركوا فى هذه الجريمة البشعة روجوا بين مريديهم أنهم أنقذوا ما يمكن إنقاذه، وأنهم نجحوا، ونقيب الصحفيين معهم، فى منع ما هو أخطر وأعقد، ولم يدرك شيوخنا وأساتذتنا أن قبول مبدأ الحبس هو انتكاسة فى حد ذاته، كما أن الأوضاع تتساوى فى النهاية سواء كان الحبس فى تمييز(وهى كلمة مطاطة) أو فى حرمة الحياة الخاصة أو فى قذف وسب أو فى إهانة رموز ومؤسسات الدولة. السادة الذين شاخوا لم ينتبهوا إلى أن أولادنا الصحفيين الشباب هم الذين سيزج بهم إلى السجون تحت أى عنوان أو تهمة وبالدستور. لهذا أطالب شباب الصحفيين بأن يقفوا فى النقابة وأمام المجلس الأعلى للصحافة ويرفضون تقييد شيوخ الصحفيين لمستقبلهم، أن يدينوا موافقة أساتذة الصحافة الكبار على الزج بهم إلى السجون تحت مصطلحات مطاطة، أطالب شباب الصحفيين أن يدافعوا عن مستقبلهم ومستقبل الصحافة وحرية التعبير التى تخلى عنها الكبار والشيوخ لاعتبارات مختلفة.