3 أشهر ونصف الشهر، هى عمر ثورة 30 يونية التى استطاعت أن تعزل الرئيس السابق محمد مرسى، عاشت مصر خلالها بين نيران عناد جماعة الإخوان المسلمين وأمل البناء عقب الثورة، وظهر رعاة لعدة مبادرات ومصالحات بين القيادة السياسية الحالية التى تريد تهدئة المجتمع كى تتمكن من تنفيذ خارطة الطريق دون تشويش وبين جماعة الإخوان المسلمين وتابعيها الحالمين بالعودة الى حكم مصر. تنوع رعاة المبادرات والمصالحات من أشخاص اعتبارية مروراً بجهات إقليمية وصولاً إلى مستوى دولى، ولكن النتيجة بين كل الجهات سواء. فالفشل كان حليف أى مصالحة تطفو على السطح. رصدنا عدد المبادرات التى خرجت خلال الثلاثة أشهر وبعض الآراء السياسية التى ترى أن فشلها يعود إلى تمسك الجماعة بنقاط من الصعب تحقيقها لأنه لا عودة لما قبل 30 يونية. انقسمت المبادرات إلى مرحلتين فاصلتين بالنسبة للجماعة الإخوانية، فمرحلة ما قبل فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة اختلفت كثيرا، فى حين قبول المبادرات لدى الإدارة السياسية انقسم أيضا ما بين قبل مرحلة أحداث رمسيس و6 أكتوبر وأعمال العنف التى قادتها الجماعة وما بعدها، حتى إن الإرادة الجماهيرية أيضا أصبحت ترفض التصالح مع الجماعة التى تصيب مصر بجراح مستمرة. الملاحظ أنه ظلت عودة مرسى للحكم هى حجر عثرة فى طريق أى مبادرة تسعى إلى النجاح نتيجة رفض القيادة العسكرية التغيير فى أى من بنود خارطة الطريق. مبادرة حزب النور- 8 يوليو طرح حزب النور السلفي مبادرة للمصالحة بين القوى السياسية وحل الأزمة، في 8 يوليو الماضى، ونصت على تشكيل لجنة حكماء للمصالحة برعاية الأزهر، ووضع خطة جديدة يتوافق عليها جميع القوى السياسية والقوات المسلحة. وكعادة مبادرات حزب النور منذ حكم الإخوان لم تحظ المبادرة بأي اهتمام. مبادرة آشتون «الأولى» في إطار المتابعات الدولية للشأن المحلى بمصر زارت مسئولة الشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون مصر فى منتصف يوليو الماضى لأول مرة منذ عزل مرسي، والتقت الرئيس عدلي منصور، وأعضاء في حكومة الببلاوي، بجانب قوى سياسية أخرى، وكذلك الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء السابق، ومحمد علي بشر وعمرو دراج القياديين بجماعة الإخوان. وفي ختام زيارتها دعت للإفراج عن مرسي. مبادرة هشام قنديل 25 يوليو طرح الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء السابق، مبادرة لتسوية الأزمة بعد الدعوات إلى الاحتشاد في الميادين قبل نزول المواطنين للشوارع والميادين بيوم واحد، تلبية لدعوة الفريق أول عبدالفتاح السيسي في 26 يوليو الماضي لتفويض الجيش بالحرب على الإرهاب. وشملت مبادرة قنديل 3 مراحل، أبرزها أن يكون هناك فترة تهيئة أجواء وتهدئة من الطرفين، تشمل الإفراج عن جميع المعتقلين الذين تم القبض عليهم بعد 30 يونية، تجميد جميع القضايا، ووقف تجميد الأموال، تهدئة إعلامية من الطرفين، عدم الخروج في مسيرات والالتزام بأماكن محددة للتظاهر. ولم تحظ المبادرة بأي قبول. مبادرة محمد سليم العوا 27 يوليو كان لها نصيب إعلامى كبير بين المبادرات الأخرى واستطاعت جذب الانتباه إليها، حيث طرح الدكتور محمد سليم العوا، المرشح السابق في انتخابات رئاسة الجمهورية، والمستشار طارق البشري الفقيه الدستوري ورئيس لجنة التعديلات الدستورية فى مارس 2011، مبادرة جديدة للخروج من الأزمة السياسية وتضمنت استنادا للمادتين 141 و142 من الدستور يفوض رئيس الجمهورية سلطاته الكاملة، لوزارة مؤقتة جديدة يتم التوافق عليها في أول جلسة سياسية. إضافة إلى أن تدعو الوزارة المؤقتة في أول اجتماع لها لانتخابات مجلس النواب خلال 60 يوما، وعقب الانتخابات تشكل وزارة دائمة. وعليه يتحدد إجراءات انتخابات رئاسية وفقاً للدستور، فضلاً عن إجراء التعديلات الدستورية المقترحة. وانضم إليها عدد من السياسيين وعلى رأسهم حزب النور إلا أنها لم تلق اهتماما هى الأخرى. مبادرة إقليمية دولية- 4 أغسطس كما زار وفد إقليمي دولي مكون من وليام بيرنز، نائب وزير الخارجية الأمريكي، وبرناردينيو ليون، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط، ووزيري خارجية قطر والإمارات، خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، في محبسه بسجن طرة. وخلال الزيارة حاول الوفد إقناع نائب المرشد بفض اعتصامي «رابعة العدوية» و«نهضة مصر» سلميًا، لكن فشل الوفد في التوصل إلى حل. مبادرة زياد بهاء الدين وبين مبادرات السياسيين تقدم الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس مجلس الوزراء، بمبادرة تتضمن تلازم المسارين الأمني والسياسي، وهو ما يعنى أن الإجراءات الأمنية التي تحارب العنف والإرهاب والتطرف سوف تستمر، وبالتوازي سيكون هناك مسار سياسي واضح تلتزم به الحكومة أمام مواطنيها. وفي المجمل فإن عناصر المبادرة التي طرحها بهاء الدين تتضمن 12 بندا، أبرزها التزام جميع الأطراف الراغبة في الانضمام إلى المبادرة بنبذ العنف والتحريض عليه دون تحفظ أو شروط. وتلزم المبادرة الحكومة برفض العزل أو الإقصاء لأي تيار سياسي أو فكري من الساحة السياسية، ومن المشاركة في التنافس الديمقراطي، طالما كان ملتزما بالقانون وبخارطة الطريق. ولم تلق المبادرة أي صدى وأصبحت حبيسة الأدراج إلى الآن. مبادرة «آشتون» الثانية للمرة الثانية لها خلال أسبوعين، زارت كاثرين آشتون الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، مصر في 28 يوليو الماضي، والتقت الطرفين. التقت آشتون خلال الزيارة الرئيس المعزول محمد مرسي، وقالت إنه في مكان آمن، ويعامل بشكل حسن، إلا أنها تراجعت عن دعوتها السابقة بالإفراج عنه. وقبل مغادرة القاهرة، طالبت آشتون باستكمال عملية التحول الديمقراطي وعملية انتقالية سياسية والمصالحة بين الاطراف المعنية مبادرة الأزهر الشريف كانت المبادرة الفاصلة بين أحداث فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة وبعدها، فقبل الفض بنحو 3 أيام ظهرت مبادرة الأزهر الشريف التى طرحت لتعلن نفسها جامعة ودارسة لكل المبادرات التى ظهرت على الساحة السياسية، وبالفعل وافق عليها عدد من السياسيين والأحزاب. وفى ذلك الوقت أعلن الأزهر دراسة جميع المبادرات دون استثناء أو إقصاء لأحد مشيرا إلي أن بعض المبادرات تضمنت بنودا من شأنها عرقلة أي تقريب بين وجهات النظر وأنه سيتم استبعاد تلك البنود بالتشاور مع جميع الأطراف خلال لقاء السياسيين لبحث ما يمكن البناء عليه والوصول إلي صيغة توافقية للإسراع بتحقيق المصالحة الوطنية. ولكن تطور الوضع وتلاشت المبادرة مع اقتحام ميدان رابعة العدوية وفض اعتصام مؤيدى مرسى به ورفضت الجماعة الجلوس الجماعات الإسلامية 28 أغسطس بقيادة عبود الزمر وعدد من قيادات الجماعة طرحت الجماعة الإسلامية مبادرة ووافق عليها التحالف الوطني لدعم الشرعية لإنهاء الخلاف بين مؤيدي مرسي والسلطة الحالية وفرضت المبادرة مبدأ أساسياً وهو «عودة الشرعية»، وكانت تهدف إلى وقف نزيف الدماء والتفاوض، ووقف التحريض الإعلامى من الطرفين، والابتعاد عن الكلام فى السياسة ووقف المظاهرات من قبل تحالف دعم الشرعية تمهيدا لإجراء مفاوضات بين الجيش والشرطة والإخوان. وذلك بحسب رؤية بعض قادة التيار الإسلامى، وهى المبادرة التى لم تلق أى تأثير بجانب بعض الشائعات التى أحيطت بها من حيث موافقة الجيش عليها ولكن الجيش نفى الأمر برمته. مبادرة «آشتون» الثالثة طالبت كاثرين آشتون مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في زيارتها الثالثة لمصر 2 أكتوبر الجاري، وفد التحالف الوطني لدعم الشرعية، بأن يكونوا أكثر مرونة في حوارهم، كما التقت بمسئولين حكوميين. ولكن تمسك الدكتور محمد علي بشر وعمرو دراج القياديان بالإخوان المسلمين، بالاعتراف بشرعية الرئيس المعزول محمد مرسي كشرط للحوار. وعلى إثر ذلك عادت آشتون للمرة الثالثة دون أى انجاز لها فى تحقيق المصالحة بين الأطراف السياسية بمصر نافية التقدم بوساطة رغم لقاءاتها بهم. مبادرة د. أحمد كمال أبو المجد وخلال الأسبوع الماضى خرجت تصريحات عددية تفيد بظهور وساطة جديدة بين الإخوان والإدارة السياسية بقيادة الفقيه القانوني أحمد كمال أبو المجد، الذى أصدر بيانا عاجلا، حدد فيه خمسة شروط حتى يمكن استئناف حوار وطني جاد حول ما ينبغي أن تلتزم به جميع القوى الوطنية في المرحلة الانتقالية. ووضع أبو المجد على رأس قائمة الضمانات لنجاح الحوار أهمها «أن تؤكد جماعة الإخوان المسلمين من خلال بيان واضح التزامها بالتوقف عن سياسة التصعيد الإعلامي والإعلاني». واعتبر أبو المجد أن نجاح هذا السعي المشترك يستدعي تقديم تنازلات وضمانات، في مقدمتها الاعتراف بسلطات الحكم الثوري القائم، والتعاون معه في كل ما يعين على الخروج من الأزمة. ولكن جاءت النتيجة كما سابقاتها وفشلت مبادرة أبو المجد التى حازت بنصيب إعلامى كبير. مبادرة مرجان سالم أمس الأول خرج الشيخ مرجان سالم القيادى بالسلفية الجهادية، معلنا عن مبادرة جديدة للخروج من الأزمة التى تمر بها مصر، تتلخص في التنازل عن المطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي لمنصبه مرة أخرى، مقابل وقف السلطات لحملة الاعتقالات التي تشنها في صفوف رافضي «الانقلاب». وتتلخص المبادرة فى مرونة كل الأطراف وتقديم تنازلات، بحيث يتنازل تحالف دعم الشرعية عن عودة الرئيس المعزول محمد مرسى، مقابل تراجع الجيش والسلطة الحاكمة عن الاعتقالات العشوائية والممنهجة، والإفراج عن المعتقلين، معتبرا أن تلك التنازلات بادرة لحوار حقيقى. إضافة إلى تشكيل لجنة من الحكماء والعقلاء فى مصر للتوسط بين الطرفين للجلوس على مائدة الحوار، وتصفية الخلافات والوصول إلى حل للأزمة. سياسيون: تجاهل إرادة الشعب وراء فشل مبادرات حل الأزمة كتبت - دعاء البادى: أرجع عدد من السياسيين فشل المبادرات التى طُرحت طوال الفترة الماضية لحل الأزمة السياسية الراهنة، إلى تجاهل إرادة الشعب الرافض لأى تصالح مع جماعة الإخوان المسلمين. وأكد الساسة فى تصريحات ل«الوفد»، أن «الإخوان» يسعون لتحقيق أقصى المكاسب لذا لم يوافقوا على أى من المبادرات التى طرحت سواء من قبل منتمين للتيار الإسلامى كحزب النور أو ليبراليين أو مستقلين. أرجع وحيد الأقصرى، رئيس حزب مصر العربى الاشتراكى، فشل جميع المبادرات التى طرحت لحل الأزمة السياسية الراهنة، إلى عدم تعبيرها عن إرادة المصريين الذين يرفضون أى تصالح مع جماعة الإخوان المسلمين. وتساءل مستنكراً: «كيف يقبل الشعب المصرى التصالح مع من قتله وهدده وروعه؟»، موضحاً أن «الإخوان» يتبعون أسلوب إظهار ما لا يبطنون بمعنى أنهم يعلنون أنهم لا يمليون لعقد مبادرات مع القيادة السياسية الحالية لكنهم فى الوقت نفسه يسعون إليها من خلف الستار. وأكد رئيس حزب مصر العربى الاشتراكى، ضرورة وضع الإخوان المسلمين فى حجمها الطبيعى الذى لا يتعدى تأثيره غير أعضائها، مشيراً إلى أهمية اتباع سياسة النفس الطويل مع الجماعة. وقال محمد أبو حامد، عضو مجلس الشعب السابق، إن مبدأ المبادرات مرفوض من الأساس، معتبراً إياها نوعاً من الاستفزاز للإرادة الشعبية، فالجماهير تطالب بمحاكمة النظام الإخوانى وحل الجماعة، متوقعاً عزلها شعبيا حتى لو لم تقم الحكومة بحظرها. وأضاف «قوبلت مبادرة كمال أبو المجد الأخيرة بسخط لأنها لا تعبر عن ارادة الشعب»، وتابع « من المعروف علاقة أبو المجد بالإخوان، وكل ما يقوم به محاولة لإنقاذهم وليس لصالح الوطن كما أن رد فعل الجماعة أيضا يؤكد أن البعد عن مصالحتهم بات أمرا ضروريا فهناك إصرار على عودة رئيسهم المعزول». وفى نفس الإطار قال الدكتور خالد علم الدين، المستشار السابق لرئيس الجمهورية المعزول والقيادى بحزب النور: إن هناك أسباباً عديدة لفشل المبادرات التي تقدم من بعض السياسيين خلال الفترة الأخيرة، وأبرزها يتلخص فى فقدان تلك الأطراف الساعية لحل توافقى لطرح رؤية سياسية تحقق أهدافا واضحة أو ضمانات هامة من جانبهم لتنفيذ بنود مبادراته. وبرر «علم الدين» فشل المفاوضات والوساطات المختلفة بأن قيادات «الإخوان» التى تجلس على مائدة الحوار مع أى طرف سياسي لا تملك حق التفاوض، فضلا عن أن المتقدمين بمبادرات سياسية غير قادرين على فرض رؤيتهم ولا يملكون تمثيلا شعبيا لهم أو كلمة مسموعة لدى الإدارة السياسية. وأكد وجود حالة من الانقسام الحاد بين فئات المجتمع، مشيراً إلى تنامى قلق من جانب بعض قيادات الجماعة تجاه مصارحة أفرادها بطبيعة الموقف الراهن كونه سيعد صدمة حقيقية لهم بعد تصدير الطموحات والأمانى الكاذبة لمؤيديهم. وطالب علم الدين الجميع بتقديم تنازلات فى حال الجلوس على أى مائدة حوار وعدم فرض شروط مسبقة.