إجازة المولد النبوي الأقرب.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    بمنتصف التعاملات بالبنوك..تعرف علي سعر اليورو اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    أمين خارجية "المصريين": استقبال رئيس الوزراء الفلسطيني عند معبر رفح يؤكد استمرار دور مصر المحوري تجاه القضية الفلسطينية    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بالتدخل لفك الحصار عن مدينة الفاشر    الزمالك يناشد رئاسة الجمهورية بعد سحب أرض اكتوبر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    رحيل الدكتور يحيى عزمي أستاذ معهد السينما.. وأشرف زكي ينعاه    مدير أوقاف الإسكندرية يتابع لجان اختبارات مركز إعداد المحفظين بمسجد سيدي جابر    والد الطفل «حمزة» يكشف اللحظات الأخيرة في حياته بعد تناول وجبة سريعة التحضير (التفاصيل)    طبيب الأهلي يكشف حالة إمام عاشور ومروان عطية قبل مواجهة المحلة    وزير الثقافة: معرض «صوت مصر» يقدم صورة متكاملة عن أم كلثوم كقيمة خالدة في الضمير الوطني والعربي    رئيس الرعاية الصحية: بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    جولة تفتيشية للوقوف على انتظام حركة التشغيل في مطاري الغردقة ومرسى علم    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    ميدلزبره يقترب من ضم موهبة مانشستر سيتي    بلتون للتمويل العقاري تصدر أول توريق بقيمة 1.32 مليار جنيه    قرار جمهوري.. ماجد إسماعيل رئيسًا تنفيذيًا لوكالة الفضاء بدرجة وزير    الأرصاد: فرص أمطار رعدية على حلايب ونشاط رياح بكافة الأنحاء يلطف الأجواء    وزارة النقل تناشد المواطنين التوعية للحفاظ على مترو الانفاق والقطار الكهربائي    قرار جديد من وزارة الداخلية بشأن إنشاء مركز إصلاح (نص كامل)    البورصة تواصل ارتفاعها.. وانخفاض ربحية شركة كونتكت بنسبة 17%    روسيا تعلن استعدادها لتسليم 31 شخصا إلى أوكرانيا ضمن اتفاق تبادل المواطنين    وزيرة التخطيط والتعاون تتحدث عن تطورات الاقتصاد المصري في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية    غداً الأربعاء .. أوس أوس ضيف برنامج "فضفضت أوى" على watch it    الأردن: عبور 85 شاحنة محملة بالمواد الإغاثية إلى غزة    واعظة بالأزهر: الحسد يأكل الحسنات مثل النار    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    كامل الوزير: تشغيل خطوط إنتاج الأسمنت المتوقفة وزيادة القدرات الإنتاجية    وزير الري: تطوير مؤسسي ومنظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ    حسن عابد مديرا لبطولة أفريقيا ل شباب الطائرة    جولة للجنة التفتيش الأمنى والبيئى بمطارى مرسى علم والغردقة الدوليين    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    80 قطارًا.. مواعيد انطلاق الرحلات من محطة سكك حديد بنها إلى المحافظات الثلاثاء 19 أغسطس    وزيرا السياحة والإسكان ومحافظ الجيزة يتابعون مستجدات المخطط الاستراتيجي لتطوير منطقة سقارة    وزير العدل من البحيرة: نعمل علي تطوير ورفع كفاءة دور العدالة    استكمال أوراق الشهادات المعادلة العربية بجامعة بنها الأهلية (للمتقدمين إلكترونيًا فقط)    كامل الوزير يستقبل سفير الهند بالقاهرة لبحث التعاون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    5 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي لمحافظ البنك المركزي    عماد أبوغازي: هناك حاجة ماسة لتغيير مناهج التاريخ فى الجامعات    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    ضبط ترسانة أسلحة بيضاء ومواد مخدرة متنوعة بمطار القاهرة الدولي (صور)    بعد إلغاء تأشيرات دبلوماسييها.. أستراليا: حكومة نتنياهو تعزل إسرائيل    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ضرائب والدي بعد وفاته    أبرز تصريحات لقاء الرئيس السيسي مع الشيخ ناصر والشيخ خالد آل خليفة    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    جمال الدين: نستهدف توطين صناعة السيارات في غرب بورسعيد    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    سعر الزيت والمكرونة والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب بدرخان يكتب : "جنيف 2" للابتزاز: إما النظام وإما «القاعدة»!
نشر في الوفد يوم 17 - 10 - 2013


عبدالوهاب بدرخان
لسورية مصلحة في «حل سياسي»، لكن ليس الحل الذي يُطبخ حالياً على أساس أن النظام قدّم في «صفقة الكيماوي» أوراق اعتماده ثانيةً الى القوى الدولية ليستمرّ حاكماً لسورية. في أسوأ الأحوال أو في أحسنها لا يمكن أن يوجد حل إلا اذا قدّم النظام تنازلات جذرية وملموسة تتعلّق ببنيته الأمنية - الاستخبارية - العسكرية، وأي شيء أدنى من هذا المنطق سيكون مجرّد حرث في الخواء.
أقلّ من شهر يفصل عن الموعد الذي حدّدته الأمم المتحدة لعقد مؤتمر «جنيف 2». هذا موعد مبدئي، لسببين على الأقل: الأول، لأن صيغة الحل التي يطرحها النظام وتؤيدها روسيا وإيران (وقد تحبذها الولايات المتحدة بعد تراخي شروطها) تبدو مسبقاً وصفة لفشل ذريع سريع. والثاني، لأن تمثيل المعارضة يستلزم وقتاً لتفكيك تعقيداته، فمن الواضح أن المشكلة هي مع من يمثلهم «الائتلاف» و «المجلس الوطني»، وإلا لما طُرحت أصلاً فكرة مؤتمر في جنيف. اذ إن بعض «المعارضة الداخلية» المدجّنة مشارك في الحكومة الحالية، أي لا مشكلة بينه وبين النظام، واذا وجدت يمكن حلّها في دمشق. ولا شك في أن هناك معارضين في الداخل لكنهم لم يشاركوا في الثورة ولم يضعوا أنفسهم في سياقها، وليس غبناً لهم ألا يُدعَوا الى جنيف، بل الغبن في أن يُدعَوا ليمثّلوا أدواراً ترسمها لهم أجهزة النظام وإيران التي استقطبت الكثيرين منهم. ومهما اتّهم «الائتلاف» (أو «المجلس» أو حتى «تكتل الإخوان») بالانفصال عن الواقع لأن خريطة تمثيله على الأرض أصبحت ضبابية، إلا أن النواة الحقيقية للثورة بجناحيها المدني (المجالس المحلية) والعسكري (الجيش الحر) ترى في «الائتلاف» معبّراً عنها على رغم مآخذها الكثيرة عليه. واذا لم تعطِه تفويضاً كاملاً، فإنه محكوم ب «ثوابت» جرى تأكيدها مراراً ولا يستطيع أن يحيد عنها.
كان بيان جنيف (30 حزيران/ يونيو 2012) حدد ركيزة الحل السياسي بكلمات أربع، هي: «جهاز تنفيذي بصلاحيات كاملة»، لا تزال المحدد الرئيس لأي حل. طبعاً دار جدال حول تفسير ما تعنيه «الصلاحيات الكاملة»، وعمل النظام وحليفاه الروسي والايراني طوال خمسة عشر شهراً لإثبات أن تنحي بشار الأسد ليس جزءاً من الحل، وبذلوا لأجل ذلك جهوداً لتغيير المعادلة الميدانية لم تكن معارك القصير وحمص سوى الجانب المرئي منها. أما الجانب الآخر السرّي، فكان أعمق تأثيراً، اذ مكّنهم من استثمار اختراقاتهم لمناطق سيطرة المعارضة. ساعدتهم في ذلك الدول المناوئة للنظام (عن قصد أو عن غير قصد)، ففي الوقت الدقيق الحاسم الذي كان يجب أن يُخصّص لتطوير قدرات المعارضة عسكرياً ومالياً (النصف الأول من 2013) أشهرت الولايات المتحدة الشكوك والتردد وضغطت على الدول الصديقة لتغليب التريث وإبطاء التعزيزات النوعية.
في هذا الوقت تحديداً فُتحت كل الخطوط لإدخال مزيد من العناصر والأسلحة والمعدّات ليتمكّن تنظيم «الدولة الاسلامية للعراق والشام» (داعش) من الاعلان عن نفسه جزءاً لا يتجزّأ من «الثورة». والواقع أنه وجد دروبه بسهولة الى الداخل السوري من أجل هدف واحد هو تخريب الحالة الثورية. فحتى «جبهة النصرة»، التي سبقته الى هناك ونشطت على الجبهات، تغيّر سلوكها كلياً بعدما أصبحت «داعش» منافساً مباشراً على الأرض. وعلى رغم خلاف علني نشب بين زعيميهما («أبو بكر البغدادي» و «أبو محمد الجولاني»)، إلا أنهما بقيا مرتبطين بمرجعية زعيم «القاعدة» أنور الظواهري الذي ألزمهما بالتعايش وعدم التقاتل، فكان أن نشأت حال من التداخل بينهما. وإذ يشير معارضون الى أن مقاتلي «النصرة» (معظمهم سوريون) يواصلون القتال في بعض الجبهات مندمجين مع مقاتلين ذوي انتماءات متعددة، إلا أن وجود «داعش» دفعهم الى تغيير تكتيكاتهم فراحوا ينفردون بعمليات مريبة لا ينسّقون فيها مع «الجيش الحر»، كما في اشتباكهم مع أكراد الحسكة، أو في اعتدائهم على بلدة معلولا المسيحية، وهي مريبة لأنها أساءت الى المعارضة ورتّبت مكاسب خالصة للنظام.
أما مقاتلو «داعش» فتخصصوا منذ دخولهم بالسيطرة على المناطق التي كان «الجيش الحر» وفصائل معارضة اخرى أبعدت عنها سطوة النظام. ثم استهدفوا نشطاء طالما تمنى «شبيحة» النظام التخلّص منهم، وأخيراً أصبحوا يعملون على طرد جنود «الجيش الحر» من بعض البلدات. لم يشاركوا في أي معارك ضد النظام وإن سُجّل لهم دور في عملية اختراق ريف اللاذقية (أوائل آب/ أغسطس الماضي) التي لم يكن «الائتلاف» و «الجيش الحر» موافقين عليها بسبب تداعياتها الطائفية. وعلى رغم توسّع رقعة انتشارهم، تجنّبتهم قوّات النظام ومروحيّاته ومدفعيته، لأن الدور التخريبي البشع الذي يقومون به يطابق تماماً ما يمكن أن يقوم به النظام نفسه، كما لو أن أحد ضباط أجهزته يوجّه تحركاتهم. من ذلك، مثلاً، أن محافظة الرقّة التي كانت الأكثر ولاءً للنظام الى شهور قليلة مضت، ثم انقلبت بعدما أصبحت محاطة بمناطق منخرطة في الثورة، تستعيد اليوم هذا الولاء لكن تحت سيطرة «داعش»، ومع أنها تحوّلت لفترة ملاذاً لعائلات معارضة جاءت من مدن وبلدات محاصرة، إلا أن ارهابيي «داعش» جعلوها منطقة طاردة للمعارضين بعدما بالغوا في اعتقال واستهداف الكثيرين منهم كما لو أنهم ينفذون أوامر مصدرها دمشق.
لا غموض لدى قيادة «الائتلاف» وسائر المعارضين، فالظاهرة التي تشكّلها «داعش» وأخواتها صنّعها النظام تصنيعاً بمساهمة ايرانية وعراقية ومشاركة روسية (بعناصر شيشانية)، ما دفع أيضاً جهات خارجية اخرى الى دخول بازار الاختراقات أقلّه لتعرف مَن هناك وما الذي يجري. فالنظامان السوري والايراني خبرا جيداً تنظيم «القاعدة» وتشعّباته منذ استضافا فلوله بعد غزو افغانستان 2002 وخصوصاً باستخدامهما عناصره بعد الغزو الاميركي للعراق في 2003. وقد أدرك النظامان، في أقل تقدير، أن تنظيم «القاعدة» وصفة تخريب جاهزة، ولا داعي لإرشاده أو توجيهه، بل يكفي زرعه وتأمين بعض التسهيلات له، وهو كفيل في ما بعد بالقيام بما يلزم لأن لديه أسلوب عمل واحداً: السيطرة حيث لا توجد سلطة دولة، والانتقال فوراً الى اقامة إمارة اسلامية. وهكذا أقحم النظام جسماً غريباً على المجتمع السوري في المناطق التي خسرها، ووجدت قوى المعارضة نفسها أمام حربين مفروضتين عليها في آن، فإمّا محاربة النظام فيما يقضم الارهابيون مواقعها ومكاسبها، وإمّا محاربة تنظيم «القاعدة» فيما يستعيد النظام مواقعه منها.
لا شك في أن التركيز السياسي - الاعلامي من جانب النظام وحلفائه على الفصائل الجهادية المتطرّفة يرمي الى شيطنة شياطين تولّوا إنزالها في مهمة تتعلّق باستدراج حلّ سياسي يعرفون أن ظروفه لم تنضج بعد. ولا يعني مصطلح «جنيف 2» الشائع سوى أن المؤتمر المزمع سيخضع بالضرورة لمعايير مختلفة إن لم تكن معاكسة ل «جنيف 1»، وذلك بناء على المعطيات الجديدة على الأرض. أي أن النظام وحلفاءه يطرحون على المعارضة خيارين: إما العودة الى مظلّته والولاء له، وإما الخضوع لحال افغانية - صومالية مرشحة للتفاقم لأن النظام سيعرف كيف يستغلّها كلياً ضد المعارضة. ما يعني أن «جنيف 2» لن يسعى عملياً الى «حكومة انتقالية» أو الى نقلٍ للسلطة، بل الى ابتزاز آخر: إما النظام وإما «داعش». قد تجد الدول الكبرى أن الخيار واضحٌ أمامها بفعل الأمر الواقع هذا، ولا يهمها حقاً أن هذا هو الحل السياسي المنشود أم لا. أياً تكن الظروف، فلا مصلحة للشعب السوري في «جنيف 2» طالما أنه سيكرّس الاهانة التي تحمّلها ورفضها طوال خمسين عاماً.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.