فى رحاب الكعبة رأيت جموع المسلمين يربطهم رابط واحد وهو حسن المعاملة والحرص الشديد بين الجميع دون استثناء، وروح التسامح هى التى تعلو وتجمع قاصدى بيت الله الحرام.. الجنسيات مختلفة عربية من أفريقيا وأوروبا وآسيا وأمريكا وحتى استراليا، شدهم جميعاً البيت العتيق فى تظاهرة إسلامية لا تحدث أبداً لو أن أحداً مهما كان شأنه يريد جمعهم.. الكل خلع انتماءه الوطنى أو السياسى وتوحد خلف هدف واحد هو أداء الشعيرة المقدسة التى فرضها الله لمن يستطيع. فى هذا الجو الأكثر من رائع انتابنى حلم كبير، لو تحقق لعادت الريادة الى أمة العرب وتمكنت من صد كل المؤامرات التى تحاك ضدها من الصهيونية العالمية.. حلم توحد الأمة العربية ليس عسيراً أو صعباً ويحتاج فقط الى التخلى عن الأنانية والعمالة للآخر الغربى الأمريكى، فلو أن جميع الدول العربية كان ولاء حكامها الى أوطانهم وشعوبهم والعمل من أجل المصلحة العليا لبلادهم، لأصبح حلم التوحد حقيقة. فى تجمع الحجاج لأداء الفريضة، يلتف الجميع حول هدف واحد هو أداء المناسك، ولا يشغلهم شاغل سوى رضا الله عنهم، وهذا فرض على كل مسلم، وهذا الحرص الشديد يدفعنى الى أن أطرح التساؤل التالى: ولماذا لاتتوحد كلمة الأمة العربية حول هدف واحد، طالما هم يتوحدون كل عام فى موسم الحج؟! وأمام الكعبة فى البيت الحرام ألح علىَّ هذا السؤال بشدة، وانتابنى الخوف من إفساد الحج، فعدت أدراجى على الفور بالدعاء إلى الأمة العربية والإسلامية بالوحدة، لمقاومة كل المخططات والمؤامرات التى تحاك ضدها، وما أكثرها فى هذه الفترة العصيبة من الزمن وهتفت بداخلى.. يارب أنت القادر على جمع كل هؤلاء البشر، بلغات ولكنات مختلفة، وأنت القادر على وحدتهم بهذا الشكل الرائع كل عام، فاجمع أمتى العربية على قلب رجل واحد فى موسم الحج وبعد وقبل الحج.. فمصلحة الأمة العربية فى جمعها وترابطها لا تفرقها وتشرذمها.. الكل فى موسم الحج يتخلى عن أنانينه وذاتيته والتجربة تتكرر كل عام، فلماذا لا يحدث ذلك على مدار العام؟!.. ولماذا يتفرق الحجاج بعد أداء الشعيرة كما تجمعوا أثناءها؟!.. وإذا كان الحكام العرب كل يعمل من أجل مصلحته وولائه للآخر الذين لا يريد إلا تحقيق مصلحته فقط، فلابد أن تتوحد شعوب الأمة العربية والإسلامية وساعتها لابد أن ينصاع الحكام لرغبة الشعوب. وكلنا يسعد فى الوحدة والتجمع والروابط الجميلة أثناء الحج، وسرعان ما تضيع هذه الروح الرائعة بعده. مشروع الوحدة العربية والإسلامية بات ضرورة ملحة فى ظل هذه الأجواء المفعمة بالأخطار والمصائب التى تلاحق الدول العربية بلا استثناء.. فالغرب وأمريكا وإسرائيل جمعهم رابط واحد وهو الصهيونية التى تريد النيل من العرب والإسلام، فلماذا لا نواجه ذلك بالتوحد والترابط، ولدينا تجربة حية كل عام فى موسم الحج، فالغرب نفسه لا يمكن أن يتوحد بهذا الشكل كما نتوحد أثناء أداء شعائر الحج.. الغرب توحد على ضربنا وضعفنا، ونحن نتوحد فى أيام قليلة كل عام ولا نستطيع أن نعيش هذه التجربة طوال العام. ما أحوجنا فى ظل هذه الظروف الصعبة أن تتوحد إرادتنا وعزيمتنا كما تتوحد فى موسم الحج وأداء شعائره.. اللهم وحد إرادة الأمة العربية والإسلامية دوماً وليس فى موسم الحج فقط.