جدل في الدوائر السياسية والاقتصادية في مصر وأمريكا اليوم، بسبب مقترح أعضاء مجلس النواب الأمريكي، صاحب الأغلبية الجمهورية، بوقف بعض المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية للقاهرة "المعونة"، في توقيت اعتبره بعض الساسة محاولة أمريكية بائسة للي ذراع مصر من أجل تحقيق أهداف لواشنطن ترفضها الحكومة المصرية. في هذا الصدد قال الدكتور فخري الفقي، وزير المالية في حكومة الوفد الموازية، ومساعد مدير صندوق النقد الدولي السابق، إن مجلس النواب الأمريكي اقترح على الرئيس أوباما تنفيذ مشروعه لتحسين الرعاية الصحية وبالتالي يتطلب الأمر وفقا لاقتراح النواب صاحب الأغلبية الجمهورية ضرورة تقليص المعونة التي تصرف للدول الخارجية من أجل تغطية مصروفات الرعاية، منها مصر. المعونة واتفاقية السلام: وأكد الفقي أن وقف المعونة يخل باتفاقية السلام التي أبرمتها مصر مع إسرائيل برعاية أمريكية خاصة أن واشنطن التزمت خلالها بمساعدات تقدمها للبلدين في حالة توقيع الاتفاقية، وفي حالة قطع المعونة بالكامل لن يوجه أحد اللوم لمصر إذا جمدت اتفاقية السلام. وطالب فخري في حالة اتخاذ الولاياتالمتحدة لهذا الإجراء، أن تسلك مصر طريقا جديدا بتنويع مصادر التجارة والمنتجات مع قوى مختلفة عالمية، والتواصل مع كافة الأسواق، مع عدم قطع التواصل مع الولاياتالمتحدة ''لكن بنوع من الاستقلالية''. ورأى فخري الفقي أن لوقف المعونة تأثير يكمن في غلاء أسعار المنتجات الأمريكية المتوردة بالأسواق المصرية، بسبب رفع أمريكا للضمان الذي أقرته من قبل لاستيراد مصر لهذه السلع وبالتالي ستتكفل مصر به مما يرفع من سعر المنتج. وطالب الفقي بضرورة أن يكون هذا الأمر درسا جيدا للمصريين لكي يعملون وينتجون حتى لايحتاجون لمثل هذه المعونات. وبإلقاء الضوء علي المعونة الحالية الأمريكية لمصر تجد أنها نصف في المائة من إجمالي الناتج القومي السنوي أي أنها ذات تأثير محدود علي اقتصاد مصر. وفضلت أمريكا في مقتراحاتها وقفها باستثناء الجزء الخاص بالمعدات التي تؤمن حدود مصر، وتدافع . وأشار الفقي إلى أن المعونة المقدمة من أمريكا لمصر تبلغ 1.55 مليار دولار منها ربع مليار اقتصادية والعسكرية 1.3جزء آخر على شكل معدات عسكرية، بالإضافة إلى 300 مليون ضمان للحكومة الأمريكية في حالة شراء الشركات المصرية لبضائع أمريكية خارج المعونة. وقال الفقي أن الدول العربية صرفت لمصر 12 مليار منها 6 مليار منح 3 نقدية و3 في شكل وقود " بنزين وسولار"، تعادل ما نأخذه من أمريكا 24 ضعف بما يساوي المعونة الأمريكية على مدار 24 عاما. ورأى فخري الفقي أن وقف المعونة الأمريكية يمثل تحررا من سيطرة هيمنة أمريكا على الأسواق المصرية وفرض بعض القرارات عليها. وتمنى أن ألا يكون هذا الإجراء مؤثرا على العلاقات بين البلدين وتستمر العلاقات دون فرض إجراءات تطلبها أمريكا لصالح اقتصادها. وأكد الفقي أن أمر المعونة سيبت في بشكل نهائي يوم 16 أكتوبر المقبل. وأكد خبراء أن تلويح واشنطن بقطع المعونة ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير فدائماً ما تستخدمها الولاياتالمتحدة كورقة ضغط على مصر لتحقيق مصالحها السياسية. ومن ناحيته قال السيناتور الأمريكي "إليوت إنجل" الديمقراطي البارز في لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكي، في عدد من وسائل الاعلام الامريكية إن أي خطة تهدف إلى خفض أو تعليق المساعدات الأمريكية لمصر خاطئة. وأوضح "إنجل" أنه يجب على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تختار جانب الجيش المصري وأن تعمل معه وتتماشى مع نهجه. وأضاف "إنجل" في بيان له "إن قرار مواصلة المساعدات الأمريكية لمصر يجب أن يكون على أساس مصالح أمننا القومي ومصالح خلفائنا في المنطقة." وأشار النائب الديمقراطي إلى أن الخيار إذا احتدم بين العمل مع القيادة العسكرية في مصر أو الإخوان ، حينها يجب ألا نعرض العلاقات التي بنيت منذ عقود طويلة مع الجيش للخطر أو حتى نضعها في مهب الريح. ويرى خبراء أنه في حال قطع المعونة بشكل نهائي عن مصر فإن القوات المسلحة ستفتح تعاملاتها مع جميع دول العالم، خاصة القوي الكبري فيما يتعلق بالتسلح وقطع الغيار والتصنيع. يذكر أن المعونة الأمريكية الحالية كانت مستمرة منذ عام1979 بعد توقيع مصر علي معاهدة السلام مع إسرائيل, وبلغت قيمتها في حدود3.2 مليار دولار, وبدأت الحكومة الأمريكية في تقليل المعونة الممنوحة لمصر منذ عام2002 حتي أصبحت في عام2013، 1.35 مليار دولار تقريبا عبارة عن1,1 مليار دولار معونة عسكرية, والباقي بلغ250 مليون دولار معونة اقتصادية. وتأتي في شكل مبالغ نقدية تسدد للخزانة العامة للدولة, ومعظمها في شكل مواد غذائية, وقطع غيار وتدريب، والمعونة العسكرية تأتي في شكل تدريب عسكري مشترك مثل مناروة النجم الساطع التدريية للجيش المصري والأمريكي أوأسلحة وقطع غيار لمعدات عسكرية. و تستورد مصر من أمريكا في حدود30 مليار دولار سنويا سلع وخدمات اقتصادية وعسكرية, ومن ثم فإن المعونة تكاد تمثل نسبة خصم علي مشتريات مصر من السوق الأمريكية, كما أن المعونة الأمريكية في شكلها الحالي, وهي الشكل العيني, وليس النقدي يحقق مصالح للمصانع والشركات الأمريكية التي تقوم بتصدير منتجاتها لمصر. وقال الدكتور عبد المنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن المعونة الأمريكية تمنح الولاياتالمتحدة عدة مزايا وتسهيلات من أهمها: ضمان التفوق العسكري لدولة إسرائيل, وقيام مصر بشراء معظم صفقات السلاح من أمريكا كذلك حصول أمريكا لتسهيلات في بعض السنوات في عبور قناة السويس, ومن ثم فإن المعونة تصب في مصلحة الاقتصاد الأمريكي, ولتحقيق الاستقلالية بعيدا عن أي أحد.