بمناسبة ذكري مذبحة يونيو 1967، والتي دلعها زعيم الهزائهم باسم النكسة، وأيا كانت التسمية التي أطلقت عليها في ذلك التاريخ، فهي ليست هزيمة بالمعني العسكري، وإنما هي شائنة لمصر ووصمة عار للأمة العربية كلها. لقد عشنا سنوات ما بعد النكسة نتبرأ من مصريتنا وننكر عروبتنا التي لطخها زعيم الهزائم في الوحل. قد يقول المدافعون، إن زعيم الهزائم ليس هو المسئول الأول عن الهزيمة وإنما قادته العسكريون ومستشاروه الفنيون هم الذين كانوا وراء الهزيمة. لا والله.. هذا كلام فارغ، وتبرير سفيه، دائما ما يقال لتخلص المخطئ من مسئوليته، حتي ولو كان في أصغر الإدارات الحكومية أو حتي رئيسا لقلم. فنادراً ما نجد رئيساً أو مسئولا يعترف بخطئه ويترك الميدان وإنما دائما ما يحاول الرئيس إلصاق خطئه بالآخرين. هذه هي طبيعة البشر وخاصة في هذا الزمن التعس. وللحق والحقيقة، فإن الرئيس دائما هو المسئول عن أعمال وأفعال مرؤسيه، طالما أنه هو الذي اختارهم وقربهم وفضلهم علي غيرهم. قد يقال أيضاً إن الثقة التي منحت لمرؤسيه لم تكن في محلها. وليكن.. فهذا أيضاً هو خطأ الرئيس. إن الرئيس، أي رئيس، هو المسئول أولاً وأخيراً عن كافة أعمال مرؤسيه خاصة لو كان هو الذي اختارهم وفضلهم علي غيرهم. هذه هي أبسط قواعد المسئولية. كل المشاكل التي تعيشها مصر كان السبب الأول فيها هو الهزائم والمصائب المتلاحقة التي حلت عليها في عهد الظلام الأسود. هزائم العدوان الثلاثي، هزائم اليمن، هزائم إفريقيا، هزائم سوريا، هزائم الجزائر، هزائم السودان، هزائم السعودية، هزائم جنوب أمريكا، هزائم.. هزائم.. هزائم. كل هذه الحروب والإشكالات التي أقحمت مصر نفسها فيها بلا مبرر مقبول أو منطق معقول. ومع الأسف الشديد لم تخرج مصر من إحداها منتصرة حقاً أو حتي مرفوعة الرأس موفورة الكرامة. كل هذه التدخلات العسكرية والمساعدات المادية كانت نتائجها الفشل بالنسبة لمصر، خاصة وأن حلم قائد الهزيمة الكبير في ذلك الوقت هو خلق إمبراطورية عربية أفريقية يتربع علي رأسها وتمتد من الخليج الفارسي إلي المحيط الأطلسي. هكذا كان يقول. وياليت الخسائر والكوارث والهزائم كانت مقصورة علي النواحي العسكرية والاقتصادية، وإنما ما أصابنا معنوياً وخلقياً وقيميا هو الكارثة الحقيقية التي يصعب علينا بل وعلي أجيالنا القادمة تعويضها أو إصلاحها. إن ما أصابنا من كره لأنفسنا وحقد لبعضنا وأنانية وتسيب وعدم انتماء، كل هذا من جراء الثقة العمياء التي وضعها الشعب في قادته، في ذلك الوقت، ثم تبين له أن قائده لا يساوي شيئاً في معركة فعلية أو أمام عدد حقيقي. لقد كان بطل الهزائم بطلاً علي ورق الصحف والمجلات والإذاعة والميكروفونات. تماما كما يفعل شبيهه الآن، مجنون ليبيا. وكما تسلم قائد الهزائم مصر وهي أم الدنيا وأغني دولة في المنطقة العربية كلها، وكانت خزائنها تفيض بالنقدين المصري والأجنبي وغطاء ذهبي كامل ودائنة لأغلب دول العالم الغربية، تركها خراباً ودماراً لخلفائه تماماً كما يفعل مجنون ليبيا الآن. لقد تسلم ليبيا وهي تسبح علي بحر من البترول وينام شعبها علي فراش من الذهب والفضة واليوم ضاعت كنوز ليبيا في حرب طاحنة بين أبناء الشعب الواحد، كل ذلك طمعاً في بقاء مجنون ليبيا جاثماً علي صدر شعبه، ولن يتركها إلا ركاماً وحطاماً وأنقاضاً. وبمناسبة مذبحة يونيو 1967 وما يقال هذه الأيام عن أن أسرة المرحوم المشير عبدالحكيم عامر، قد قدمت طلباً إلي سيادة النائب العام بإعادة التحقيق مرة أخري في وفاة المرحوم المشير عبدالحكيم عامر، وقدموا تدليلاً لطلب إعادة التحقيق، العديد من المستندات وشهود الواقعة، أهمها تقرير طبي شرعي لوفاة المشير عامر، جاء به أن سبب الوفاة هو حقنة بمادة سامة في الوريد، كما كتب في الصحف هذه الأيام، إن أسرة المشير عامر سبق وأن طلبت من الرئيس المخلوع حسني مبارك، الموافقة علي إعادة التحقيق في مقتل المشير إلا أن الرئيس المخلوع رفض ذلك بشدة، قائلا: »ده هيقلب الدنيا علينا« أي أن الرئيس مبارك اعتبر أن جمال عبدالناصر هو سبب توليه الحكم وأن ما يشين عبدالناصر سوف يشينه أيضاً. كم أتمني من المؤرخين الشرفاء، أن يكتبوا عن حقائق مذبحة 1967 ومدي الخسائر في الأرواح وفي العتاد وفي الأموال، التي تكبدتها مصر، لقد نحر زعيم الهزائم جيش مصر في مذبحة يونيو 1967 وهناك اتهام له، بنحر المشير عامر في أعقاب هذه المذبحة.. وما خفي كان أعظم.