قالت مصادر دبلوماسية عربية أن هناك ما يشبه التنسيق السعودي الأمريكي لمنع عودة الرئيس اليمني علي صالح لبلاده حيث يعالج حاليا في الرياض ، وإقناعه بالتنحي لحقن الدماء في اليمن ، وأن هناك توقعات كثيرة بأن تستغل السعودية وجود صالح علي ارضها لمنعه من السفر والعودة لليمن وفرض انتقال سلمي للسلطة هناك دون اراقة دماء. وما يسهل هذا السيناريو أن عائلة صالح بالكامل تقريبا انتقلت للسعودية ولم يتبق سوي نجله الأكبر أحمد علي عبدالله صالح قائد ما يسمي (قوات النخبة) من الحرس الجمهوري الذي يدير حاليا قصر الرئاسة ويقود المعارك مع قبيلة (حاشد) التي يقودها الشيخ الأحمر بالتعاون مع إخوته وأشقاء أبيه الرئيس صالح الذين يقودون أجهزة الأمن والجيش . وأكدت مصادر طبية اليوم الخميس أن الحالة الصحية للرئيس اليمنى علي عبد الله صالح ،باتت "مستقرة" بعد أن أجريت له عملية جراحية ناجحة لاستخراج شظية من جسده ، ما دفع أنصاره للاحتفال في اليمن بإطلاق النار وألعاب نارية . وتجرى استعدادات شعبية ورسمية كبيرة فى صنعاء وبقية المحافظات الأخرى لاستقبال الرئيس صالح عند عودته بعد نجاته من محاولة اغتياله عندما تعرض مسجد (النهدين) بدار الرئاسة اليمنية لقذيفة ناسفة أثناء أداء صلاة الجمعة الماضية. وأودى حادث اغتيال صالح بحياة 11 شخصا من بينهم 7 من أفراد حراسته وإصابة 185 آخرين من بينهم عدد من كبار المسئولين اليمنيين الذين يعالجون حاليا بالمملكة العربية السعودية. ومن الممكن مع الضغط السعودي والخليجي ورفض إعادة صالح ، والسعي لإقناع أبناؤه بإنهاء سيطرتهم علي السلطة أو الوصول لهدنة أو اتفاق سلمي لانتقال السلطة بما يسمح حتي لأنجل صالح بأن يرشح نفسه للرئاسة ، أن تنتهي الأزمة بأقل الخسائر بدلا من سيناريو الدمار وإزهاق الدماء المتوقع . بحيث يحلق باقي أبناء صالح بأبيهم وأسرهم في السعودية ولا يتم تصوير خلع الرئيس صالح هنا علي أنه خلع بالقوة وإنما – لحفظ ماء الوجه – نوعا من التنحي بغرض صحي ، أو السماح لهم بالبقاء في اليمن والتوصل لاتفاق مع المعارضة علي أن يرشح نجل صالح (أحمد علي صالح) نفسه في أنتخابات الرئاسة المقبلة بدلا من أبيه ويترك لصناديق الانتخابات تحديد من يختاره الشعب . وما يرجح هذا السيناريو ايضا خشية السعودية والغرب من تضرر الممرات الملاحية الحيوية لنقل النفط في حالة أنتشار الحرب في اليمن وتفتت البلاد ، خصوصا أنه يتواجد علي ارض اليمن تنظيم القاعدة الذي يستغل ضعف سيطرة الدولة التي تموج بصراعات بين قادة العشائر والعسكريين والساسة. وهناك مخاوف أيضا أن تتعطل السفن التجارية التي تستخدم الطريق التجاري الحيوي قبالة ساحل اليمن بشكل كبير حتى اذا انزلقت البلاد الى حرب أهلية أو يجري إغلاق باب المندب . إذ سبق أن شن محسوبون علي تنظيم وفكر القاعدة هجمات بحرية ناجحة في المنطقة من قبل وأسفر تفجير انتحاري نفذه تنظيم القاعدة عن مقتل 17 بحارا في المدمرة الأميركية كول بميناء عدن عام 2000 ، وبعد ذلك بعامين استهدفت القاعدة ناقلة فرنسية في خليج عدن الى الجنوب من مضيق باب المندب. ويزيد من قوة الضغط السعودية أن السعودية هي الدولة الرئيسية المانحة للمعونة لليمن وتقدم اموالا للقبائل اليمنية منذ فترة طويلة لضمان التمتع باقصى نفوذ ممكن ولكنها وجدت صعوبة في علاج الازمة في البلاد بعدما فشلت في اقناع صالح بالتوقيع على خطة لتخليه عن السلطة اعدت بوساطة خليجية ، ولكنها الأن لديها فرصة لاستغلال وجود صالح علي أرضها . وقد كشفت صحيفة الجارديان عن إن دبلوماسيين غربيين أن لندن وواشنطن تصران على حث صالح على تنفيذ اتفاق يتخلى بموجبه عن السلطة مقابل الحصول على حصانة من الملاحقة القضائية وضمانات مالية حول مستقبله ، وأنهما تمارسان ضغوطاً على السعودية لإقناع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بتقديم استقالته رسمياً، بعد نقله إلى الرياض للعلاج من الجروح التي أُصيب بها . وقد ألمح لهذا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ضمنا عندما أبدى قلقه حيال الوضع في اليمن، واعترف بأن الجهود السابقة لإقناع صالح بالتنحي عن منصبه فشلت، لكنه تعهد بمواصلة العمل في هذا الاتجاه. وتشمل خارطة الطريق المحتملة لنقل السلطة تشكيل مجلس وطني من زعماء القبائل وقادة الجيش ورجال الدين وساسة معارضين من بينهم ممثلون للمتمردين في الشمال والجنوب فضلا عن الحركة الشبابية الوليدة. وقد ايد ائتلاف المعارضة تولي نائب الرئيس السلطة كخطوة أولى نحو نقل السلطة قبل اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.