عندما تحدث نبي الله محمد عليه السلام عن مصر بالخير لم يكن فيها مسلم واحد.. وكان كل أهلها من الأقباط، ورغم ذلك أوصى أصحابه بالخير لأقباطها وقال عن جنودها إنهم خير أجناد الأرض وعن أهلها في رباط إلى يوم القيامة.. كل ذلك ولم يكن في مصر مسلم واحد.. وبعد أكثر من 1400 سنة من أقوال الرسول تأتي قيادات الجماعات والتيارات الإسلامية في مصر هذه الأيام، دون علماء الأزهر، ولا يريدون الخير لمصر، ويسعون لخرابها وتخريبها، وعدم الاعتراف بالأقباط، كما لو أنهم غير موجودين بل يحلمون باليوم الذى يأتي ولا يكون هناك قبطي واحد في مصر! ونتذكر.. أن حزب النور اتفق مع الإخوان والدعوة السلفية والجماعة الإسلامية، ومن على شاكلتهم ممن ابتلانا بهم الله من الجهادية السلفية والقاعدة، بالتآمر على كل القوى السياسية أثناء كتابة دستور 2012 المشبوه في الجمعية التأسيسية، وكان أعضاؤها من اختيار وعلى نقاوة الإخوان، وما أدراكم ما الإخوان، وقد سهروا ليلة مظلمة واحدة يلفقون هذا الدستور تلفيقاً كما لو أنهم يكتبون مسرحية هزلية ركيكة.. وحصلوا على موافقة الشعب عليه بالغش والخداع بالترويج له في المساجد والزوايا التي تحت السلالم بأن الذى يقول «نعم» للدستور سيدخل الجنة وسيحمى الإسلام والشريعة من الكنيسة.. ومن يقول «لا» سيدخل النار ويسمح للأقباط بالسيطرة على حكم مصر.. وحولوا الاستفتاء على دستور يصنع مستقبل الدولة إلى معركة طائفية بين المسجد والكنيسة وبين المسلمين والأقباط.. وذلك بموافقة حزب النور! وكلنا شاهدنا فيديو ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية في اجتماع، أشبه بالسرى، ضم مجموعة من السلفيين وهو يتحدث، مزهوا بنفسه، عن نجاحه في تمرير المادة 219 في دستور 2012 وكيف ضحكوا على النصارى والليبراليين - حسب كلامه - في الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور.. فأضحك من يجلسون على يمينه وعن يساره من جهل القوى المدنية.. وتناسوا هؤلاء الجهلة أنهم بذلك يفرقون بين أهل مصر ويقسمونهم إلى إسلاميين وغير إسلاميين، حيث تهدف المادة 219 إلى تحويل مصر إلى دولة دينية.. يتحكم في مستقبلها تفسيرات من الماضي لمبادئ الشريعة الإسلامية.. فهي تنص علي أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة».. وذلك تفسيراً للمادة الثانية من الدستور وهى «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع»، وهذا يعنى ضرورة استطلاع رأي هيئة كبار العلماء وأهل السنة والجماعة في أي تشريع يصدر من البرلمان، وهذا من شأنه أن يفتح الباب لتكوين جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبحث عن تشكيل جمعية أهل الحل والعقل، واستحضار تفسيرات أهل السلف للكتاب والسنة التي انحرف الكثير منها تحت تأثير الأهواء السياسية والصراعات القبلية والعصبية ووسط معارك صراع الحكام المسلمين على السلطة.. لتعود وتتحكم في كل تشريعاتنا المستقبلية وكل ذلك لا يعنى سوى المزيد من الخلافات والصراعات، كما أنها تقلل من شأن الأزهر كمؤسسة دينية معتبرة في استطلاع رأيه في التشريعات في مدى توافقها مع مبادئ الشريعة.. وهو هدف مريب تسعى إلى تحقيقه كل تيارات الإسلام السياسي، فلا هم لهم سوى هدم الأزهر والتقليل من شأن علمائه وشيوخه! على أية حال، تم كل ذلك بحضور وموافقة ومباركة حزب النور.. وقد تصورنا أنه تعلم من درس الإخوان القاسي، عليهم وعلينا، وأنه يعلم أن الموافقة على عودته إلى الجماعة المصرية كانت مشروطة بإعلان براءته من إرهاب الإخوان، ورفضه تقسيم مصر إلى شعبين.. شعب مع الإخوان وآخر ضد الإخوان، وعلى هذا الأساس لم يتم التعامل مع النور باعتباره خلايا نائمة للإخوان.. إلا أننا فوجئنا بأن ذيله مازال يلعب في الضلمة، وأنه مصر أن يقوم بدور الإخوان وكل الجماعات الإرهابية في لجنة الدستور.. حيث يضع أمام لجنة الخمسين العقدة في المنشار بالاختيار ما بين حذف كلمة «مبادئ» من المادة الثانية لتكون «الشريعة الإسلامية» مقابل الموافقة على إلغاء المادة 219، أو الإبقاء على المادة 219 وعدم حذف كلمة «مبادئ» في المادة الثانية.. لذا ادعو قيادات حزب النور إلي التخلص من أمراض الإخوان وأوهام أمثالهم من التيارات الإسلامية التي جعلتهم مجموعة من المجرمين، والتخلي عن لعب دور حامى حمى الإسلام والشريعة الإسلامية في دولة عرفت الدين والإيمان قبل نزول كل الأديان، ولا يحتاج المصري، المسلم والقبطي، إلى من يصون له دينه، ولكنه يحتاج إلى من يشارك في بناء مستقبله ورعاية مصالحه ورفع مستوى معيشته.. ولهذا على النور الخروج من الضلمة والتراجع من حكاية التهديد بالانسحاب من اللجنة، فهو متصور بالخطأ أن وجوده في اللجنة يمنحها الشرعية، بينما الحقيقة أن الموافقة على وجوده في اللجنة يمنحه هو الشرعية ولا يتم التعامل معه باعتباره جماعة إرهابية!