حاولت كتابة الجملة، التى تحمل قذفاً وسباً لفضيلة العالم الجليل،الدكتور على جمعة،والتى وجهها إليه بعض السفلة، فى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، لأضعها عنواناً لهذا المقال، لكن الكلمات لم تطاوعنى، وقدرتى على نقل التجاوز، كانت ضعيفة،فقد كانت الكلمات قاسية، وقحة، لا تدل على تربية،ولاحتى قلة تربية، ولكنها كانت دليلاً على انعدام هذه التربية من الأساس. الغريب أن الدكتور على جمعة طلب من كل محاوريه، فى القنوات التليفزيونية، خلال اتصالات تليفونية، إذاعة الشتائم كاملة، وعدم التشويش عليها، حتى يسمعها الناس، وليعرف الجميع حجم البذاءات التى خرجت من أفواه، طلاب جماعة الإخوان،ضد عالم جليل، كان يوماً مفتياً للديار المصرية، ولكن أحداً من القنوات المتهمة من الجماعة بمحاربة الإسلام لم يستطع أن يذيع الشتائم الصادرة من أبناء الجماعة التربوية فى مواجهة عالم الدين المحترم!! هذا هو القول الفصل: هل جماعة الإخوان جماعة دينية تربوية،تحض على مكارم الأخلاق، أم أنها جماعة نفعية تستغل كل الوسائل وتستخدم كل الأدوات، للوصول إلى السلطة،حتى لو خالفت هذه الطرق،منهج الإسلام، ومبادئ الأخلاق؟! هذا هو السؤال الذى تجيب عنه واقعة الدكتور على جمعة،فقد كان واضحاً أن الهدف الأساسى من سب الرجل هو إهانته أولاً بسبب موقفه من الجماعة سابقاً وحاضراً، وثانياً توصيل رسالة لكل خصوم الجماعة، بأن السب، والوقاحة، وقلة الأدب، منهج جديد، سوف تستخدمه الجماعة، علناً وبدون لجان الكترونية، لمواجهة الفكر، الرأى، والحجة!! عموماً، الدكتور على جمعة أصدر بياناً قال فيه ما اثلج الصدور،واتهم قيادات الجماعة،بأنها تسىء تربية الشباب،وهذا قول صحيح لأن ترك هؤلاء الشباب تحت سيطرة من يستغلهم لصالح التنظيم،ولوعلى حساب المجتمع، هو عين الخطورة،واستمرار هذا الوضع الخاطئ، هو عين الخطيئة،ولذلك يجب أن نبدأ فوراً عملية إعادة الأزهر الشريف إلى قواعده سالماً،بعد أن تم تجنيبه، وتجريفه، واستبعاده، إلا عند اللزوم، مقابل ترك الجماعة، واشباهها، يتحركون بكل حرية لهدم الأزهر، بعد اتفاق مع نظام مبارك، فكان الاتفاق أن يبتعدوا عنه، وعن سلطاته، مقابل أن يسيطروا على المساجد، وجمعياتها الخيرية، لنصل إلى النتيجة الحالية.. الانتقال من مرحلة السيطرة على المساجد، إلى السيطرة على البشر المصلين، لنواجه خطر تقسيم مصر، وتدميرها،وتحويلها إلى إمارة!! ماحدث مع الدكتور على جمعة، مرتبط بما يحدث فى باقى مصر، فالواقعة ليست بسيطة، فهى دليل على حجم الزيف الذى تروجه الجماعة، عن أخلاقياتها، وغياب الأخلاق عن غيرها، والواقعة دليل أيضاً على قيامها بصناعة الزيف وترويجه ضد الخصوم، مثلما وقف هذا الشاب المتشنج،يسب ويلعن الدكتور على جمعة، ويقول فى وجهه: حسبى الله ونعم الوكيل فيك! إلى هنا أصدق انفعالاته، وأتعامل معه باعتباره صاحب فكرة ،تعصب من أجلها، ولكن لماذا يفعل كل هذه الحركات التشنجية، وهو ممسك بكاميرا تصوير رقمية حديثة،غالية الثمن، ليسجل انفعالات، على جمعة،لحظة بلحظة؟أريد منك أن تعد للفيديو، ولاحظ أن بعض الأشخاص من موظفى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة كانوا يدفعونه بعيداً عن الرجل، ورغم ذلك لم تهتز الكاميرا فى يديه!! إذن هذا الشاب إما غير فاهم، وإما مدفوعاً بتعليمات!! أما الأولى فهى تحتاج إلى نقاش معه ومع غيره من المضللين، وأما الثانية فهى تحتاج لمحاسبة من يستخدمه ويدربه على هذه الطريقة الهمجية، لتنفيذ مهمة من أخطر المهام فى الدول التى يتأثر أهلها بالحديث الدينى عند الحديث فى السياسة،وهى مهمة تشويه العلماء لحساب الجهلاء. على أية حال،ماحدث فى كلية دار العلوم،هو منهج عمل عند الجماعة،التى ذهبت إلى حيث يجب أن تذهب،بحكم القضاء أمس الأول،وهذا المنهج يعتمد على هدم الثابت والراسخ،لتصعد هى مكانه، وأول ثابت تريد هدمه،تماماً لتتولى زمام أموره، هو الأزهر الشريف، وعلماؤه، ومن لهم صلة به، فهو الخطر الحقيقى على جماعة الإخوان، لأنها لا تريد مقولة «وسطية الأزهر» فى مواجهة التيارات الدينية المتشددة، بل تريد أن تكون جماعة الإخوان هى الوسطية فى مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة، وهذا لن يتم فى ظل وجود الأزهر، لأن الجماعة ستكون ضمن التيارات الدينية المقابلة للأزهر والمواجهة له، ولهذا تريد الجماعة تولى دور الأزهر كاملاً، وهذا سر محاولتها تحويل الجماعة إلى «هيئة إسلامية» لتصبح فى المستقبل، فى حالة استمرارها فى السلطة، إلى بديل للأزهر الشريف. أما الثابت الثانى الذى تريد هدمه هو الجيش الوطنى المصرى، لأنه العائق المادى أمام مشروع الدولة الإخوانية الطائفية، وهو القوة المسلحة الوحيدة القادرة على مواجهة ميليشيات وعصابات الجماعة، وليس غريباً كل ما فعلوه لهدم هذا الجيش، وليس غريباً أيضاً سبه علناً أمام مواطنيه فى مسيرات لا يمكن وصفها سوى بالمخالفة للقانون لأنها تحمل عبارات الكراهية والتحريض ليس ضد رموز الجيش المصرى فحسب، ولكن أيضاً، ضد أفراده وتكوينه وعصبه وكيانه ،لأول مرة فى تاريخ هذا الجيش وهذا الشعب!! القضية ليست،على جمعة،ولكنها قضية وطن يعيش لحظة فارقة،فى مواجهة إرهاب، انتقل جزئياً من إرهاب الجسد إلى إرهاب العقل،وسوف يستدير قريباً لإرهاب الحلم القابع فى الأذهان!!