خلال النضال الشعبي ضد الاحتلال البريطاني عرفت مصر عمليات رفض المصريين للحكم الاستعماري.. وبالذات خلال ثورة 19 عرفنا إعلان الشاب الثائر يوسف الجندي إعلان جمهورية زفتي للإدارة الاستعمارية.. وتم طرد ممثلي السلطة من المدينة.. كما أعلن حافظ دنيا جمهورية مماثلة في فارسكور.. وهو والد العالم الدمياطي الكبير الدكتور حافظ الذي كان رئيساً لمجمع اللغة العربية والمجمع العلمي المصري العريق.. ولكن هناك فارقاً بين مقاومة الاحتلال ومهاجمة قواته وبين من يهاجم السلطة الشرعية.. نقول ذلك تعقيباً علي عمليات الارهاب التي وصلت إلي حد أن خرجت بعض قري ومدن مصر الصغري علي السلطة.. بل وهاجمت الارهابيين قوات الشرطة وطردت كل سلطة من هذه القري.. وهو ما وجدناه في قرية دلجا التابعة لمحافظة المنيا.. وكرداسة وما يتبعها من ناهيا، وتم في كرداسة اقتحام الارهابيين لمركز الشرطة وقتل وسحل من بها من ضباط وجنود.. بل وتعرضت بعض الكنائس في دلجا وغيرها ولإحراقها.. وقد ساء البعض تأخر عمليات تحرير دلجا وكذلك تحرير كرداسة من أيدي الارهابيين، بل ورأينا في ذلك الخطأ كله.. ذلك أن البعض رأي في هذا التأخير سبباً في تضخم عمليات الارهاب وتزايد قوتها وبطشها.. وكان صعبا أن نترك هذه المواقع نهباً لأيدي الارهاب أطول من ذلك خصوصاً أننا علي أبواب بدء العام الدراسي.. وكان نجاح اقتحام دلجا وتحريرها من قبضة الارهاب مشجعاً للعملية الاهم وهي تحرير كرداسة التي اعتبرها البعض اختباراً لمدي قوة سلطة الدولة.. والغريب أن تدمير وإحراق كنائس دلجا لم يحرك الغرب المسيحي الذي كان يتباكي وينادي بحماية المسيحيين في مصر.. لم يحرك ساكناً وهو يري كل ما حدث في دلجا وكنائس دلجا الأثرية القديمة التي يزيد عمرها علي 800 عام!! فأين التباكي علي مسيحيي مصر!.. وفي كرداسة التي تحولت إلي قاعدة للإرهاب تتحدي أي سلطة يختلف الوضع، وذلك بسبب كميات الأسلحة التي تحت أيدي الارهابيين.. وأيضاً بسبب موقعها علي حواف المناطق الصحراوية.. مع تنوع تنظيمات الارهاب من إخوان وجماعات سلفية وتكفيرية.. ووصل الأمر إلي حد أن الارهابيين كانوا يخرجون لسانهم للسلطة.. بل ويتحدون السلطة وأنها لن تجرؤ علي اقتحام كرداسة.. أو التفكير في تحريرها.. ورغم سقوط اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة شهيداً في بداية عمليات اقتحام كرداسة بواسطة قناص بمجرد أن نزل من العربة المدرعة وبرغم كميات النيران التي أطلقها الارهابيون علي قوات الشرطة.. إلا أن العملية ناجحة بكل المقاييس، ولكن الخوف كله أن تبدأ عمليات حرب شوارع في كرداسة لأن الارهابيين يعرفون أن سقوط كرداسة يعني نهاية سطوتهم.. وبالتالي علينا أن نتوقع عمليات انتقامية إرهابية وليس شرطاً أن تتم هذه العمليات في كرداسة ذاتها.. ولكن في مواقع شرطية أبعد.. وفي مقدمتها احتمال هجوم الارهابيين علي مديرية الأمن نفسها.. وأيضاً ربما حول وداخل المدارس والكليات وغيرها.. ربما أيضاً مترو الانفاق.. ذلك أن الإرهاب يدرك تماماً أن معركة كرداسة هي المعركة المباشرة الأخيرة أمامهم.. خصوصاً أن قيادات الارهاب سواء من الإخوان أو غيرهم يتساقطون يوما بعد يوم.. وإذا كان تحرير دلجا لم يسقط فيه أي ضحية.. إلا أنه بسبب طبيعة كرداسة فإن ضحايا عملية تحريرها يدور حول الخمسين - حتي كتابة هذا المقال - ولكنني أتصور أن توابع هذه العمليات سوف ينتج عنها سقوط ضحايا عديدين، ليس شرطاً في محيط كرداسة أو ناهيا.. ولكن في كل انحاء محافظة الجيزة.. ولكن ماذا بعد؟.. أقصد ألم يحن الوقت بعد ان نتخلص من كل هذه العمليات الارهابية، حتي ننطلق إلي اعادة بناء الوطن، وكفي كل ما ضاع، وهو كثير.. نريد أن نؤمن الجبهة الداخلية.. إلي أن تنتهي قواتنا المسلحة من تحرير سيناء من قبضة الارهاب الخارجي.. وأيضاً الارهاب الداخلي وهذا أراه قريباً بإذن الله.. لأن مصر ستبقي، وسوف نطوي صفحات هذه الايام السوداء التي حاولوا فيها سرقة مصر.. من كل المصريين.. إن سقوط إمارة كرداسة بداية لسقوط كل مراكز الارهاب..