بناء علي إرادة الشعب التي عبر عنها الملايين من المصريين فى 30 يونية الماضى، والذين بلغ عددهم 35 مليون مواطن تقريباً، أصبحت مصر تخضع للشرعية «الثورية الشعبية». واستناداً إلي البيان الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة في 3 يوليو 2013، والذى أعلنه الفريق أول السيسي، وكذلك إلى الإعلان الدستوري الصادر في السادس من يوليو 2013، والمتضمن تعطيل دستور «مرسى والغريانى» الصادر سنة 2012 وتعيين رئيس مؤقت لإدارة شئون البلاد، وبناء علي كل ما سبق فقد أصدر الرئيس المؤقت «المستشار عدلي محمود منصور» إعلاناً دستورياً بتاريخ 8 يوليو 2013 من 33 مادة، تتضمن الأحكام الدستورية الأساسية التي تنظم المرحلة الانتقالية للشرعية «الثورية الشعبية». وقد تضمن هذا الإعلان المواد (28) و(29) و(30) وفيها الأحكام الخاصة بوضع مشروع الدستور الجديد، وطرحه في استفتاء عام علي الشعب المصرى!! وقد نصت المادة (28) على أن تشكل «لجنة خبراء» خلال مدة لا تتجاوزر خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الدستور المؤقت سالف الذكر، وتضم هذه اللجنة عشرة أعضاء بينهم من القضاة ستة، فيهم اثنان من أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها، واثنان من قضاة القضاء العادى الجنائى والمدنى والتجارى... إلخ، واثنان من قضاة مجلس الدولة، بمحكمة القضاء الإدارى والمحكمة الإدارية العليا، هذا فضلاً عن أربعة من أساتذة القانون الدستوري بالجامعات المصرية.. وقد نصت المادة علي أن يتم اختيار أعضاء هذه اللجنة من القضاة بمعرفة الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية، والمجلس الأعلى للقضاء، والمجلس الخاص بمجلس الدولة، ويختص بترشيح الأعضاء أساتذة القانون الدستورى، والمجلس الأعلى للجامعات!! ويلاحظ علي هذا التشكيل أن عدد أعضاء اللجنة هو عشرة أعضاء فقط، كما نص علي أن يحدد القرار الصادر بتشكيلها بواسطة المجالس القضائية المختصة، وذلك بقرار من رئيس الجمهورية المؤقت، مكان انعقاد اللجنة، وقواعد تنظيم العمل بها، وفي ضوء أن عدد المصريين بلغ تسعين مليون مواطن كما أن عدد الناخبين منهم حوالي خمسين مليون ناخب، وأن عدد كليات الحقوق في الجامعات المصرية تسع عشرة كلية، فإنه ليس كافياً أن يكون عدد أعضاء لجنة الخبراء عشراً فقط، بل كان الواجب أن يكون عددهم هو ضعف هذا العدد علي الأقل، وذلك ليتسني توفير عدد كافٍ من الخبراء القضائيين والدستوريين والفقهاء وذلك بمراعاة الدستور 1923 علي سبيل المثال قد كتبت مواده لجنة من ثلاثين عضواً يمثلون الشعب المصري بأكمله، الذي كان عدده عشرين مليون مواطن ولا يزيد عدد الناخبين فيهم علي (8) ملايين ناخب! أو تختص لجنة الخبراء هذه باقتراح التعديلات علي «دستور مرسى والغريانى» المعطل، وقد أثارت هذه الفقرة التساؤل عما إذا كانت اللجنة المذكورة مقيدة بأن تقترح تعديل معظم أو جميع المواد، باعتبار أن هذا الدستور لا يعبر عن الإرادة العامة للشعب المصرى حيث كتبته لجنة تأسيسية إخوانية باطلة، بأحكام القضاء من جهة، كما أنه يتضمن أحكاماً تتناقض مع مبادئ ثورة 25 يناير 2011 والثورة المكملة في 30 يونية 2013 من جهة أخرى، بالإضافة إلي أن أحكامه تضمنت النص علي تشكيل «دولة إخوانية» دينية تسيطر علي التشريع فيها هيئة كبار العلماء بالأزهر والتي تنشأ في الحقيقة بالدستور تكون «ولاية الفقيه»، كما أنه نص في أحكامه علي أن تكفل الدولة والمجتمع الأخلاق والآداب والتقاليد المصرية العامة، وهذه الأحكام تقنن شرعية إنشاء جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تشكلت بالفعل من أعضاء الأحزاب والجمعيات الدينية المتطرفة والإرهابية بعد فترة قليلة من إهدار هذا الدستور والتي ارتكبت جرائم قتل وسحل لعدد من المصريين منهم عدد من المتهمين بجرائم والبعض الآخر من المتهمين بأنهم من «الشيعة» كذلك فإن هذا الدستور الباطل قد تضمن أحكاماً إقصائية وانتقامية من المحكمة الدستورية العليا ومن القضاة ومن أعضاء الحزب الوطني المنحل. ولم ينص الدستور المعطل علي أحكام قطعية الدلالة تكفل حقوق المرأة والأقباط والطفل، بالإضافة لكل ذلك فإنه أجاز إنشاء الأحزاب والجماعات علي أساس ديني يهدد الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، وهو مطعون ببطلانه لأنه لم تتم مشاركة أفراد القوات المسلحة والشرطة في الاستفتاء عليه بالمخالفة للمبادئ الدستورية العامة، ولحقوق الإنسان، وقد أصاب معظم مواده العوار الصياغي والموضوعى، والحقيقة أن التعديل لم يشمل التعديل الكلي أو الجوهرى من جهة، كما أن الاحتجاج بضيق الوقت ليس مبرراً لأن اللجنة مشكلة من خبراء متخصصين فقهاء وقضاء في الدساتير المصرية منذ 1923 وفي الدساتير الديمقراطية المقارنة من جهة أخرى!! وبالتالى فإنه يجب التعديل الشامل الكامل لهذا الدستور الإخوانى الباطل!! وقد نصت المادة (29) بأن تعرض لجنة الخبراء مقترح التعديلات الدستورية التي تجريها للدستور المعطل علي «لجنة الخمسين» التي تشكل من كافة فئات المجتمع وطوائفه وتنوعاته السكانية، وعلي الأخص الأحزاب والمثقفين والعمال والفلاحين وأعضاء النقابات المهنية والاتحادات النوعية، والمجالس القومية والأزهر والكنائس المصرية والقوات المسلحة والشرطة والشخصيات العامة، وعلي أن يكون بينهم عشرة من الشباب والنساء علي الأقل، كما نصت المادة علي أن ترشح كل جهة من هذه الجهات ممثليها ويرشح مجلس الوزراء الشخصيات العامة وللحديث بقية. رئيس مجلس الدولة الأسبق