في الثلاثين سنة الماضية كانت الظواهر التالية هي السبب في قيام الثورة: التحنيط: وهو بقاء المسئول في منصبه إلي ارذل العمر. التفريط: وهو الاستهانة بمكانة مصر التي هي اكبر بكثير من الاقزام الذين كانوا يحكمونها. التربيط: وهو زواج رأس المال من اصحاب السلطة مما نتج عنه مولود اسمه الفساد الوقح. التخبيط: وهو القرارات العشوائية غير المدروسة التي كانت تصب في مصلحة الفاسدين. وما أخشاه أن هذه الظواهر مازالت سارية حتي الآن بما يمثل خطرا علي الثورة التي دفع الشعب ثمنها دما. فالتخبيط رأيناه في اختيار وزراء ومحافظين ناهزت اعمارهم الثمانين وأشك في انهم عندما يستيقظون من النوم يحتاجون لمساعدة من أحد لمعرفة اتجاه دورة المياه في منازلهم فكيف نطلب منهم معرفة الاتجاه الذي يسيرون فيه الدولة؟!! أما التفريط فنراه وبوضوح في الحالة الأمنية غير المستقرة والتباطؤ الشديد في العمل علي استتبابه وفي الفتن الطائفية!! والتربيط فتبدو مشاهده واضحة في فلول العهد البائد والتي تعمل في الخفاء والتي يبدو انها تتلقي تعليماتها من الذين يقفون خلف القضبان في طرة!! والتخبيط فحدث ولا حرج فهو مرة في مؤتمر الحوار الوطني ومرة في المظاهرات الفئوية التي تعطل الانتاج!! ولأن حاصل جمع التحنيط والتفريط والتربيط والتخبيط هو (البزرميط) الذي اسقط نظاما فاسدا حكم البلاد ثلاثين سنة وأتمني ألا يأخذ الثورة ويرجع بها إلي الوراء مثل السيارة فاقدة الفرامل والتي تسير بظهرها علي منحدر لا أحد يعلم إلي أين هي ذاهبة ولكن الكل يعلم أنها ذاهبة بسرعة شديدة!! ونسأل الله السلامة لها ولركابها. ** ما هذا التناقض الذي نراه في تصرفات الحكومة هذه الأيام؟ ففي حين تم التعامل مع المتظاهرين أمام سفارة الصهاينة التي تلوث أرض مصر بمنتهي الشراسة والعنف إلي الدرجة التي عدنا فيها لأيام العهد البائد من الانتهاك البدني والنفسي للمتظاهرين. أما التعامل مع البلطجية الذين يقتحمون الأقسام ويحرقونها فلم نسمع إلا عن اللين والتردد والخنوع وإلا ما تكرر الهجوم عليها كل يوم!! نريد احترام كرامة المشاركين في التظاهر السلمي ونريد شدة وحسم وعزم مع البلطجية الذين يهزون هيبة الدولة وليس العكس!! ** تعتبر شركة المراجل البخارية هي الحالة المثالية لشرح قصة الفساد في مصر في عهد مبارك وعاطف عبيد. فقد بيعت لشركة ألمانية، وكان الصافي بعد تسديد المديونيات الذي دخل إلي خزانة الدولة هو مبلغ 150 ألف دولار وهي الشركة العملاقة التي تقع مباشرة علي نهر النيل في منيل شيحة. ثم باعتها الشركة الألمانية لمستثمر مصري باعها كمصنع مع احتفاظه بالأرض التي تقدر بمليارات إلي آخر، ثم تم نقل نشاط الشركة الي أماكن أخري. مع محاولات حثيثة فاسدة لتحويل المكان إلي منتجع سياحي. فإذا علمنا أن المراجل البخارية كانت هي النواة الأولي لتصنيع المعدات المستخدمة في محطات الطاقة النووية، وأنها خسرت، لأن الذين قرروا بيعها جعلوها تخسر قسرا ليبرروا البيع!! وإذا كنا قد قررنا أخيرا إنشاء محطات طاقة نووية بعد أن خسرنا هذا الصرح الذي لا مثيل له في افريقيا. فليس أمامنا إلا أن نكتب لتتذكر الأجيال القادمة كيف كانت قصة (مراجل الفساد في مصر التي لا يقف أحد في طريقها)!! هذه واحدة من مفاسد عاطف عبيد في عهد حسني مبارك ولا زال الرجل حرا طليقا وكأنه لم يخرب في هذا البلد الذي نكب يوما بتوليه منصب رئيس وزراء مصر!!