رسائل وتساؤلات مهمة بعثت بها مليونية 30 يونية، التى وصفت بأنها الأعظم من نوعها على مدار التاريخ، حول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين ومصيرها؟ فالرحيل والإقصاء من المشهد السياسى بات أمراً غير قابل للجدال أو المساومة، بعد أن انتفض الملايين وهبوا من ثباتهم، منادين برحيل الرئيس محمد مرسى وجماعته من البلاد، غير قابلين بأى مفاوضات أو حلول وسط. هتاف «ارحل».. و«يسقط يسقط حكم المرشد» الذى اهتزت له أرجاء الميادين فى جميع المحافظات، يؤكد أنه لا رجعة للثوار قبل أن يتنحى الرئيس وتخرج جماعته من المشهد السياسى برمته، فهل ستعى الإخوان الدرس وتركب فى آخر قارب نجاة لها وتنحاز إلى الإرادة الشعبية، وترحل فى هدوء.. أم أنها ستتمسك بالكرسى لآخر قطرة دم لأعضائها بحسب ما أعلنوا، الخياران كلاهما مر على الجماعة، ففى كلتا الحالتين أصبح اسم جماعة الإخوان المسلمين وتاريخها فى خبر كان، ولم يبق سوى مشهد الدماء الذى لطخ شوارع مصر، وطال كل طبقات المجتمع المصرى، بمن فيهم عناصر الجيش والشرطة. الرئيس مرسى شاء أم أبى يتحمل مسئولية مشهد الفوضى، وبيده وحده أن يحدد مصير جماعته ومستقبلها الأيام المقبلة، فوفقا للخبراء والمحللين السياسين، فإن قرار الجماعة، الانحياز إلى الإرادة الشعبية، ومن ثم التعايش مع الجميع، وإما العناد والإصرار على الاستمرار، وهو المشهد الذى يحذر الجميع منه، لأن فيه ستكتب نهاية الجماعة، نهاية مأساوية. التحلل والتحول إلى كيانات صغيرة مفتتة، هكذا توقع أحمد عز العرب، نائب رئيس حزب الوفد، مضيفا: «ستختفى القيادات الجهورية من أعضاء الجماعة وسيهربون بأموالهم إلى الخارج على غرار ما فعل النظام السابق ورجاله، وسيبقى الشباب الصغير «المتدين» المغرر بهم يبحث عن كيان بديل، يلتحقون له إلى أن يوجدوا جمعيات على نفس النهج مثل جمعية الشبان المسلمين لكن ذلك لا يعنى عودتهم على الإطلاق، بينما القيادات السياسية فلن نسمع عنهم ولن تقوم لهم قامة مره أخرى. وأكد «عز العرب» أن الإخوان لن يتخلوا عن السلطة سوى بالضغط وبالدم والعنف، لكنهم حتما سيخسرون المعركة إن لم يكن اليوم فغدًا، مدللاً بالملايين والحشود الغفيرة التى خرجت إلى الشوارع فى تظاهرة 30 يونية فى مشهد تاريخى لم ولن يتكرر فى أى بلد سوى فى مصر لأن شعبها حر ويأبى الاستعباد والرق. وحول الحديث عن شرعية الرئيس قال «لا يوجد شرعية مطلقة، فالشعب أعطى الرئيس الشرعية كى يحكم لا أن يحوله من مجتمع مدنى ديمقراطى إلى مجتمع فاشى باسم الدين، لكنه خان ثقة الشعب ولم يفكر سوى فى مصلحة أهله وعشيرته»، مشيرا إلى قدوم هتلر فى ألمانيا باختيار الصندوق ورغم ذلك ارتكب مجازر وتسبب فى سقوط ألمانيا وتدميرها. وأضاف: «إذا كان الإخوان قد نجحوا فى اختطاف السلطة مؤقتاً فإن الشعب المصرى لن يسمح لهم بالاستمرار فى ذلك، كما لن يسمح لهم بأن يكون تمسكهم بهذه السلطة مدعاة لنشوب صراعات أهلية مسلحة يستعد لها الإخوان وحلفاؤهم بحشد». وأشارت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد إلى أن السبيل الوحيد والملاذ الأخير أمام الإخوان هو الاستجابة للشعب، وأنه «كلما تأخرت جماعة الإخوان فى الاستجابة لمطالب الشعب أضاعت فرصة العودة ليكونوا جزءاً من الشعب، ويعيدوا وجودهم فى إطار الشرعية واحترام جميع مكونات –الكل – المصرى». وتابعت: «كل لحظة تأخير تعطل وتقضى وتهدد وجود مشروعهم مرة أخرى، لأن الغضب بيرتاكم من تصاعد الأحداث، وكل نقطة دم تسيل تزيد من الاحتقان الشعبى عليهم، خاصة بعد ما نشاهده ونسمعه كل يوم عن اقتناء أعضاء الجماعة لأسلحة مختلفة، فكل تأخير هو حكم باستئصال هذا الجزء من الكل». وأضافت: «الإرادة الشعبية الآن هى التى تحكم الموقف، وهى التى تقدم على رغبات الجميع، وما تريده الملايين التى تقف فى أشعة الشمس الحارقة لساعات هو ما لابد أن ينفذ، فالشعب استرد السلطة من الجماعة وعلى الإخوان أن يعلموا أن من يمنح الحكم ويعطى الشرعية قادر على سحبها فى أى وقت، ما دام من مثله لم يحترم إرادته وعمل على تحقيق مطالبه فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. وأعربت الكاتبة عن أمنيتها فى أن تتخلى الجماعة عن الحكم على اعتبار أن الإرادة الشعبية والاستجابة لها هى قارب النجاة الوحيد لها وللبلد، وإلا سندخل البلد مرة أخرى فى مسلسل الفوضى غير معلوم عقباه، ومخطط الدم وإراقة دماء المصريين، وحينها ستخرج الجماعة من التاريخ بلا رجعة مرة أخرى. وقال على حسام، مدير مركز بن خلدون، للدراسات السياسية والإنمائية: إن الإخوان سيتم اقصاؤهم من المشهد السياسى فى الفترة المقبلة، بسبب مشاهد الدماء التى لطخت شوارع مصر كلها. وأكد أن نهاية الإخوان ستكون أشد من نظام مبارك لأن النظام السابق كان مسنوداً بمؤسسات كبرى فى حين أن النظام الحالى لا يتمتع بأى دعم أو شرعية من أى مؤسسة عسكرية. وأوضح أن يوم 30 يونية 2013 يختلف عن 28 يناير 2011 من عدة جوانب، أبرزها أن جماهير الشعب التى نزلت فى 28 يناير إلى ميدان التحرير وغيره من الميادين فى المدن المصرية لم يكن هدفها فى البداية إسقاط النظام القائم آنذاك، ولكن الاعتراض على مواد فى الدستور تُسهل توريث السلطة، وعلى مظاهر الفساد السائدة، والتزوير فى الانتخابات، وعندما استجاب الرئيس السابق مبارك لهذه المطالب، صعّد المتظاهرون آنذاك من مطالبهم خطوة خطوة بدءاً بإقالة الحكومة، ثم حل مجلس الشعب، ثم إلغاء الدستور، وتعيين نائب للرئيس.. إلى أن وصلوا إلى مطلب «ارحل»، فى حين أن المطلب الأول لمتظاهري 30 يونية هو الرحيل وربما يصعد إلى أكثر من ذلك. وتابع: «قبل الثورة كان الإخوانى يتحدث معك بفخر عن انتمائه السياسى، مدركاً أنك تراه مناضلاً أو ضحية أو مشروع شهيد. اليوم يأتيك الشباب فى التحرير أو يعلقون على ما تكتب بصفحات التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت بادئين كلامهم: «أنا لست إخوانيا ولكن...». وإذا اعترف أحدهم لك بانتمائه للجماعة يقر معك بسهولة أن القيادات تخطئ وأن المخاوف تزداد حيال المستقبل المنظور والبعيد، وكل هذه المشاهد تؤكد نهاية جماعة الإخوان. وأضاف: «تبين للمصريين أن الإخوان طلاب سلطة وحكم ولو على حساب أرواح ودماء المصريين، وأن الدين أبعد ما يكون عن مبادئهم وممارساتهم، وليس أكثر من غطاء يتدثرون به لتحقيق مآربهم السلطوية فى الهيمنة على مقدرات المصريين، والتى أورثتهم خلال عام واحد فقط من حكم الإخوان كل مظاهر المعاناة من انعدام أمن وفقر ومرض وخراب سياسى واقتصادى واجتماعى». وأكد باسل عادل، عضو جبهة الإنقاذ أن جماعة الإخوان لن تتمكن من ممارسة أى عمل سياسى، بعد إسقاط مرسى، وسيتم فضح ممارساتهم ومخططاتهم، وأنه مهما طال بقاؤهم على الكرسى فسيرحلون، كما رحل النظام البائد رغم جبروته وهيمنته على مجريات الأمور فى البلاد. وأشار عادل إلى عدم جدوى أى ألاعيب تنتهجها الجماعة لأن الشعب استيقظ ولن يسمح لأحد أن يقصيه عن أهدافه، مشدداً على ضرورة الاستمرار فى العصيان المدنى إلى أن يرحل النظام، مضيفا: «الزخم الشعبى الموجود فى كل شوارع مصر أعطى رسالة للإخوان أن شعب مصر ليسوا الإسلاميين وإنما هناك الملايين الرافضون لمبدأ المتاجرة بالدين، مراهناً على عدم الإخوان إلى المشهد السياسى فى أى انتخابات قادمة بسبب ممارستهم الديكتاتورية. وقال اللواء عصام زغلول، رئيس حزب الأمة: «إن مصير جماعة الإخوان لم يحسم بعد، فرغم شدة المظاهرات وضراوتها لم تقدم الجماعة أى تنازلات إلى الآن، وهو ما يهدد ببحور من الدماء إذا استمر هذا العناد، ويؤكد تماسكها بالكرسى مهما استشهدت أرواح أبرياء قائلاً: «الشعب المصرى طلع من وحلة لكحلة». وأكد زغلول أهمية التمسك بسلمية المظاهرات رافضاً أى دعوات لاقتحام قصر الاتحادية لأنها ستجعل الشعب فى مواجهة مع الحرس الجمهورى والقصر الرئاسى وكلاهما جزء أصيل من الشعب.