تأتى المطالبة بانتخابات رئاسية مُبكرة كسبيل وحيد لتخطى العراقيل التي وضعتها ممارسات الجماعة، وما يدور في فلكها من تيارات إسلامية، وأخرى راغبة، في طريق تحقيق توافق اجتماعي حول أسس بناء نظام ديمقراطي يمكن عن طريقه تحقيق طموحات ثورة 25 يناير المجيدة. وواقع الأمر أن الانتخابات المبكرة، من الآليات المتعارف عليها في النظم الديمقراطية، فهي ضرورة يتم اللجوء إليها لتصحيح مسار العملية الديمقراطية، إذا ما وصلت الأمور إلي طريق مسدود، يتعرض فيه استقرار البلاد إلي خطر قد لا يمكن استيعابه إذا ما استمرت الأحوال علي ما هي عليه. وتدلنا العديد من التجارب الدولية، كيف حققت الانتخابات المبكرة انفراجة كانت بمثابة إعادة الحياة للعملية الديمقراطية، فقط الأمر يتطلب قناعة الحاكم بأن الوطن باق، وحكامه زائلون، وأن طول مدة بقاء الحاكم في السلطة لا تضمن له موقعاً في قلوب الناس، ولا تكتب له، بالضرورة، تاريخاً مُشرفاً، ولنا في مبارك نموذج لذلك. ففي فرنسا عام 1969، عندما أراد شارل ديجول، صاحب الفضل في استقلال فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، ومؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة، أن يُقلل من صلاحيات مجلس الشيوخ، أثار ذلك جدلاً شعبياً وسياسياً واسعاً، فلجأ إلي استفتاء الشعب علي القرار، وصرح شارل ديجول، صادقاً، بأن رفض الشعب لرغبته هذه سيعتبر بمثابة الرفض لشخصه وسيتقدم باستقالته، وأُجرى الاستفتاء وكانت النتيجة لصالح قرار شارل ديجول بنسبة 52%، إلا أن الرجل... الرمز... شارل ديجول … اعتبر أن النتيجة غير مُرضية له، بل اعتبرها رفضاً شعبياً لاستمراره في الحكم، فاستقال علي الفور، تقديراً لمن رفضوا سياسته رغم أنهم أقلية!!، وكان طبيعياً إذن أن يحتفظ الشعب الفرنسي بشارل ديجول إلي الآن رمزاً لدولة فرنسا. وبالنظر إلي تمسك الرئيس مرسي بالمنصب «للآخر»، رغم الفشل المهين، يتبادر إلي الذهن الرئيس البرازيلي السابق دا سيلفا، باني نهضة البرازيل، بزهده في المنصب رغم نجاحاته غير المسبوقة، فقد تحولت معه البلاد من دولة مفلسة، يرفض صندوق النقد مساعدتها، وتعاني من ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتراكم الديون، فوصلت بفعل سياساته في فترتين رئاسيتين ما بين «20032010» إلي سابع اقتصاد علي مستوى العالم، وأصبحت دائنة لصندوق النقد الدولي، فكان طبيعياً أن ترتفع شعبية دا سيلفا إلي نحو 80% قبيل انتهاء فترته الثانية، وتصاعدت المطالب الشعبية تطالب دا سيلفا بتعديل الدستور ليبقي رئيساً لفترة ثالثة، ولأن الرموز تنتصر دائماً لمبادئ الديمقراطية، رفض دا سيلفا نداءات البقاء، وفضل دعم رئيسة وزرائه ومرشحة حزبه، الرئيسة الحالية «روسيف»، التي وصلت باقتصاد البرازيل إلي المركز السادس علي مستوى العالم.