اهتمت الصحف والمحطات العالمية بالمظاهرات التى عمت مصر اليوم. ووصفت الصحف الأمريكية والبريطانية الأحداث بأنها عاصفة تهب على مصر بعد عامين من الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك، وأن مصير البلاد أصبح مجهولا. وتصدرت صور المظاهرات صدر صفحات الصحف الأمريكية وافتتاحياتها وعلى رأسها واشنطن بوست ومجلة" تايم"، وواشنطن تايمز، ونيويورك تايمز، كما نشرت صحيفة جارديان البريطانية حوارًا مع الرئيس محمد مرسى، حيث أكد على تمسكه بالمنصب، وتحديه للمظاهرات المطالبة بخلعه. وخصصت معظم الصحف البريطانية افتتاحياتها للأحداث فى مصر. وتتساءل "الأوبزرفر" البريطانية في عنوان افتتاحيتها "هل يمكن لروح الربيع العربي أن تبقى في مصر؟" مشيرة إلى أن مصر ذات الحضارة العريقة التي تضم اليوم نحو 85 مليون نسمة كانت تلعب دائما دورا قياديا في العالم العربي. وعندما نهض المصريون لإسقاط " 30 عاما من ديكتاتورية حسني مبارك"، فإنهم صنعوا مفهوما غائم الملامح هو الربيع العربي، وكان واقعا ملهما للمضطهدين في كل مكان، وليس العرب فقط. وشددت الصحيفة على أنه إذا قدر لمصر أن تنحدر الآن إلى الفوضى فإن تأثيرات ذلك ستنعكس على مجمل المنطقة، وسيكون أمرا مفزعا لأولئك الذين يشاركون المصريين الأمل في التحرر. وتخلص الصحيفة في افتتاحيتها إلى أن "مصر لا تحتمل القتال، وإن العالم العربي بمجمله ينتظر خياراتها. فالربيع العربي، هذا النمو الهش، ينتظر فرز نموذجه، ولكن الخبز يأتي أولا. وتضع صحيفة "الفايننشال تايمز" "هاوية مصر" عنوانا لافتتاحيتها، وتضع لها عنوانا جانبيا آخر هو "بلد منقسم بحاجة إلى إجماع ورجل دولة". وتقول الصحيفة:" إن محمد مرسي تعهد عندما انتخب رئيسًا لمصر قبل عام بأن يكون رئيسًا لكل المصريين؛ إلا أنه ظل خاضعًا لنفوذ جماعة الإخوان المسلمين التي جلبته" إلى السلطة، ليكون رئيسًا غير كُفء وعامل انقسام". وتتحدث الصحيفة عن الغليان في الشارع المصري والمظاهرات الضخمة التي تسيرها المعارضة لإجبار مرسي على التنحي، التي استبقها الإخوان المسلمون وبقية الجماعات الإسلامية باستعراض قوة في الشارع المصري، ما يجعل الاشتباكات العنيفة أمرًا يصعب تجنبه، وسط تحذيرات الجيش من أنه لن يقف مكتوف الأيدي ليرى البلاد تنحدر إلى "نفق مظلم" من اللااستقرار. وشددت الصحيفة على أن ذلك ليس المستقبل الذي أراده مئات الآلاف من المصريين الذين جازفوا بحياتهم لإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك المدعوم من الجيش المصري عام 2011. وأشارت الصحيفة إلى أن الانتقال من الديكتاتورية غالبا ما يأتي بالفوضى. وأن مرسي الذي ورث انهيار الأمن الاجتماعي في مصر لم يستطع بناء الإجماع الذي يحتاج إليه للتعامل مع هذا الوضع. وبدلا من ذلك أبدى هو وجماعة الإخوان المسلمين ميلا لاحتكار السلطة، والسيطرة على مؤسساتها، كما هي الحال مع السلطة القضائية. وخلصت الصحيفة إلى أن تحقيق الإجماع هو الطريق الوحيد أمام مرسي لكي يستمر، فمصر بحاجة إلى حكومة شاملة تضم جميع الأطراف، أي حكومة وحدة وطنية تبنى على برنامج طوارئ لاستعادة الأمن، وإعادة تسيير الاقتصاد، وإعادة النظر في الدستور، والتحضير لانتخاب برلمان جديد. وقالت "جارديان":" إن مصير مصر لم يكن مجهولا في أي لحظة منذ ثورة 2011 مثلما هو اليوم مع تكرار الشائعات حول احتمال تدخل الجيش". وأشارت "جارديان" إلى أن الخلاف بين مؤيدي الرئيس محمد مرسي ومعارضيه كان قد تمحور حول ضرورة احترام الشرعية الديمقراطية مقابل ضرورة تنحيه؛ بسبب أنه لم يحترم القيم الأوسع التي تعتمد عليها الديمقراطية الناجحة". لكن تصاعد التوتر بين الجانبين تجاوز هذا الخلاف، وبدأ يأخذ طابعًا أيديولوجيًا، كما قالت غارديان. ونسبت إلى المتخصص في الشؤون السياسية المصرية خليل العناني قوله:" إن أزمة مصر الراهنة تجاوزت الخلاف السياسي الذي يمكن تفسيره في إطار التنافس الديمقراطي". وقالت:" إنه إذا جلس المصريون بعضهم مع بعض ربما وجدوا أنهم متفقون بقوة على مبدأ يوحدهم، وهو أنهم يتطلعون إلى خير بلادهم. وما تبقى رغم تعقيده وصعوبته، وهو كيفية تحقيق ذلك، سيتم بالتمسك بصدق بمبادئ الثورة التي أطاحت بنظام المخلوع حسني مبارك". وحذرت الصحيفة من أنه إذا تنحى مرسي فسيكون من الصعب تنصيب حكومة مدنية واستمرارها. وأشارت جميع الصحف إلى ازدحام مطار القاهرة أمس السبت بالمسافرين إلى الخارج؛ بسبب الاضطرابات المتوقعة. وأشارت واشنطن بوست إلى أن حركة "تمرد" المصرية الواقفة وراء الاحتجاجات ضد الرئيس مرسي اتهمت أميركا أمس بالمشاركة في مؤامرة لإبقاء الرئيس المصري في السلطة، ونقلت عن حسن شاهين - القيادي بتمرد - في مؤتمر صحفي قوله"أميركا والإخوان المسلمون اتحدوا لإسقاط الشعب المصري". كما أشارت إلى إعلان عشرة من أعضاء مجلس الشورى المصري من غير الإسلاميين استقالاتهم من المجلس في المؤتمر الصحفي ل"تمرد". أما "لوس أنجلوس تايمز" فقد قالت:" إن فترة الانسجام الوطني بمصر التي دفعت الناس إلى إنجاز ثورة 2011 والإطاحة بنظام المخلوع حسني مبارك قد ولت إلى غير رجعة". واهتمت الصحف الاسرائيلية بما يحدث فى الشارع المصرى حاليًا، واعتبر "بوجز بسموت" في صحيفة "إسرائيل اليوم" أن الرئيس المصري محمد مرسي لم يتخيل في أكبر كوابيسه أن يحتفل بالذكرى السنوية لأدائه اليمين الرئاسية في موقع الحرس الرئاسي. وأضاف أن الشعارات التي ترفع اليوم هي الشعارات نفسها، بيد أن اسم مرسي حل محل مبارك، وأنه لما رأى المصريون أنه لا انتخابات في الأفق نقلوا النضال إلى الشارع. في السياق ذاته، اعتبرت صحيفة يديعوت في افتتاحيتها أنه قُبيل الذكرى السنوية لحكم الإخوان "تبدو مصر الممزقة بين العلمانيين وذوي اللحى كأنها قبل الحرب بلحظة". وبعد أن رسمت صورة سوداء للأوضاع والحياة في مصر، أشارت إلى تحذيرات أميركية وإسرائيلية من زيارة مصر، وافترضت أن الوضع سيزداد سوءًا، وأن الملايين الباحثين عن عمل سيتدفقون إلى حدود إسرائيل، متسائلة عن كيفية التعامل معهم آنذاك.