أعلم تماماً أن هذا المقال سيختلف حوله وعليه الكثيرون لأسباب عدة لعل أهمها المرجعيات الأيديولوجية والعقائدية!. والتي سأنأي عن ذكرها أو مناقشة فكرها علي مساحة هذا المقال!.. إن إسقاط نظام شيء وإسقاط منظومة شيء آخر!.. جماهير 25 يناير 2011 رفعت شعار الشعب يريد إسقاط النظام والقصد اسقاط شرعية النظام الديكتاتوري والذي كان قائما منذ احداث 52/7/23 والذي جثم فيها علي شعب مصر طيلة نيف وستة عقود صادر فيها كل الممتلكات والحريات وحاصر جميع التيارات السياسية وفرض الصمت علي ما عداه من جميع الاصوات! لم يبتدع مبارك بقاء الحاكم في السلطة مدي الحياة، ولم يبتدع النص الذي يجيز له البقاء فيها حتي اخر نفس له في الحياة يأخذه أو يعطيه!.. لماذا؟!.. لأن ذلك كان من أساسيات النظام الذي تمخض علي ما آلت إليه احداث 52/7/23 والذي فرض وأسس ودعم توريث السلطة في أبناء مؤسسة واحدة!!.. نكرر أن ذلك كان من أساسيات نظام دولة يوليو!.. الدولة كما يعرفها علماء السياسة تتكون من ثلاثة عناصر: الأرض.. الشعب.. الحكومة!.. ولكن عند سدنة 23 يوليو الحكومة هي الحاكم الأوحد فقط، حيث كانت كل كلمة تخرج من فيه هي دستور كامل!.. هكذا قال صفوت الشريف لأحدهم!.. والشعب هو - وفقط هو - المؤسسة التي خرج منها .. ولا حديث سمحوا به عن أرض دولة وادي النيل التي شطرت، وانشطر احد شطريها ولا عن سيناء ايضا والتي ما عادت حتي الان إلي ما كانت عليه قبل أحداث 52/7/23 والمسماة بثورة 23 يوليو!.. وهي لم تكن ثورة أو انقلاباً عسكرياً أو انقلاباً أيده الشعب فأصبح ثورة!.. كل هذه المسميات غير دقيقة وغير علمية ولكن الإعلام رسخ في الأذهان ولأجيال عديدة متتابعة ليس في مصر وحدها أنها الثورة!.. وأنها بيضاء بينما هي كانت علي غير ذلك بداية ومسيرة وانتهاء.. ومع ذلك فإذا جاز تسميتها بالبيضاء! فإن الذي جعلها كذلك، من وجهة نظر أخري، هو فاروق نفسه حينما أو بعدما قبل إنذار مهيناً!.. ومن المفارقات الصارخة أن نغمة الشباب في كل موقع لم تتم وتتصاعد دعما وتشجيعا غير مسبوق في جميع وسائل الاعلام الا في عهد حسني مبارك تحديدا وربما كان ذلك توطئة للوريث الجديد القادم من خارج المؤسسة العسكرية! ولكن السحر انقلب علي الساحر! أما المثير المستفز المضحك المبكي فهو رفع صور جمال عبد الناصر في خضم أحداث 25 يناير؟!.. وهو الذي تسبب في أن تحتل أحقر دولة في العالم 94000 كم مربع من أرض مصر ومات تاركاً للشعب هذا الوضع المهين وهو المسئول الاول والاخير عن دفن مئات الالوف من خيرة شباب مصر ضباطا وصفاً وجندا في رمال سيناء دفنوا فيها بلا ذنب ولا جريرة وبلا مقابر ولا شواهد!.. وفي عصر الملهم ايضا سحل كل معارضيه واذيبوا في احماض كما جرد رجال بلدة بأكملها من »..؟..« بحلق شواربهم وشعر صدورهم ونودي عليهم بأسماء النساء!.. فكيف لعاقل أن ينسي أو يتناسي ذلك ويرفع صورة في ميدان التحرير إبان 25 يناير وما تلاها!!.. وأخيراً وليس آخراً، هل سقط نظام 52/7/23، نعم سقط بفضل شباب 25 يناير!.. وتلكم مفارقة كبري اخري لأن كثيرا ممن خطط لهذا اليوم كانوا يبغون فقط اسقاط منظومة حكم مبارك؟، ولكن المولي جل جلاله وتقدست أسماؤه وآلاؤه أراد ولا راد لمشيئته تم إسقاط النظام كله رأسه في 52/7/23 وذيله في منظومة الثلاثين سنة الأخيرة!.. وأخيراً وليس آخراً وحتي لا يخطئ احد في نوايا هذا المقال أضع أمام القارئ هذه الفقرة من مقالي بوفد الاربعاء 8 يوليو 2009 تحت عنوان: هكذا تكلم فتحي سرور.. »رئيس مجلس الشعب يجاهر أو يفاخر في حوار - بأهرام 2009/7/4 بأنه جلس علي منصة رئاسة مجلس الشعب لمدة 19 عاماً!!.. ولعمري ما أدري كيف يقبل ذلك، ولا أعتقد مهما سيق من أسباب ومبررات صواب أي منطقية لهذا التواجد المتتالي في سدة مواقع الحكم سواء بالنسبة لرئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء!.. هذا ضد العدل وضد الكرامة الانسانية وضد تكافؤ الفرص، وضد مصالح الشعب..« وهاكم نصا آخر مخاطباً فيه د. أحمد فتحي سرور من مقالي بوفد 1993/6/22 تحت عنوان: الانصياع لما يصدره مجلس الشعب »واليوم يرفع د. فتحي سرور مقولة مدوية تقول إن مجلس الشعب وليس مجلس نقابة المهندسين هو صاحب سلطة التشريع وطالب المجلس بالانصياع لما يصدره مجلس الشعب.. وما هذا إلا تهديد وتصفية حساب، سيادته طرف فيه، قد يري أنه يستوجب التأديب والعقاب والدرس لهؤلاء الذين تجاسروا ورفضوا القرار الذي أصدره بمساواة بعض المعاهد بكليات هندسة الجامعات حينما كان يتولي أمانة رئاسة المجلس الاعلي للجامعات، مع أنهم أساتذة وقمم التعليم والفكر الهندسي!!.. أما الانصياع فلا يكون ولن يكون إلا لما يصدره القضاء العظيم ويقره وليس لمجلس الشعب أو كما يراه سيادته وأخرون مجلس الشعب!..« وفي النهاية.. أكتفي بهذا القدر.. لا أطيل ولا أزيد ولا أريد..!