يعتبره الكثيرون من دعاة الاصلاح في الشارع القبطي، غير انه وإن كان يعد رأس الحربة بالنسبة للداعين لمشروع الإصلاح الكنسي، إلا أنه واحد من تروس المقاومة في ماكينة القوى المدنية. كمال زاخر مفكر لم يأسر عقله داخل سياج المطالب القبطية الضيقة، بل قفز حيث فضاء الوطن الواسع لأيمانه بأن اصلاح الفكر الديني انما يمثل خطوة على الطريق لاصلاح حال الوطن. وبعد مرور قرابة العام على حكم الإخوان المسلمين، من البديهي ان نرصد رأي الرجل في انجازات أو إخفاقات على يد الحكام الجدد. وتزداد اهمية الحوار مع كمال زاخر في هذا التوقيت بالذات بعد تلك الكارثة التي حلت علينا من ذلك البلد الأفريقي «اثيوبيا» والذي كان نسياً منسياً طيلة عقود حتى تصدر بؤرة الأحداث مؤخراً بتدشينه «سد النهضة» حيث تتجه الانظار للكنيسة المصرية وما يمكن أن تلعبه من دور لحل الأزمة التي تهدد مصر وامنها القومي عبر التأثير على نصيبها من المياه. كيف ترى الموقف المصري في التعامل مع كارثة تحويل مجرى النيل الأزرق لبناء سد النهضة؟ - التعامل الرسمي مع تلك الازمة جزء من المشكلة، إذ يتعامل القادمون الجدد إلى سدة الحكم مع ذلك الملف من منظور التاريخ، وأخشى أن يكون ذلك التعامل مع سد النهضة يستهدف ترحيل المشاكل الحقيقية التي تعاني منها البلاد بإثارة زوبعة إلى حد المصادمة العسكرية، وهذه وسيلة يلجأ إليها دائماً كل من يفشل في إدارة شئون الوطن لإلهاء الشارع وتحويل نظره بعيداً عن الأزمات الكبرى، وتكلفة ذلك ستكون كبيرة للغاية ولن نحتملها. التعامل مع الملف الأفريقي إذاً لم يتغير عن الماضي؟ - لا لم يتغير بعد عن مرحلة الستينيات من القرن المنصرم ولم نبرح تلك المرحلة بعد، حيث كانت دول القارة السمراء لازالت ترزح تحت الاحتلال ولم ندرك للآن أن دول حوض النيل قد تغيرت تماماً عن ذي قبل، فقد انتبهت لمشاكلها الحقيقية وسعت لاستغلال مواردها من الطاقة، وبالتالي اكتشفت أنها لم تستفد سوى من جزء يسير من مواردها وهذا أمر كنت أتخيل أن ينتبه له الحكام الجدد في مصر عند نظرتهم لأفريقيا وكان لابد أن يتم البدء على الفور في تصحيح الاخطاء التاريخية لنا هناك منذ قرابة نصف قرن، وبالإضافة لما سبق من اخطاء، هناك خطأ موغل في التاريخ عند تعاملنا مع الدول الافريقية المطلة على النهر، ويتمثل في نظرة الاستعلاء تلك التي نتعامل بها مع تلك البلدان وكان ينبغي لنا بعد ثورة 25 يناير ان نكف عن تلك النظرة التي أفقدتنا الكثير وقطعت أواصر التعاون بيننا وبينها، لابد أن نفيق من غفوتنا وأن ندرك الحقيقية التي لاخلاف عليها وهي أن البلدان التي كانت في السابق متخلفة وتعاني من المشاكل قامت بما قام به محمد على في مصر وسارت على نهجه. وكيف تم لها ذلك؟ - قامت دول حوض النيل بإرسال الوفود التعليمية لأوروبا والولايات المتحدة من أجل بناء مستقبل واعد لأبنائها ودفعت بشبابها إلى هناك من أجل الحصول على أسس النهضة اللازمة لعمليات البناء وقد كان لها ما كان حيث تخلت عن تخلفها السابق الذي ظلت ترزح تحته حقبا طويلة ونجحت في بناء أنظمة حكم عصرية ووضعت الخطط الحديثة من أجل البناء والتقدم والدفع بشعوبها نحو مصاف الدول المتطورة، لأجل كل ذلك فمن الخطأ الذي يتسبب ذلك في مزيد من المشاكل بيننا وبين تلك البلدان أن نتعامل معها على نفس الطريقة القديمة من العجرفة والإستعلاء وكأنهم مازالوا يعيشون حياة الكهوف هذا لن ينفعنا في شىء بل سيؤدي إلى قطيعة تامة بيننا وبينهم. هل هناك أخطاء اخرى وقع فيها صانع القرار المصري؟ - بالطبع هناك عامل ثان في محور تلك القضية الشائكة وقع فيه صانع القرار وما يحيط به من أجنحة فضلاً عن التعاطي غير العلمي لأجهزة الاعلام مع القضية، ويتمثل ذلك في أننا ينبغي أن ندرك أن ما يجري له الاعداد هناك من مشاريع مائية إنما يتم في إطار المصالح الخاصة بتلك الدول وليس من قبيل الصراع بيننا وبينهم. إذاً لابد من ان نستبعد نظرية المؤامرة عند معالجة تلك الأزمة غير المسبوقة؟ - بالطبع علينا عدم تسويق نظرية المؤامرة لأن ذلك يؤجج حجم الخلاف ولايحل المشكلة فلابد أن نتكلم عن المصالح المصرية بمعزل عن المصالح الأفريقية والذين أقاموا الدنيا، ولم يقعدوها بسبب بدء العمل في مشروع سد النهضة قد لا يعلمون ان هناك أزمات لاتقل خطورة إذ تستعد كل من تنزانيا ودول أخرى لإقامة مشاريع مياه وسدود للاستفادة من مواردها في توليد الطاقة بدعم مالي وتقني من جنوب أفريقيا وإسرائيل وبلدان اخرى وبالطبع تلك المشاريع ستكون على حساب حصة مصر من المياه. والخلاصة؟ -أتصور أنه لا يمكن بأى حال من الأحوال ترك الملعب الأفريقي شاغراً من الوجود المصري لحساب بلدان أخرى، ففي هذا كارثة محققة وكان لابد أن يكون الدور المصري هو اللاعب الرئيسي في القارة السمراء. الأفارقة أنفسهم كانوا يريدون ذلك بسبب حاجتهم للكوادر الفنية والخبرات التي تملكها مصر ولو استجبنا لهم لكان بوسعنا أن نحصد الكثير من الثمار غير أن التجاهل ونبرة الاستعلاء ضيعت علينا الخير الكثير حتى تسللت دول غريبة على القارة، وكان ما كان لذا لاينبغي علينا إلا نلوم سوى أنفسنا، وأن نكف عن حديث المؤامرة لأنه حديث لم يعد مناسباً للعصر الذي نعيشه على الأقل بالنسبة لدول حوض النيل، فكل مايدفعها للعمل ليس العداء لمصر ولكن الاستفادة من مواردها لنهضة شعوبها. وهل ضاعت الفرصة تماماً؟ - ينبغي لنا أن نتحرك على وجه السرعة من أجل المشاركة مع تلك الدول والتعاون معها بمنطق المصالح المشتركة وبالفعل كان بوسعنا أن نقيم مصالح مشتركة من خلال توليد الطاقة وإقامة ثنائيات زراعية وتنموية مع كل دولة. لاوجود إذن لفكرة المؤامرة؟ - من وجهة نظري لا وجود لها ولا يتشبث بمثل هذا المعتقد سوى الضعفاء في الاقتصاد الحديث، لا كلام عن المؤامرة لكن عن صراع المصالح. وكيف تنظر للقاء الرئيس مؤخراً مع رموز القوى الوطنية بشأن تلك الازمة؟ - أولى ملاحظاتي على هذا الاجتماع هو خلوه من أي خبير في شئون المياه وهذه مهزلة في حد ذاتها، لذا اعتبرته اجتماع هواة لا يمكن ان يسفر عن فائده أو ثمرة نستطيع من خلالها التعاطي مع القضية بأسلوب علمي كما أنني أشعر بالدهشة أيضاً من سلوك قوى المعارضة تجاه الأزمة إذ إنها لم تفطن لأخطاء من في الحكم حول القضية ذاتها بل تعاملت بنفس المنطق فما سمعناه من بعض من حضروا الاجتماع من حلول لا يمكن بأي حال أن يحل الأزمة بل على العكس يؤدي لتعقيدها ويكشف عن أن ما أصاب من في الحكم من افتقار للحلول البديلة أصاب أيضا المعارضين للرئاسة. وبالنسبة لمن طرح الحل العسكري بديلاً وحيداً للحفاظ على نصيب مصر من المياه؟ - أصحاب الحل العسكري مخطئون أيضاً لأن مثل ذلك الطرح يكشف عن أننا لم نتحرك مع التاريخ فعصر الحلول العسكرية انتهى إلى غير رجعة والحروب الآن لم تعد بين طرفين وإنما حروب بين مصالح تقف خلف كل منها مجموعة من الأطراف تماماً، كالوضع شديد التعقيد في سوريا إذ تتشابك المصالح الدولية، فكيف إذن يقرر البعض هنا التعامل بنفس الطريقة التي لم تعد تتسق وروح العصر الذي نعيشه. وما الآثار السيئة لمثل هذا الطرح العسكري بالنسبة للأزمة مع اثيوبيا؟ - مجرد الحديث عن هذا الطرح يفتح علينا أبواباً من المشاكل ونستعدي أطرافاً كنا في غنى عن معاداتها وهنا أطرح تساؤلاً: كيف على سبيل المثال كنا نرفض التدخل الامريكي في افغانستان والعراق ونسعى الآن للجوء إليه في اثيوبيا؟ لأن قضية المياه بالنسبة لنا قضية امن قومي ونريد ان نحافظ على نصيبنا التاريخي؟ - بالطبع من حقنا أن ننزعج لكن اللجوء للحرب لن يحل القضية، قلت لك إن الأمر بات معقداً للغاية وليس أمامك من سبيل سوى التفاوض وأن تعود مصر للعب دور رئيسي في عملية التنمية هناك.. لقد مضى زمن تهديد الافارقة بالحرب، الآن قوى كبرى تلعب هناك ولها مصالحها. إذن لابد من استبعاد الخيار العسكري؟ - تماماً لابد من استبعاده ومن يطرحونه الآن يدارون فشلهم في ادارة شئون الوطن وغاية ما يشغلهم إلهاء الناس كي لا تنظر لمدى فشل الحكم في التصدي لمشاكلهم الحياتية التي لأجلها قامت الثورة. ما الذي تستدعيه أزمة المياه من تساؤلات؟ - أول ما تستدعيه هل هي أزمة طارئه؟.. بالطبع لا فهذا السد الذي تقيمه أثيوبيا لم يتم الاعداد له بين يوم وليله فمصر كانت على علم به منذ زمن، ولكن نظام الحكم السابق ظل متراخياً في البحث عن الحلول الحقيقية للتعاطي مع الامر وقد اكد خبراء المياه وجود بدائل حقيقية للأزمة في إطار التكامل الافريقي لكن للأسف الشديد ظل النظام السابق غير مبال بالمشكلة ورفع يده عن أفريقيا تماما لذا لابد ألا نلوم سوى أنفسنا فيما جرى. إذن «مرسي» برىء من التهمة التي يتم تسويقها حول دوره في الأزمة؟ - المشكلة أن «مرسي» سار على نفس درب النظام السابق إذ لم يلجأ للحلول العلمية، كما انه لم يتوجه على الفور نحو الدفع بدور قوى لمصر للعودة لأفريقيا فكان ماكان.. نعم أزمة سد النهضة كانت موجودة من أيام «مبارك» لكن لم تكن أثيوبيا تجرؤ في البدء في مشروع السد على أرض الواقع. لماذا من وجهة نظرك كانت أثيوبيا تؤجل تنفيذ المشروع؟ - لأن الخارجية المصرية كانت تدير المشروع باقتدار واحتراف شديدين، الآن أنت ترى كافة المرافق متعثرة والحكومة لا تقوم بدورها لذا جاءت الفرصة الذهبية لأثيوبيا لكي تنجز المشروع. وهل من أوراق ضغط مازالت باقية في أيدي المفاوض المصري؟ - علينا ان نتعامل مع الأزمة وفق المعطيات الحديثة فلكل مقام مقام وهناك المخزون الاستراتيجي في العلاقات التي كانت تربطنا بأفريقيا ولابد من استثماره. وبالنسبة لدور الكنيسة في ذلك الملف هل بوسعها أن تقدم شيئاً؟ - الآن فقط تذكر الحكام الجدد أن للكنيسة دوراً بعد أن تجاهلوا حقوق الأقباط، فالرئيس يريد أن يصطحب معه البابا في زيارته لهناك من أجل المساهمة في حل الأزمة وقد جاء رد الكنيسة بصيراً حينما أشار إلى أن أثيوبيا باتت دولة مدنية لا دينية وفق ما أشار إليه الأنبا دانيال في اجتماع الرئيس مؤخراً. وما دلالة هذا الرد من قبل مسئول الكنيسة؟ - له دلالتان، الأولى أن اثيوبيا تغيرت بالفعل عن السابق والثاني هو خشية الكنيسة أن تتحمل تبعات مشروع السد حال فشلها في التدخل لحل الأزمة بمعنى أن يتم الترويج دعائياً بأن الكنيسة شاركت في مؤامرة مع أثيوبيا ضد مصالح مصر العليا لذا فإن الكنيسة بين نارين هل تشارك في المباحثات أم لا فإذا لم تشارك ستتهم بالنكوص عن خدمة الوطن وإذا شاركت وجاءت النتائج عكسية تتهم بأنها ضلع في المؤامرة وكم يذكرني ذلك الموقف المتشابك بالقول الشائع: «زمرنا لكم فلم ترقصوا ونحنا لكم فلم تبكوا» وغاية ما يمكن قوله في تلك المسألة أن الكنيسة مستعدة للقيام بدور غير أنها لا تضمن النتائج. لماذا؟ - ما يصل لأثيوبيا من مشاعر عدائية صادرة من هنا خلق بين الأثيوبيين حالة شعبية كتلك التي ولدت بين المصريين عند بناء السد العالي، وبالتالي علينا أن نعي بأن الأمر ليس عاطفيا، فالمشروع الأثيوبي غير قابل للإلغاء لذا علينا الكف عن تلك اللهجة العنترية التي نتعامل بها حيال الازمة. لكن ليس من المنطق أن نقابل الأمر بالتجاهل؟ - لم أطلب ذلك ولكني أريد أن نتبع أسلوباً علمياً في التعامل مع الأزمة فضلاً عن أن التهويل منها لايجدي. أي تهويل تقصد؟ - هناك تهويل مفاده أننا سنتعرض للموت عطشاً وجوعاً بعد المشروع الأثيوبي وهذا ليس بصحيح، ينبغي أن نرشد استخدامنا من المياه فنحن نتعامل مع تلك الثورة برعونة وسفه شديدين، فمازلنا على سبيل المثال نمارس الزراعة كما ورثناها من أيام الفراعنة، مما يتسبب في إهدار كميات هائلة من المياه، فهل من المعقول أن نستمر في زراعة بعض المشاريع بالغمر كالأرز على سبيل المثال؟ هناك طرق حديثة لا أدري لماذا لا تلجأ إليها وزارة الزراعة، فضلاً عن السلوك غير الحكيم من قبل المواطنين في إهدار المياه عن طريق رش الشوارع وعدم التحكم برشد في استخدامها منزلياً ناهيك عن عدم اصلاح حال المصارف والترع التي ورثناها منذ أيام محمد علي كما أن التعامل مع نهر النيل يكشف بوضوح شديد عن اهمالنا له وعدم إدراكنا لأهميته كشريان للحياة.. لابد من مشاريع كان عليها القيام بها منذ زمن لعدم اهدار كميات هائلة من المياه مثل تبطين فروع النهر للحفاظ على تلك الثروة. هل تعتقد أن الرئيس ونظامه سوف يستمرون في سدة الحكم حتى نهاية ولايته؟ - يجيبك عن هذا السؤال مستوى إدارتهم لشئون البلاد خلال الفترة الماضية، فقد أخفقوا في حل معظم المشاكل ومن يشهد بصحة ذلك أولئك الذين منحوهم أصواتهم على أساس أنهم «بتوع ربنا» فقد باتوا يعترفون بفشل حكم الإخوان وأنهم لم يقدموا للناس شيئاً، وأنه بينهم وبين ربنا أميال بعيدة بينما المواطن المصري العادي متدين بطبعه لا يعرف التطرف. وينبغي أن ندرك أن أهم مكسب هو خلو بلادنا من التطرف باستثناء أصوات معدودة بين كلا الفريقين الاسلامي والقبطي ولقد استمد المصري اعتدال مزاجه ورفضه للتطرف من جريان النهر وتدفقه وتوكله على الله حيث ترسخ في وجدان المصري عبر الزمن تخليه عن كافة أشكال التطرف. توجد دلالات تاريخيه على أن المصري متدين بطبعه؟ - من يقرأ التاريخ يعلم أن حاكم القرية في مصر القديمة كان إلها معبوداً ولما دخلت المسيحية أصبح الإله قديساً وعندما جاء الاسلام تحول إلى ولي وعندما ننظر للمساجد المنتشرة ندرك أنها كانت اولاً بلا مآذن حتى انتقلت اليها الفكرة من الكنائس التي عرفت بدورها المآذن من خلال فكرة المسلات عند الفراعنة والتي تحولت لقباب في الكنائس والأديرة. وما دلالات ذلك؟ - إن المصري كلما اعتنق ديناً أخذ معه موروثه الشعبي بعد أن يصبغه بصبغته الثقافية ومن قبيل ذلك ما يعرف عند المصريين ب «السبوع» والذي يعرف لدى الإسلاميين بالعقيقة كذلك يمتد التأثير للغة، ففي العامية المصرية لا تنطق الثاء كما الحال عند نطق يومي الاثنين والثلاثاء وكل ذلك بتأثير الفرعونية القديمة ومن ذلك استخدام المصريين لكلمة القوطة بدلاً من الطماطم. هل تعتقد أن تأثير الاسلاميين في الشارع سوف يتراجع بعد الاخفاق السياسي الذي لازمهم؟ - أعتقد أن بداخل المصريين معتقداً راسخاً مفاده أنهم يعرفون طريقهم إلى الله وهم يجلون رجل الدين ويقدرونه طالما كان معيناً لهم على تصاريف الحياة وعلى سبيل المثال لا يعرف الكثيرون لماذا ننطق على صنبور المياه «حنفية» وسموها كذلك تقديراً لأحد مشايخ المذهب الحنفي حينما أباح لهم على عكس رأي عموم المشايخ استخدام صنابير المياه التي قامت بتدشينها الحملة الفرنسية بعد تفشي أمراض التيفود إذ رأى المشايخ أنه لايجوز حبس المياه لأن الله أجرى المياه فعارضهم ذلك الإمام الحنفي مما جعل المصريين يقدرونه وما يدهشك في هذا الشعب أن لديه حلاً لكل المعضلات التي تقف في طريقه. ما أبرز ملاحظاتك على حكم الإخوان؟ - أنهم منفصلون عن الواقع وعن الناس برغم مزاعمهم بأنهم على صلة بالجماهير ويعملون على حل مشاكلهم غير أن الحقيقة تشير إلى عكس ذلك فالمؤشرات تؤكد أن غضب الناس يتنامى وأن شعبية الحكام الجدد آخذة في التردي والتراجع بشكل لافت. بعد قرابة عام من حكمهم لم ينجحوا في انجاز وعد واحد من وعودهم التي قطعوها على أنفسهم عبر برنامج الرئيس بل تفاقمت الأزمات بشكل كبير. هناك من يرى أنهم لم يتسلموا السلطة بعد؟ - هذا الكلام يفتقر للصواب لقد استلموا السلطة والرئيس كامل الصلاحيات ويشكل الحكومة ويقصى من يشاء ويعين من يشاء فكيف لم يستلموا السلطة بعد؟.. لقد دخلوا في صدام مع مؤسسات المجتمع المختلفة وتناسوا وعودهم للجماهير. وما أبرز أخطاء «مرسي»؟ - هي نفس أخطاء جماعته، لم يدرك أن هناك فرقا بين حكم بلد بحجم مصر تعداد سكانه 90 مليون مواطن وبين حكم جماعة ومن المدهش فعلاً أنهم يرتبون لهذه اللحظة منذ ثمانين عاما وعند وصولهم للحكم لايعرفون كيف يديرون شئون البلد. وهل من تفسير لهذا الارتباك؟ - هي حالة معروفة في علم النفس مفادها أن من تعود حياة الأقبية والسرية لا يستطيع التكيف مع الحياة فوق سطح الأرض. كيف ترى موقف الإخوان من الأقباط بعد وصولهم للسلطة؟ - هم متسقون مع أنفسهم والأقباط بالنسبة لهم رعايا يخضعون لفقه الذمة وهو اعتقاد لا يتسق مع العصر الذي نعيشه فمصر دولة حديثة وليست قبيلة كي تدار وفق ما يريدون. الحديث عن مؤامرة لإسقاط المشروع الاسلامي في الحكم كيف تنظر إليه؟ - لا توجد مؤامرات من أي نوع وإن كان هناك ثمة مؤامرة على الرئيس أو المشروع الذي يدعمه فهي من صنيعة الإخوان فهم من انقلبوا على معظم المؤسسات من أجل صبغ كافة المؤسسات بصبغة الأخونة. هل ترى أنهم يراهنون على الجيش؟ - جيش مصر وطني عقيدته الانتماء ولم ولن يكون جيش مرتزقة في يوم من الأيام لخدمة فئة بعينها. ألا تلمس انجازاً واحداً في حكم الإخوان؟ - لا أنا ولا غيري لمسنا انجازاً منهم، وعندما ألمس من ذلك شيئاً سأذكره. فوجئت بهذا الأداء المتواضع لهم؟ - طبعاً كنت أتخيل أن لديهم كوادر في كافة المجالات لكن الحقيقة كشفت عكس ذلك. ليس لديهم خبرات؟ - يمتلكون خبرات من عاش في الظل طويلاً وغاية ما توفره تلك الخبرة أنها تمنح صاحبها فرصة أفضل للرؤية عمن يقيم في دائرة الضوء. وما خطؤهم الأكبر من وجهة نظرك؟ - غياب الرؤية والإرادة السياسية، ليس لديهم برنامج وخطط تنموية وخطابهم يسقط كافة الأشكال الوطنية فهم يعرفون لمن يتوجهون ومن يخاطبون لكن فاتهم أن الجماهير أشد ذكاء منهم. هل أنت متفائل بالنسبة لإحراز المطالب العالقة للأقباط في عهد الأنبا تواضروس؟ - متفائلون كثيراً ولقد التقيناه وأبدى تفهماً كثيراً لمطالبنا التي ننادي بها منذ زمن بعيد. وما الذي يؤلمك في المشهد الراهن؟ - أن تتحول دولة ظلت حاضنة للحضارات لدولة تابعة، لقد كانت مصر دولة الخلافة الأيوبية والفاطمية والمملوكية ثم آل وضعها إلى أن تصبح تابعة لدولة صغيرة، كم هذا الأمر مؤلم. بطاقة شخصية كمال زاخر موسى ولد في عام 1949 بمركز الغنايم في محافظة اسيوط حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة مفكر وكاتب وأحد أبرز رموز التيار العلمانى والدولة المدنية أحد وجوه المعارضة المستنيرة ويقود الدعوة لتطوير الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية. له العديد من الكتب والمقالات حول التيار المدني ودعا لتحرر العقل كأداة أساسية للتقدم الذي تحتاجه مصر، كما خاض معارك حظيت باهتمام واسع بين المهتمين بالعمل الكنسي والرافضين لرياح التجديد