هل يعيد التاريخ نفسه ويقع العالم أجمع فى زيف حلم التغيير فى إيران بعد فوز حسن روحانى وخاصة أن حالة التهليل والترحيب العالمية ذكرتنى بمشهد مشابه حدث منذ سنوات عند فوز محمد خاتمي ممثل التيار الإصلاحي. فقد كان خطأ الغرب حين ذاك أنه كان يرى خاتمي إصلاحيا ومنفتحا وسيُقرب بين الغرب وايران. بل إنهم في الغرب رأوا خاتمي طرازا جديدا من جورباتشوف يفعل بايران ما فعله ميخائيل جورباتشوف بالاتحاد السوفييتي. وبدأت صحف العالم تكتب تقارير عن «البريسترويكا» و«جلاسنوست» على الطريقة الفارسية. ولكن الذى تغير هو المظهر لا الجوهر. فمن وراء الستار نجح السيد محمد خاتمي البسّام بواسطة رسالته المفهومة جدا وهي «التقريب بين الحضارات»، إخفاء مشروع بلده في تخصيب اليورانيوم الذي بدأ يزداد زخما في عهده. والآن العالم يهلل بفوز المرشح الوحيد عن التيار الاصلاحي الذي بقي في المنافسة، وهو رجل الدين حسن روحاني. الذى بعد فوزه سيصبح في إيران زعيما روحيا ورئيسا روحانيا. على الجانب الاخر لاتمثل الانتخابات بالنسبة لاسرائيل معني كبيرا لأنه ليس للرئيس المنتخب أي تأثير في سياسة بلاده الخارجية لأن الزعيم الروحي يُديرها ويوجهها. وحتى لو وافق خامنئي علي ان يهب لرئيسه الجديد صلاحيات فمن المؤكد أنه سيُبقي لنفسه المواضيع الحساسة وستشمل في جملة ما تشمل اسرائيل وسوريا والموضوع الذري بالطبع. ولكن فوز روحاني سيعبر ايضا عن شبه رسالة اعتدال من إيران إلي واشنطن. وهذه حيلة لامعة في العلاقات العامة. وفي الوقت الذي ستحاول فيه وزارة الخارجية الامريكية تفسير هذا الاجراء ودراسة الرئيس الجديد تستطيع آلات الطرد المركزي ان تحتفل وتدور دورات اخرى كثيرة وخطيرة. واذا كانت الطبقة الدنيا في إيران مؤيدة للثورة دائما. لكن الطبقة الوسطى هي مشكلة روحانى، إلى جانب ان التضخم المالي السنوي يبلغ 30 في المائة علي الأقل مع انخفاض عائدات النفط الي النصف بسبب الحظر الذي فرضه الاتحاد الاوروبي علي إيران. والبنوك هناك مقطوعة عن شبكة البنوك الدولية وهو شيء يضر بالتجارة في الدولة. أما قيمة العملة المحلية فتتهاوى. في وقت تنفق فيه الدولة علي منظمة حزب الله، وتفعل فيه كل شيء لاحراز قنبلة ذرية». ولقد اعتمد حسن روحاني (64) عاماً المفتاح كشعار يفترض أن يفتح باب الحلول أمام إيران. واستفاد من انسحاب المرشح الإصلاحي محمد رضا عارف، كما تلقى دعم الرئيسين السابقين المعتدل أكبر هاشمي رفسنجاني والإصلاحي محمد خاتمي. ويدعو روحاني إلى مزيد من المرونة في المفاوضات مع الدول الغربية لتخفيف العقوبات المفروضة على إيران، وفى الحقيقة ان بارقة الأمل فى انتخابه تأتى من أنه له قدرة على التخفيف من الذهاب نحو الحرب المذهبية في المنطقة التي يسعرها تدخل إيران, وتأييدها النظام في سوريا، وذلك بناء على ما صرح به روحاني لصحف خليجية وما أعلنه لجهات عدة فى رغبته في العمل على تحسين علاقات إيران مع الدول المجاورة لا سيما الخليجية منها وان هذا الأمر سيكون أولويته القصوى متى انتخب رئيساً. وهو أمر استدرج ترحيباً خليجياً عبرت عنه المملكة العربية السعودية على لسان الملك عبد الله بن عبد العزيز مؤكدا حرص الرئيس المنتخب «على تحسين العلاقات بين البلدين». وروحاني واحد من الشخصيات السياسية المهمة في إيران، حيث شغل العديد من المناصب البرلمانية، التي تضمنت منصب نائب رئيس البرلمان وممثل آية الله خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي.وكان أحد كبار المفاوضين في المحادثات النووية مع الاتحاد الأوروبي، إبان ولاية خاتمي. كما أنه يرأس حاليا مركز الأبحاث الاستراتيجية في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو أحد الأجهزة الاستشارية العليا للمرشد الأعلى. وخلال المظاهرات الطلابية التي خرجت مناهضة لإغلاق إحدى الصحف الإصلاحية عام 1999، تبنى روحاني موقفا شديدا بإعلانه أن من ألقي القبض عليهم في تلك المظاهرات بتهمة التخريب وتدمير ممتلكات الدولة سيواجهون عقوبة الإعدام إذا ما ثبتت إدانتهم.إلا أنه وفي وقت لاحق، أبدى دعمه للمظاهرات التي اندلعت عقب انتخابات عام 2009 ووجه انتقاداته للحكومة لمعارضتها ما كان يراه من حق الشعب في التظاهر السلمي. وفي حياة حسن روحاني مأساة دموية من داخل بيته، وهي انتحار ابنه الأكبر قبل 21 سنة « لخجله من انتماء أبيه إلى نظام الملالي» وانتحر بمسدس أبيه كان ذلك في أبريل 1992 بطهران، ولقد أدى هذا إلى شعور روحانى في ذلك الوقت بهزة عميقة «فعزل نفسه عن العالم لأكثر من عام كامل. وتعهد روحاني بإجراء إصلاحات وإطلاق سراح السجناء السياسيين وضمان الحقوق المدنية والتعهد باستعادة «كرامة البلاد». والعمل على حل القضايا الحساسة مثل المواجهة مع الغرب بخصوص الملف النووي وتردي علاقات إيران دوليا والوضع المتردي للاقتصاد الإيراني وعزلة طهران عن المجتمع الدولي.. والسؤال الآن: هل يفى روحانى بعهوده ,وهل سيعيد العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة التي قطعت علاقاتها مع إيران في أعقاب هجوم طلاب إسلاميين على السفارة الأمريكية في طهران عام 1979, وهل روحاني الذى يجيد اللغة الإنجليزية والألمانية والفرنسية والروسية والعربية، والحاصل على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة جلاسجو كاليدونيان باسكتلندا سيكون متفتحا و تؤثر ثقافته فى قرارته وتصبح أكثر تنويرية.