خسرت مصر و الحركة اليسارية رمزاً من الرعيل الأول لتلك الحركة ألا و هو الأستاذ عريان نصيف الذى لقب بمحامى الفلاحين لنضاله المستمر دفاعاً عن فئة تقدم لنا كل خير على أرض مصر الطيبة و تقابلها الدولة المصرية على مدار الأزمان بالتجاهل و عدم الاهتمام بهذه الأغلبية الراضية بأبسط الأشياء مع أنها تقدم لهذا الوطن أعظمها . و خسارتنا لهذا المناضل النقى الذى رحل عنا فى هذا الوقت العصيب الذى تمر به بلادنا بعد أن أفنى عمره الطويل فى خدمة قضايا أمته و مجتمعه العادلة فى ظل جميع الأنظمة التى عاصرها فى العهد الملكى أو العهد الجمهورى والذى لم يحظى منهما إلا بالتنكيل و السجن و الاعتقال و رغم كل ما تعرض له أستاذنا الراحل عريان نصيف إلا أن هذا لم يثنه لحظة واحدة عن التخلى عن القضية التى آمن بعدالتها من أوائل الخمسينات من القرن الماضى و حتى وافته المنية خلال الأسبوع المنصرم . لقد مارس عبر كل هذه السنوات ما آمن به فكان من مؤسسى حركة (حدتو) ثم الحزب الشيوعى المصرى ثم حزب التجمع مع زعيمه خالد محيى الدين أطال الله عمره .. لقد كان الفقيد الراحل و رغم إختلافنا الفكرى معه يحظى بتقديرنا و إحترامنا و له منزلة خاصة لدى جميع التيارات و الفصائل التى ودعته فى مسقط رأسه فى طنطا بعد حياة و جهد ترك بصماته الواضحة على الكثير من تلاميذه و مريديه الكثيرين الذين جذبتهم الموضوعية و التواضع الذى كان يتحلى بها ، ناهيك عن إحترامه للآخر و طيبة الأستاذ عريان التى كان يضرب بها المثل و شهد بها أعدائه قبل أصدقاؤه. و برحيل عريان نصيف نفقد واحداً من الرموز التى كانت مثالاً للتفاؤل حتى فى أحلك الظروف و الثقة و الأمل اللامحدود فى أن الشعب سينتصر لا محالة و سيحصل على حقوقه كاملة فى العيش و الحرية و العدالة الإجتماعية و لعل من أجمل لحظات فقيدنا تلك اللحظة التى حمله فيها شباب ثورة 25 يناير العظيم ليهتف بسقوط نظام المخلوع و هى اللقطة التى سجلتها عدسة الزميل أبو المعالى فائق القيادى فى حزب العمل ذو التوجه الاسلامى فى نموذج آخر ينم عن مدى ما حظى به الراحل العظيم من تقدير و مكانة خاصة لدى الجميع . لقد كنا نتمنى أن يظل معنا استاذنا ليرى أن دماء شهداء ثورة 25 يناير لم تذهب هباءاً و انما كانت مجرد قطرات لتمد الأرض المصرية الطيبة لتخرج ثمار الحرية الحقيقية التى طالما حلم الفقيد ان يرى مصر تتمتع بها ، و نحن نودعه نعاهده على أن نستكمل مسيرته فى الدفاع عن مصر و حرية أبناءها . و إذا كنا قد فقدناك يا أستاذنا الجليل متقبلين إرادة الله عزَّ وجلّ ، فإننا لا نقول وداعاً و إنما نقول لك إلى اللقاء. فتّح الموت حين أغمض عينيه عيون الورى على حسناته فهو ماض له جلاله آت من فتوحاته ومن غزواته والفتى العبقريّ يولد إذ يولد في مهده، ويوم مماته (إيليا أبوماضى) *** المحامى بالنقض و رئيس اللجنة الدستورية و التشريعية بحزب الوفد