في ظل هذه الظروف المفككة التي يعيشها المجتمع المصرى بعد الثورة التي غابت فيها القدوة والأخلاق والانتماء للوطن والجميع يسعي تخريباً فيه.. ما أحوجنا إلي دراما يشعر معها المشاهد، والشباب باحترام الوطن وتقوية مشاعر الانتماء.. و«دراما الجاسوسية» هي أحد أهم الأعمال التي تكشف عن أدوار بطولية حقيقية رائعة وتضحيات كبيرة من رجالات المخابرات المصرية قبل وبعد حرب 73 وكشفت أيضاً عن شخصيات «هيرو» أول البطل، كما جاءت في مسلسلات شهيرة مثل «دموع في عيون وقحة» عن البطل المصري «أحمد الهوان»، وأيضاً في مسلسلات رأفت الهجان والحفار والثعلب وأيضاً في مسلسلات «العميل 1001» و«السقوط في بئر سبع» و«حرب الجواسيس» وأخيراً «عابد كرمان» و«الصفعة» وكلها أعمال تؤكد النجاح والدور الحقيقي للمخابرات المصرية.. لكن هذه الدراما للأسف في تراجع كبير الآن رغم حاجتنا إليها. وعن أسباب هذا التراجع يرصدها المخرج الكبير مجدي أبو عميرة الذي قدم العام الماضى مسلسل «الصفعة» قائلاً: «دراما الجاسوسية قوية ومثيرة وعادة ما تجذب المشاهد» والأمثلة علي نجاحها كثيرة جداً مثل «الهجان» و«دموع في عيون وقحة» وغيرها، وأيضاً «الحفار» و«الثعلب» وقدمت هذه الأعمال حقيقة الدور الوطنى لرجال المخابرات المصرية وكيف حموا مصر من محاولات الاختراق من العدو وإنتاجها في هذه الظروف واجب وطني لما تقدمه من دعم لأواصر الانتماء للشباب ووطنهم وتوعيته بدورهم وما أحوجنا لإبراز هذه البطولات في هذا الوقت الذي «هان فيه الوطن» علي الجميع ومزقوا جسده وقسموا أشلاءه ولم يعد أحد يخاف عليه.. وأضاف: السبب الأكبر في تراجع وجود هذه النوعية الآن هو غياب دور الدولة عن الإنتاج وهى المفترض أن تتكفل بإنتاج هذه النوعية لما لها من قيمة معنوية وتأكيد قوي وواجب قومي، لكن غياب الدولة غير المبرر أدى لتخوف الجميع من الإقدام علي هذه النوعية لأنها تحتاج لتكلفة إنتاجية ضخمة نظراً لطبيعة الوقت الذي تدور فيه وتحتاج لديكورات وملابس وسيارات وشوارع تتماشي معه هذا الوقت والمنتج الخاص الآن لا يملك السيولة الكافية لإنتاج هذه الأعمال ولم يقدم عليها العام الماضي سوي شركة سيرنجي التي قدمت الصفعة بمفردها لشريف منير بعد تخلي تليفزيون الدولة عن المشاركة في إنتاجه.. وأضاف «أبو عميرة» ما ينطبق علي دراما الجاسوسية ينطبق الآن علي تراجع المسلسلات التاريخية والدينية التي تبرز حضارة ومكانة مصر لكن للأسف لا تجد سوقاً لترويجها الآن رغم أنه من الواجب إنتاجها دون النظر لعائدها التسويقي. بينما يري اللواء الدكتور عادل شاهين وكيل المخابرات الأسبق الذي كتب القصة والمعالجة الدرامية لمسلسل «الصفعة» أن مسلسلات الجاسوسية هي شكل درامي ينشط ويستدعي ذاكرة المصريين والعرب بدور جهاز المخابرات العامة المصرية في الحفاظ علي الأمن القومي المصرى ويذكر بأهمية وقيمة الانتماء للوطن وحب الوطن وتكشف عن الدور المهم والبطولى لهذا الجهاز ويؤكد أنه كان ومازال وسيظل ملكاً لمصر والمصريين ويعمل علي حمايتهم وحماية الوطن.. وأشار «شاهين» إلى أن جهاز المخابرات المصري الوحيد علي مستوي العام الذي لديه متحف قومي يحوي كل بطولاته وإنجازاته والرصيد التاريخي له لا يعد ولا يحصى وخروج بعض هذه الإنجازات للنور في شكل درامي سيكون في الوقت المناسب لتكون أوسمة ونياشين علي صدر رجال المخابرات ونحن والكلام ل«شاهين» نختار الوقت المناسب لخروج هذه البطولات ونعد بأن تكون هناك أعمال قريبة لإنجازات هذا الجهاز تنشط ذاكرة وانتماء المصريين للوطن في ظل هذه الظروف السيئة في كل النواحي ولا تسمح حتي بالتفاؤل.. وأوضح شاهين أن أي عمل يتعلق بأعمال المخابرات سواء كان كائناً مدناً أو عسكرياً لابد أن يأخذ موافقة مبدئية من المخابرات ثم موافقة علي النص وقد يتم الموافقة أو الرفض طبقاً لمواءمات المصلحة العامة. وأكد «شاهين» أن مسلسل «الصفعة» قصة حقيقية ومن أبرز أعمال المخابرات العامة المصرية التي نجح فيها رجالها من تتبع والقبض علي جاسوس إسرائيلى من ضباط الموساد من أصل مصري عربى بمنطقة الظاهر، وتم إعادة تصديره لمصر وتم القبض عليه في اليمن والقدوم به لمصر عبر المملكة السعودية وتم مبادلته بمجموعة كبيرة من الأسرى بعد انتصارنا في حرب أكتوبر 73.. وهذا العمل نموذج من نماذج نجاح رجال المخابرات الكثيرة الموجودة في رصيدها التاريخي.. وأبدى «شاهين» اندهاشه من تحول مسار الدراما المصرية لموضوعات لا تكشف عن عظمة وتاريخ وحضارة مصر ومكانتها وانزلقت لأعمال ترصد ما تعيشه من سوء في كل شيء وتراجع مع أنها من المفترض أن تحس على القدوة والأخلاق في شكل درامى.