تحت عنوان "قرع الطبول على ضفاف نهر النيل" أعدت صحيفة (حريت ديلي نيوز) التركية تحليلاً للأزمة التي تواجهها مصر نتيجة البدء في بناء سد "النهضة" الإثيوبي العظيم، ووضعت بعض السيناريوهات التي يمكن أن تواجهها مصر. واستهلت الصحيفة تحليلها قائلة: اعتاد جميع طلاب الجغرافيا السياسية على أسطورة أن مصر ستدخل في حرب إذا فكرت حكومات دول منبع النيل من بناء أي سدود على النهر دون أن تسمح لها مصر بذلك. ويبدو الآن أن هذه القصة تخضع للاختبار الحقيقي. الشهر الماضي بدأت إثيوبيا بتحويل مجرى مياه النيل الأزرق من أجل بناء سد النهضة الإثيوبي، وهو مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية بما يقرب من 6 آلاف ميجا وات وتصل تكلفة المشروع 4.7 مليار دولار، وهذا هو محور خطة البلاد لتصبح أكبر مصدر للطاقة في إفريقيا. واعترضت مصر على الفور. وأضافت الصحيفة قائلة: مصر تعتمد كلية على نهر النيل في الحصول على مياه الري لزراعة المحاصيل الغذائية. حتى الآن ليس هناك ما يكفي، حتى أن مصر تستورد بالفعل ما يقرب من 40% من احتياجاتها الغذائية، ولازال عدد سكانها ينمو بسرعة. فإذا كانت كمية المياه القادمة من نهر النيل سيتم تقليلها بشكل ملحوظ، فإن المصريين سيعانون من الجوع. ورات الصحيفة أن السيناريو الأول هو أنه بحلول عام 2025، سيتطلب من مصر إطعام 96 مليون شخص، والذي سيكون من الصعب جدا في ظل حصة المياة المتضائلة ووارداتها المتزايدة من الغذاء. وبدون الماء، فإن مصر الآن ليس لديها خيارات سوى أن تتسول على الدول الأخرى للحصول على واردات غذائية ضخمة أو أنها ستدخل في مجاعة حتمية. أما عن سيناريو الحرب، فإن مصر تفتقر له ويمكن أنها تفشل في إتمامه، فليس فقط نتيجة دول المنبع بطول نهر النيل، أطول نهر في العالم، ولكن سيكون لديهم دعم قوي من الصين، التي تمول معظم السدود الآن التي تقوم سواء ببناءها أو التخطيط لها. ومصر، على النقيض من ذلك، فقد تنكرت من حليفها الأمريكي السابق، وربما تجد أن أمريكا غير راغبة في إعادة الانخراط مع مصر ثانية، حتى ولو تغلبت الحكومة المصرية على نفور واشنطن لها، ويبقي السؤال هنا..."لماذا قد تدخل أمريكا في حرب مع الصين من أجل مصر؟؟!!. لذلك ربما لن تكون هناك حرب. ومصر ربما ستواجه مجاعة مروعة خلال عشرة أو خمسة عشر عاما. وقالت الصحيفة: إن هذا السد هو مجرد بداية. وتعتزم إثيوبيا أن تنفق ما يقرب من 12 مليار دولار على السدود على النيل الأزرق لتوليد الكهرباء والري، وأوغندا تتفاوض مع الصين لتمويل سد ينتج 600 ميجاوات على النيل الأبيض. وهناك المزيد من السدود ومشاريع الري، ودول المنبع ليست مهيئة للسماح لمصر بممارسة حق الفيتو بموجب معاهدة 1929. وفرضت تلك المعاهدة عندما كانت جميع الدول المعنية باستثناء إثيوبيا تحت الحكم البريطاني، وتعكس الاستثمار البريطاني الكبير في مصر. ولكن في عام 2010 وقعت دول المنبع الست (بما في ذلك بوروندي ورواندا) على اتفاق إطار تعاوني للحصول على المزيد من المياه من النيل، ورفضوا بشكل فعال معاهدة الحقبة الاستعمارية وطالبوا مصر بالتخلي عن حق الفيتو وقبول حصة مياه أقل. وهذا ما لن يحدث. فقد حذر "محمد علام"، وزير الموارد المائية في عهد الرئيس السابق "حسني مبارك"، عندما وقعت دول المنبع اتفاقهما قبل ثلاث سنوات، قائلاً: "مصر ستحتفظ بحقها وذلك باتخاذ ما تراه مناسبا لحماية حصتها". من المحتمل أن يتم ركن أو تجاهل هذه القضية لبضع سنوات، لأنه لن يتم الانتهاء من سد النهضة الإثيوبي العظيم حتى عام 2015 على أقل تقدير. ولكن ذلك سيضع مصر والسودان أمام مشكلة كبيرة.