أجمع خبراء إعلاميون على ضرورة التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها أدوات مكملة للوسائل الإعلامية التقليدية وليست بديلا لها.. مؤكدين أنه رغم ما تمثله هذه الوسائل من أهمية إلا أنها تفتقد إلى حد بعيد للمصداقية والثقة التي يتمتع بها الإعلام التقليدي. ودعا المشاركون في جلسة " الخبر في زمن الطفرة الرقمية" ضمن فعاليات اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي إلى ضرورة التأكيد على الالتزام بالموضوعية والحيادية والمهنية الإعلامية بعيدًا عن الدخول في أجندات سياسية أو مشاريع تخدم توجهات معينة على حساب أخرى. وطالب الخبراء وسائل الإعلام التقليدية بأن تتقن أصول التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي التي لن تكون بديلا عن الإعلام التقليدي مع الحفاظ على أعلى مستويات الثقة لدى المشاهد أو القارئ، حيث تقع مسؤولية بناء هذه الثقة على عاتق الجهات الإعلامية ذاتها وليس المتلقي ذاته. وناقشت الجلسة التي أدارتها الإعلامية ملاك جعفر من قناة "بي بي سي" العربية العديد من المحاور المهمة المتعلقة بصنع الخبر في المستقبل والتطورات والتحولات في بيئة عمل المراسلين الميدانيين، وكيف أثرت على صناعة الخبر فضلا عن التساؤلات بشأن تراجع مهنة المراسل الميداني التقليدي في المدى القريب. وشارك في الجلسة ظاعن شاهين المدير العام لقطاع النشر مؤسسة دبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة البيان، وثائر سوقار مدير الاستراتيجيات الرقمية قناة "سكاي نيوز عربية، وريما مكتبي مراسلة قناة العربية الإخبارية، وسامية نخول محررة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا "طومسون رويترز"، ونادية أبو المجد مديرة تحرير غرفة الأخبار بقناة "مصر العربية". وقال ظاعن شاهين:" إن الإعلام صناعة تختلف كليًا عن مواقع التواصل الاجتماعي التي تفتقد المصداقية والثقة إلى حد بعيد كما أن الفكر بين الوسيلتين مختلف كليا، حيث إن الصحافة الورقية والوسائل الأخرى كالتلفزيون والإذاعة لديها تقاليد مهنية لا يمكن التخلي عنها". مؤكدًا ضرورة مواصلة الانضباط رغم سيل الأخبار المتدفق يوميا على غرف التحرير التي باتت بدورها أكثر قدرة على البحث عن حقيقة الخبر رغم المصادر المتشعبة التي تتدفق منها الأخبار. وأضاف: إن الصحافة المكتوبة لديها مساحة لتحليل الخبر وإعداده للنشر في اليوم التالي. مشيرا إلى أن السيل المتدفق يوميا من الأخبار من مختلف المصادر جعل الصحفي متأخرًا في إدراك ما يدور من أحداث مقارنة بما كان معهودا عنه في السابق بأنه أول من يعلم بعد أن أصبحت المعلومة الإخبارية تأتي من الأفراد. وأكد شاهين أن وسائل الإعلام الاجتماعي لم ولن تكن بديلا أبدا عن الإعلام التقليدي فهذه الوسائط ربما تنقل الصورة لكنها لا تستطيع أن تنقل أو تنظر إلى خارج الإطار وانه إذا كان ذلك صحيحا لاضطرت الصحف والمحطات التليفزيونية لإغلاق أبوابها. وشددت نادية أبو المجد على ضرورة الالتزام بأعلى المعايير المهنية والأخلاقية والمصداقية في العمل الإعلامي العربي بعيدًا عن الأهواء والميول السياسية والشخصية وأنه يجب على الصحفي أن يتجرد من عواطفة وميولة عند كاتبة الخبر. وقالت:" إن قواعد المهنة لا تختلف من وسيلة إلى أخرى لكن ما حدث بسبب الحراك السياسي الذي شهدته المنطقة أوجد مناخا جديدًا يصعب معه عزل المشاعر عن الخبر حيث بات الصحفي ناشطا سياسيا ومغردا ومعارضا وبطلا قوميا في زمن السباق الى الشهرة مما أثر على القواعد المهنية".. مؤكدة أن الصحفي يجب أن يظل صحفيا بعيدا عن هذه النزاعات في حين نضع حياتنا في خطر لنقل الحقيقة في زمن الحروب والنزاعات لهذا يجب أن نكون مهنيين في هذه الظروف أكثر من أي وقت مضى وذلك رغم الضغوط التي تفرض بهدف محاربة الدقة. اعتبر ثائر سوقا أن مواقع التواصل الإجتماعي وسيلة مؤثرة في التغيير والتعبير وأداه لوسائل الإعلام لجمع الأخبار خاصة وأن بعض الجهات والمؤسسات الدولية تستخدمها كوسيلة لنشر الأخبار.. مشيرا في هذا الصدد إلى وصول خبر التعديل الوزاري في الإمارات عبر هذه القنوات قبل أن يصل إلى وسائل الإعلام الأمر الذي يزيد من أهمية هذه الوسائل. وأكد أن هذه القنوات والوسائل باتت حقيقة لا يمكن أن يغفلها أحد لهذا يجب التعامل معها باعتبارها العدو الصديق، مشيرا إلى أن هذا الواقع يزيد من أهمية الإعلام في تعميق الخبر وتحليله وأن هذه وسائل الإعلام الاجتماعي ليست بديلا عن الإعلام التقليدي بل تعد مكملة لها وفقا لإجماع الخبراء. وشدد على أهمية ألا يقود الحرص على السبق في الأخبار خاصة في مناطق الأحداث الملتهبة إلى الترويج لأخبار مضللة وغير دقيقة لكن هذا لا يعنى عدم الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد المصدر الأكثر شيوعا للوصول إلى الخبر في سوريا حاليا. وقال:" إن هذا الأمر يستلزم التحقق من الأخبار ومصادرها وفرض مزيد من الضغوط للتحري عن الخبر عبر استشارة أكثر من مصدر قبل نشره". ورفضت سامية نخول ما يسمى بالإعلام البديل، وقالت:" إن عملنا كإعلاميين يفرض علينا نقل الخبر الصحيح والدقيق بعيدا عن الأجندات السياسية والأخبار والفيديوهات "المفبركة" في زمن تتزاحم فيه مصادر الأخبار والمعلومات.. وعلينا التحقق من الخبر بالالتزام بأعلى معايير المهنية. مؤكدة أن دور الإعلام أكبر بكثير من خلال الرصد والتحليل وإعطاء الخبر بعدا أعمق. وأكدت أنه لا يوجد بديل عن تواجد الوسائل الإعلامية والمراسلين لها على الأرض بأي وسيلة، فلا يمكن أن نكتب عن واقع ما يحدث فيها عن بعد وبدون أن نتواجد في مواقع الأحداث موضحة أن الوكالات العالمية تخسر مراسليها في الحروب بحثا عن دقة الخبر. رصدت ريما مكتبي عبر تجربة على الأرض قامت بها في زيارة إلى سوريا والالتقاء بعدد من المراسيلن المحليين مشيرة إلى أنهم يلعبون دورا مهما في بعض الأوقات في المساعدة على نقل واقع يصعب للمراسلين والقنوات الوصول إليه أحيانا؛ بسبب القيود التي قد تفرض على الصحفيين والإعلاميين، ومنعهم من الدخول للمواقع وإغلاق محطاتهم وتهديدهم في كثير الأحيان .. مؤكدة ضرورة مطالبة الحكومات بتسهيل وصول الصحفيين إلى مواقع الأحداث.