على الرغم من ارتفاع الإيرادات مقارنة بالعامين السابقين، لاسيما فى ظل الظروف الاقتصادية وحالة التضخم التى تمر بها البلاد، لكن الأرقام الواردة لا تعكس حجم السوق المصرى. ما يؤكد أن السينما المصرية تقف على مفترق طرق ولم تتعافَ بعد. وأكد نقاد السينما، أن الأرقام المذكورة لا تخضع لدراسة ميدانية حقيقة، والبيانات الإحصائية عن ديموغرافية المشاهدين لم تأتِ من جهة أو مؤسسة موثوق منها، فهذه الأرقام من وحى خيال صُناعها. وأشاروا إلى أن الأفلام المنتجة خلال عام 2022، التى وصل عددها ل24 فيلمًا، وهو رقم أعلى من العامين الماضيين، بسبب الظروف التى فرضها كوفيد 19، لكن جميعها تفتقر للإبداع، باستثناء فيلم «كيرة والجن» الذى نجح فى تحطيم شباك التذاكر المصرى. أحمد سعد الدين: القرصنة تهدد صناعة السينما دق الناقد أحمد سعد الدين، ناقوس الخطر قائلا: تمر صناعة السينما بأزمة حقيقية بسبب الغلاء الاقتصادى الذى تسبب فى ارتفاع تذكرة السينما مما أثر على انصراف الجمهور المحب للسينما عن صالات العرض. وأوضح أن الأرقام التى أعلنت عنها الجهات المنتجة للأفلام لا تمثل الجمهور الطواق للسينما. لافتًا إلى أن الإيرادات جاءت من مواسم الأعياد، وخلال الستة اشهر الماضية لم تحقق الأفلام طفرة فى عالم الإيرادات باستثناء فيلم كيرة والجن الذى اعتمد مخرجه مروان حامد على الجمع بين نجمين كبار فى عمل واحد وهما كريم عبدالعزيز وأحمد عز، بخلاف الجرافيك والديكور الجيد والاضاءة يليه فيلم عمهم للنجم محمد إمام، أما باقى الأفلام التى جاءت فى ترتيب متأخر ضعيفة وحققت إيرادات تغطى تكاليف إنتاجها فقط. وأوضح أن هناك تحديات عديدة تهدد صناعة السينما لعل أبرزها: ارتفاع تكلفة التصوير الخارجى، وهو التحدى الذى يضغط على المنتج الذى يسعى أساسًا للربح، فيضطر لإيجاد حلول بديلة إما ببناء ديكورات مشابهة أو بالسفر خارج مصر للاستفادة من فرق الأسعار. مؤكدًا أنهم كنقاد لا يعترضون على مبدأ تحصيل الرسوم وإنما على القيمة العالية لتلك الرسوم، مطالبًا بظرورة تدخل الدولة لتوفير الدعم اللوجيستى للأفلام التى تتطلب مشاهدها اللجوء للتصوير الخارجى. وثانى أهم تحد يهدد الصناعة، هو ارتفاع أسعار التذاكر فى ظل حالة التضخم وارتفاع الأسعار التى تعانى منها البلاد، كما نوه على قضية القرصنة التى تهدد الصناعة الأمر الذى تسبب فى عزوف كبار المنتجين عن الإنتاج. محمد عبدالخالق: الأفلام لا تعكس حجم السوق المصري ومن جانبه أوضح الناقد محمد عبدالخالق، أن هناك تحديديات عديدة تعترض طريق الصناعة، مؤكدًا أن الإيرادات لا يمكن الاعتماد عليها فى تقييم الصناعة، لأنها لم تأتِ من جهات رسمية موثوق منها. وتابع: تواجه الصناعة أزمة حقيقية ليس فى الإيرادات فحسب، وأنما فى التوسع فى الإنتاج، والتوسع فى دور العرض السينمائية، والتنوع من الحبكات الدرامية. منوهًا أن العام الماضى إنتج 24 فيلمًا أغلبها تفتقر للإبداع الحقيقى، معظمها تجارية لا تحقق الغرض المرجو منها. وأشار إلى أنه ليس هناك إنتاج حقيقى متنوع يعكس السوق المصرى الذى يبلع تعداد سكانه أكثر من 103 ملايين نسمة. وعن تقييمه لموسم أفلام نصف العام والعيد، قال إن الأفلام التى تم الإعلان عنها، وهى «السرب والمطاريد، اتنين للإيجار، أخى فوق الشجرة، جروب الماميز، مغامرات كوكو، أنا لحبيبى، عاشق،» غير متنوعة فى الحبكات، وجميعها يدور فى إطار الكوميديا مع خط درامى رفيع يعبر عن القضية التى يتناولها الفيلم. وأشار إلى أن فيلم «نبيل الجميل أخطائى تجميل»، لا يُصنف من الأفلام المهمة لنجمه محمد هنيدى، أما فيلم «شلبى» فيراه مناسبًا للموسم كونه لايت وكوميديًا، إلى جانب أن النجم كريم محمود عبدالعزيز مازال لديه الكثير ليقدمه. ولفت إلى أن النجم رامز جلال يواجه تحديًا أمام نفسه فى فيلم «أخى فوق الشجرة» الذى يعرض حالياً فى دور العرض السينمائي حيث اعتاد رامز أن يعرض أفلامه فى موسم الفطر، الذى يحظى بمشاهدة كبيرة من الجمهور، لكنه قبل التحدى وأنجز الفيلم في موسم الدراسة وهى المرة الأولى التى يعرض له فيلم فى موسم منتصف العام، ليؤكد أنه نجم شباك من عدمه. طارق الشناوي: عام 2022 من أسوأ المواسم الفنية وفى سياق متصل، أكد الناقد الفنى طارق الشناوى أن عام 2022 هو أسوأ المواسم الفنية، فالسينما تعانى من الضعف الإنتاجى، وذلك من النواحى المالية وعجز من الناحية الفكرية فى تقديم منتج فنى جيد يؤثر فى المشاهدين، وما نراه هو مجرد أفكار يتم اقتباسها بأسلوب القص واللصق، فالدولة المصرية كانت تدعم السينما باستمرار حتى توقف هذا الدعم عام 2016، وعلى الدولة تقديم الدعم فى الوقت الحالى وعلى المسئولين بوزارة الثقافة تقديم الدعم للصناعة، فالسينما هى قوة مصر الناعمة وخير سفير لها دولياً، ولابد من تذليل كافة العقبات أمام أهل المهنة لتقديم رؤية سينمائية قوية ولابد من ظهور عديد من شركات الإنتاج إلى جانب الشركة التى تتصدر المشهد، خاصة أنها تقوم بأكثر من 30% من الكتلة الإنتاجية للأعمال السينمائية. وأوضح «الشناوى» أن أفضل فيلم للعام الماضى هو فيلم «كيرة والجن»، وذلك بسبب الإنتاج الضخم والعمل التقنى العالى والحبكة التاريخية فى قالب تشويقى يمتلئ بالإثارة والتشويق فتقديم الحقائق التاريخية فى سيناريو ملىء بالتشويق والإثارة هو مسألة غاية فى الصعوبة، وبالرغم من ذلك حقق الفيلم نجاحًا باهرًا، والإيرادات هى خير دليل على ذلك، حيث وصلت إلى 117 مليون جنيه. وأضاف الشناوى أن أفضل ممثلة رئيسة مناصفة بين منى زكى عن فيلم «العنكبوت» ودنيا سمير غانم عن فيلم «تسليم أهالى». خيرية البشلاوي: الأرقام تكشف عن أزمة حقيقية فيما أكدت الناقدة خيرية البشلاوى أن الأرقام المعلنة تكشف عن أزمة حقيقة، بسبب انخفاض عدد الأفلام المنتجة سنوياً، ففى الثمانينيات كان عددها 90 فيلمًا. موضحة أن سوء إدارة صناعة السينما أسهم فى تردى الصناعة، وتراجع حجم الإنتاج السينمائى، مؤكده أهمية دعم الدولة للصناعة. وأشارت «البشلاوى» إلى أن مصر تمتلك مجموعة متميزة من الفنانين والمبدعين، إلا أن تراجع مستوى العناصر الأخرى المتعلقة بصناعة السينما، التى تتمثل فى الكتابة والتصوير ودور العرض، أسهمت فى انخفاض الإنتاج السينمائى. محمد نبيل.. الإيرادات خادعة وقال محمد نبيل الناقد الفنى، إن الإيرادات التى تم الإعلان عنها خادعة، ولا تخضع لتقييم حقيقى، ولا تعبر عن جودة الإفلام، فهناك أفلام حققت إيرادات كبيرة ومستواها الفنى ضعيف والعكس. لافتًا إلى أن الموزعين يعرفون جيدًا كيف يتحصلون على الأقل التكلفة الإنتاجية للفيلم من خلال توزيعه فى دول الخليج، وحجز عدد شاشات عرض أكبر. وأضاف نبيل أن الأفلام التى تم عرضها خلال عام 2022 فى المجمل ضعيفة، باستثناء فيلم «كيرة والجن»، متوقعًا أن هذه الأفلام لا تعيش فى الذاكرة وسرعان ما تخفت نجمها فور انتزاعها من دور العرض، لأن جميعها أفكارًا مستهلكة. وكشف نبيل عن أن أفلام موسم نصف العام أغلبها خفيفة يغلب عليها الطابع الكوميدى، ولكن التنويع الموجود أفضل مقارنة من العاميين السابقين. وتوقع نبيل أن عام 2023 سيشهد انفراجة على مستوى عدد الأفلام المنتجة، بعدما تحسسوا السوق، ووجدوا أن المناخ مناسب للإنتاج على مستوى الإيرادات لا على مستوى حالة التضخم.