الحفاظ على الأشجار النادرة والأثرية أهم الشروط أستاذ دراسات بيئية: المواطن المصرى يعانى نقصاً شديداً فى المساحات الخضراء.. والمحافظة على الحديقة ضرورة قررت الحكومة مؤخراً تطوير حديقة الأورمان ضمن مخطط عام لتطويرها مع حديقة الحيوان، وكما حدث مع حديقة الحيوان أثار هذا القرار مخاوف عدد من الخبراء الذين يرون أن أشجار هذه الحديقة ثروة قومية يجب الحفاظ عليها، فالكل يرى أن التطوير واجب، ولكن يجب أن يتم بطريقة علمية بما لا يضر بالأشجار الأثرية الموجودة فى الحديقة التى يصل عمرها إلى مئات الأعوام. ويتضمن المخطط العام لتطوير حديقة الأورمان الذى نشرته وزارة الزراعة مؤخراً، رفع كفاءتها وصون ما بها من مبانٍ أثرية وتاريخية، والمحافظة على تلك المبانى الأثرية وزيادة المسطحات الخضراء، والمناطق التجارية، إلى جانب تصميمات خاصة بالمناطق الترفيهية المقرر إقامتها داخلها، مع ربطها بحديقة الحيوان كما كانت فى الأصل لتعظيم الاستفادة من إنشاء حديقة واحدة وثرية بالتنوع الحيوانى والنباتى، إلى جانب الاستعانة بالقطاع الخاص للمشاركة فى تنفيذ أعمال التطوير والإدارة والتشغيل للحديقة. وأضافت الوزارة، على لسان المتحدث باسمها الدكتور محمد القرش، أنه تم وضع خطة لتطوير حديقتى الحيوان والأورمان كمرحلة أولى، ونحن حريصون على رفع كفاءة كل الأصول الموجودة، وتوجيهات الرئيس واضحة فى هذا الإطار بضرورة الاستفادة من جميع الأصول، وخلق أماكن تكون متنفساً حقيقياً للمواطن وهو ما نعمل عليه بالتنسيق مع كل الأطراف المعنية. وتعتبر حديقة الأورمان من أكبر الحدائق النباتية فى العالم حيث إنها مقامة على مساحة 28 فداناً، ويرجع تاريخ إنشائها لعصر الخديو إسماعيل عام 1875 بهدف إمداد القصور الخديوية بالفاكهة والموالح والخضر التى تم استجلابها من جزيرة صقلية، وكانت الحديقة جزءاً من قصر الخديو الذى عرف آنذاك بسراى الجيزة، وجلب الخديو لهذه الحدائق أشجاراً ونباتات مزهرة من جميع أنحاء العالم، وقام بتصميم الحديقة على الطراز الطبيعى مهندسون فرنسيون وأشرف على تنفيذها المهندس ج. دليشفاليرى، ومعه كبير البستانيين إبراهيم حمودة، وكانت مساحتها 95 فداناً وقت إنشائها، وتضم ثلاثة أجزاء الأورمان، الحرملك ويقع الآن فى الجزء الغربى لحديقة الحيوان، والسلاملك، ويقع فى الجزء القبلى من الحديقة. وفى عام 1890 تم فصل حديقة الأورمان عن حديقة الحيوان، وظلت تابعة لقصر الخديو حتى عام 1910، ثم تسلمتها وزارة الزراعة، وعندما تم التخطيط لشارع الجامعة عام 1934 استقطع الجزء الجنوبى منها وتم ضمه إلى حديقة الحيوان فأصبحت مساحتها 28 فداناً. وكلمة أورمان كلمة تركية تعنى الغابة أو الأحراش وهى من الحدائق النباتية النادرة فى مصر حيث إنها تضم أكبر مجموعة نباتية تضم 100 فصيلة تشتمل على 300 جنس يتبعها 600 نوع. ويوجد بالحديقة قسم لتبادل البذور مع جميع الحدائق والمراكز البحثية فى العالم، وتتبع الحديقة الإدارة المركزية للتشجير والبيئة التابعة لوزارة الزراعة. ونظراً لأهمية هذه الحديقة العلمية والجمالية ثار العديد من المخاوف بعد الإعلان عن تطويرها، وأكد عبدالمسيح سمعان، الخبير البيئى وأستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس، أن تطوير حديقة الأورمان أمر جيد جداً خاصة بعدما أصبحت الحديقة غير جاذبة لعدد كبير من الزوار، رغم أهميتها فى الناحية النباتية، لذلك أصبح تطويرها ضرورياً فى ظل الأوضاع التى وصلت إليها الحديقة وضعف موارد التمويل. وأضاف الخبير البيئى أن هناك مخاوف من التطوير بأن يسبب بعض الأضرار لأشجار الحديقة التى تعتبر أشجاراً تراثية ومعمرة يتخطى عمر معظمها ال100 عام، فهى واحدة من أهم الحدائق النباتية على مستوى العالم، وتضم نباتات وأشجاراً نادرة ولها أهمية كبيرة على المستوى الثقافى والحضارى والتراثى، فحديقة الأورمان تضم أكثر من ألف نوع نباتى. وأوضح أستاذ الدراسات البيئية أن الأشجار لها أهمية كبيرة للإنسان، لأنها مضخة طبيعية للأكسجين، وتمتص ثانى أكسيد الكربون، ونصيب الفرد فى مصر قليل نسبياً عن المعدل العالمى، حيث يصل نصيب الفرد من الأشجار والأراضى الخضراء نحو متر و20 سم فقط، ونحتاج للمزيد من زراعة الأشجار والتطوير النباتى خاصة بعد استضافة مصر قمة المناخ نهاية العام الماضى. من ناحية أخرى أصدر الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، برئاسة المهندس محمد أبوسعدة، بياناً رد فيه على ما تم تداوله من معلومات مغلوطة عن تطوير حديقتى الحيوان والأورمان بالجيزة، مؤكداً أن الجهاز أصدر دليلاً بأسس ومعايير التنسيق الحضارى للحفاظ والارتقاء وإدارة الحدائق ذات الطابع المعمارى المتميز عام 2022. واعتمد الدليل من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية، إذ طلب الجهاز القومى للتنسيق الحضارى من وزارة الزراعة، عرض مشروع متكامل وفقاً لهذه الأسس والمعايير للارتقاء والحفاظ وإدارة كل من حديقة الأورمان وحديقة الحيوان، وسيتم إبداء الرأى فيه فور تقديمه وعرضه على اللجنة المختصة لمراجعته، تمهيداً لعرضه على المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية للاعتماد قبل التنفيذ. وكشف سامح العلايلى، أستاذ التخطيط العمرانى فى جامعة القاهرة، أن التدخل فى مقومات التراث المبنى مثل حالة حديقة الأورمان وقصر المنتزه والمقابر وغيرها دون علم خطأ كبير فى حق المجتمع. مؤكداً أن التعامل مع المبانى والمناطق ذات القيمة التراثية يعتمد على قاعدة أساسية وهى إزالة الأضرار والتشوهات التى أصابتها بفعل الزمن وغيره، وفى الحالات ذات التاريخ البعيد يحظر تماماً إضافة أى جديد يغير من طبيعتها، بل يتحتم توفير بيئة محيطة محايدة المعالم تحافظ على الأثر وتحترم قيمته، والأفضل اعتبار الموقع بأكمله محمية تراثية تستدعى وضع نظام حماية يمنع أى أضرار مستقبلية. وأضاف أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة أنه فى الحالات الأحدث أو ذات التاريخ القريب نسبياً مثل حالة حديقة الأورمان التاريخية والتراثية التى تضم أندر أشجار العالم، فإن الأمر يكون أبسط، وكل المطلوب هو إعادة الشىء لأصله والحرص على عدم تغيير معالمه، وفى كل الأحوال الأمر يتطلب عمل بحث علمى دقيق وغير متسرع، يستغرق الزمن اللازم مهما طال ولا يقبل الاختصار حتى يتمكن الباحثون فى الأمر من التحقق من نوعية الأعمال والخامات ونظم البناء وأعمال التشجير والحدائق المطلوبة، والمطابقة للأصل مع توفير العمالة الفنية المتخصصة، لكن يبدو أن هذه الأمور لا تؤخذ فى الاعتبار للسرعة الشديدة التى يتم بها العمل حتى يتم إنهاؤه سريعاً بأسلوب استعراضى، وليس معلوماً إن كانت النتيجة النهائية هى عودة الحالة إلى أصلها أم أن هناك إضافات لم تكن واردة فى الأصل.