الأسبوع الماضي قالت السفيرة الأمريكيةبالقاهرة آن باترسون إن عودة الجيش المصري للحكم ستكون كارثة غير مقبولة لواشنطن وحلفاء مصر الآخرين. مشيرة إلي أن التحولات السلمية من الحكم العسكري إلي الحكم المدني نادرة، خاصة إذا تمت بهذه السرعة كما حدث في مصر بعد ثورة يناير.. ومنذ يومين خرجت تصريحات أمريكية وإسرائيلية تشير إلي حالة الدفء التي تسود العلاقات بين القاهرة وتل أبيب علي صعيد الممارسات العلمية، وأكدت هذه المصادر أن المستهدف أمريكيا وإسرائيليا وأوروبيا، بعد جولة جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الأسبوع القادم في المنطقة، أن تكون هناك لقاءات مباشرة بين عدد من المسئولين المصريين والإسرائيليين، وتشير المصادر إلي أن أمريكا وإسرائيل ترغبان في تحويل العلاقات السرية إلي العلن من خلال أشخاص غير محسوبين علي جماعة الإخوان المسلمين حتي لا تشعر بالحرج بسبب مواقفها السابقة من إسرائيل!! في نفس الوقت ومع قيام إسرائيل بتوجيه ضربتين إلي سوريا صمتت جميع قيادات الجماعة، واختفت مظاهراتهم، ولم نر وقفة احتجاجية واحدة أو مظاهرة لنصرة الشعب السوري أو التنديد بإسرائيل علي غرار ما كان يحدث أيام العهد البائد من مظاهرات متكررة لنصرة الشعب الفلسطيني.. ومع زيادة الانتقادات للجماعة خرجت بعض التصريحات تبرر هذا الهدوء والسكون بأن الشارع المصري لا يتحمل الآن تجمعات أو مظاهرات لانها تشكل خطورة علي الشعبين المصري والسوري والأجدي في التحرك الرسمي علي المستويين الإقليمي والدولي؟! إذا توقفنا أمام هذه التصريحات وأضفنا لها قليلاً من المشاهد التي حدثت في مصر منذ ثورة يناير سوف نوقن ونتأكد أن كل ما حدث في مصر كان معدا مسبقا بين الولاياتالمتحدة وجماعة الإخوان المسلمين في صفقة واضحة المعالم وهي أن تتولي الجماعة حكم مصر مقابل ضمان أمن إسرائيل سواء علي الجانب الرسمي أو الجانب الشعبي والسياسي بمنع حماس وكل فصائل الإسلام السياسي من توجيه أي اعتداء علي إسرائيل حتي تأمن إسرائيل شر المقاومة من تيارات الإسلام السياسي، ولعل ما يحدث الآن علي أرض الواقع والمبادرة الأمريكية تأكيد لهذا السيناريو. علي جانب آخر، فإن حكم الإخوان لمصر بكل معتقداتهم وأفكارهم يخدم المخطط الأمريكي الصهيوني في إقامة الشرق الأوسط الجديد الذي تحدثت عنه أمريكا ونفذت منه الشق الكبير سواء بتدمير العراق أو بتقسيم السودان، والتخلص من ترسانة الأسلحة الليبية التي جمعها القذافي من الشرق والغرب، وتبقي مشكلة مصر في ضربها من الداخل سواء بالانقسام الداخلي أو مشاكل الفتنة الطائفية والانهيار الاقتصادي وما يصاحبها من قلاقل يمكن أن تنتهي بحروب أهلية وتقسيم يؤدي إلي ذهاب سيناء للفلسطينيين وتفكك الدولة المصرية. كل هذه السيناريوهات وغيرها التي تحدث أمامنا علي أرض الواقع تفسر لنا حالة التربص الدائمة بالجيش المصري، وتكشف لنا خبايا كثير من الأحداث وعلي رأسها مقتل 16 جنديا مصريا بأيدي حماس وأيضا تمركز كثير من فصائل تيار الإسلام السياسي في سيناء وإلهاء الجيش المصري في بعض العمليات التي تحدث علي الحدود الإسرائيلية، وأيضا عمليات تهريب الأسلحة سواء من اتجاه ليبيا أو السودان، وتسريب معلومات مضللة عن الجيش المصري للصحافة العالمية بهدف خلق صورة عالمية سيئة عن الجيش المصري ويكون لها مردود دولي وأثر محلي ضد الجيش المصري وأبعاده عن مجريات الأمور في مصر حتي تتمكن الجماعة من السيطرة علي الحكم، والتفرغ في النهاية للتمكين من الجيش وتحويله إلي ميليشات للجماعة!! من حسن الطالع أن تصريحات المندوبة السامية الأمريكية، كشفت وبجلاء عن أن أزمة أمريكا وإسرائيل تكمن في الجيش المصري الذي يقف حجر عثرة لتمرير مخططاتهم، ويحافظ علي وحدة هذه الأمة وتماسكها، وهو حائط الصد الأخير لمنع انهيار هذه الدولة وتحويلها لعراق جديدة وهو أيضا حائط الصد الأول لمنع العربدة الإسرائيلية في المنطقة بعد تنفيذ سيناريو الشرق الأوسط الجديد. والواضح أن حياة أن باترسون في أفغانستان وباكستان قد أصابتها بالجهل وعليها أن تعود لقراءة تاريخ مصر الطويل ومواجهة أبنائها لكل الغزاة.. ثم عليها أن تتوقف أمام دور الجيش المصري في التاريخ المعاصر منذ عهد محمد علي لتعرف أن كل هذه السيناريوهات سوف تسقط.