تحت عنوان "بالنسبة للعراق وسوريا ولبنان، هناك حل سلمي"، أعد الصحفي الفلسطيني الأصل "وضاح خنفر" تحليلا عما تشهده المنطقة العربية من تحولات جيوسياسية تضعها على شفا كارثة طائفية وأعطى حلا لذلك يقوم على أساس الوحدة الكاملة بين شعوب المنطقة. قال "خنفر" في مقاله اليوم بصحيفة (جارديان) البريطانية: خلال الأسبوع الماضي - بوضوح وبشكل رسمي - اتسعت فجوة الحرب في سوريا لتصبح صراع إقليمي غير عادي. فأولا، اعترف "حسن نصر الله"، زعيم حزب الله في لبنان، رسميا بأن قواته تقاتل جنبا إلى جنب مع الرئيس السوري "بشار الأسد". وفي الوقت نفسه، في العراق دخلت المواجهة بين حكومة "نوري المالكي" والمتظاهرين في المحافظات السنية مرحلة دموية, وبعد ذلك، انتهى الأسبوع، بالهجمات الإسرائيلية على أهداف داخل سوريا, وكل هذا يؤكد أن المنطقة كلها تمر الآن بتحول جيوسياسي الأهم منذ الخارطة السياسية للشرق الأوسط التي تم رسمها بعد الحرب العالمية الأولى. وأضاف الكاتب قائلًا: نحن الآن نجني عواقب تردد المجتمع الدولي حول كيفية التعامل مع نظام الأسد مما أدى ذلك إلى مواصلة الأسد على مواصلة وحشيته ضد شعبه. وفي الوقت الذي واصلت روسياوإيران تزويد النظام السوري بالسلاح، فرضت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات التي كان لها تأثير سلبي على الجيش السوري الحر، خصوصا فيما يتعلق بأسلحة مضادة للطائرات. والتي كانت تخشى أن تقع هذه الأسلحة في الأيدي الخطأ. ولكن في ذلك الوقت كانت الثورة السورية كانت داخلية بحتة: فكان الجهاديين ليس لهم أي وجود حقيقي. وفي الوقت نفسه زاد النظام من وحشيته وسط لامبالاة دولية، ولكن الآن بدأ الوضع يتغير لصالح الجماعات الجهادية. وتابع "خنفر" قائلاً: الآن لن يبقي العنف محصورا في سوريا فقط، فامتد مسرح العنف السوري إلى لبنان، وإعلان حزب الله الشيعي دعمه لنظام الأسد رفع من مستوى الاستقطاب الطائفي هناك إلى مستويات غير مسبوقة. وإذا استمرت المواجهة الطائفية في العراق في التصعيد، فإن الوضع سيصبح أكثر خطورة، فيمكن للعراق، مع موقعها الاستراتيجي المطل على الخليج الغني بالنفط ،إيران وتركيا، ببرميل بارود واحد أن تشعل المنطقة بأسرها. والخطر الحقيقي هو أن الصراع الطائفي في المنطقة سصبح راسخا. والكثيرون في العراق يطالبون الآن بإنشاء ثلاث مناطق على أسس طائفية وعرقية: منطقة شيعية ومنطقة سنية، بالإضافة إلى المنطقة الكردية التي تتمتع بالفعل باستقلال كبير. وأشار الكاتب إلى أن حدود الدول في الشرق الأوسط التي وضعتها اتفاقية سايكس بيكو كانت غير منطقية أو عملية، ولم تتمتع بأي شرعية في أذهان الشعب العربي. وردا على ذلك، ظهرت حركة القومية العربية التي تتطالب بالوحدة، وهو الحلم الذي أغرى شعوب المنطقة ولكن لم يتحقق على أرض الواقع. وتوقع الكاتب عدم استمرار اتفاقية "سايكس بيكو" حتى أول الذكرى مئوية لتأسيسها. ولكن لا ينبغي لنا أن نبحث عن بديل أسوأ منها يقوم على الحدود المصطنعة التي ستكون بطبيعة الحال وصفة لصراع دائم. ورأى الكاتب أن الحل يكمن من خلال إحياء الروح التي ميزت منطقة الشرق الأوسط طوال تاريخها والتي تعايشت بها أربعة شعوب من المنطقة منذ العصور القديمة - العرب والأكراد والأتراك والإيرانيين - في بيئة اجتماعية واقتصادية منفتحة. وبدلا من الترنح نحو الانقسامات الطائفية والتفتت العرقي فإن الاستقرار في الشرق الأوسط أمر ممكن من خلال التحول إلى الوحدة والتكامل مرة أخرى. عمليا، فإن هذا يعني إنشاء منطقة اقتصادية في الشرق الأوسط الذي يحتضن العراق، سوريا، لبنان والأردن، ويضم ايضا تركيا وإيران, وهذا من شأنه خلق حرية التجارة والحركة، وتجاوز الحدود لإعادة ما كانت عليه منذ قرون وهو ما يمكن أن يطفأ نار الطائفية.