ظاهرة غريبة تجتاح مصر من أقصاها إلي أدناها وهي ظاهرة البناء، فهناك حركة محمومة في كل شارع وحارة وأرض فضاء وكميات هائلة من الخرسانة المسلح تصب ليل نهار.. المنازل من دور واحد أصبحت فجأة منازل من 6 و8 أدوار والأراضي الخلاء قامت فيها الأبراج فجأة، ولم تقتصر الظاهرة علي مدينة القاهرة وضواحيها وإنما امتدت للأقاليم، وكأن المصريين في سباق مع الزمن، كل من يقتدر علي البناء يبني بأقصي سرعة سواء بترخيص أو بدون ترخيص وسواء قطعة أرض سليمة أو عليها خلافات أو و ضع يد أو بلطجة، المهمة الكل يبني وتم انتهاك حرمة الأراضي الزراعية بأعمدة الأسمنت ونجد حارة عرضها 3 أمتار ويطل عليها برج طوله عشرات الأمتار، ويبدو أن المسألة مرتبطة بغياب الرقابة في ظل الحكومة الانتقالية التي تسلمت بلدا علي حافة الانهيار، فالأجهزة الحكومة مازالت تعاني من الزلزال الثوري، وفلول النظام السابق تعاملت علي طريقة نيرون الذي أحرق روما قبل سقوطه، إنهم يحرقون مصر بالفساد والإهمال وعدم التخطيط وانعدام الذمم وقلبي مع الحكومة القادمة التي سيتحدد مصيرها بعد الانتخابات، لأنها ستدفع ثمن كل هذه الفوضي التي تمت في غياب التخطيط السليم، وبمناسبة التخطيط أين وزارة التخطيط في حكومة شرف، وأين التنسيق بين الوزارات المعنية بهذه الظاهرة الغريبة، وهل فكر أحد أن حجم البناء في هذه المساحات الضيقة سيحول شوارعنا وحوارينا إلي جحيم وكيف سيتم التعامل في قضايا كثيرة مرتبطة بهذه الظاهرة، وعلي سبيل المثال.. هل ستتحمل شبكات الصرف الصحي وشبكات مياه الشرب النقية هذه المساكن الجديدة، رغم عدم التوسع أو التطوير في قطاعات المياه والصرف الصحي، وكيف سيتم تدبير الكهرباء والغاز والمواصلات وأماكن لركن السيارات، ومكبات النفايات بعد تضاعف السكان فجأة في منطقة محدودة، ناهيك عن مرافق الإسعاف والمطافئ وتوفير الأمن والأمان في مجتمع الزحام المجنون، الأكيد أنه لا أحد يفكر في الصالح العام وهو يسعي للمكسب من خلال البناء في ظل ارتفاع أسعار السكن بشكل مخيف، ويبدو أن الناس فقدوا الثقة في تحسين الأوضاع الاقتصادية فاتجهوا إلي الاستثمار في البناء سواء كان مشروعاً أو غير مشروع، ولابد من وقفة حازمة لهذه المسألة قبل فوات الأوان.