لا يراد لأي جهة رسمية مصرية أن تبقي علي أي قدر من الانضباط في أعمالها، والإعمال بالقوانين واللوائح المنظمة لعملها!، وقد تابعت حواراً ساخناً خشناً في بعض مواضعه بين الشيخ مظهر شاهين الخطيب السابق لجامع عمر مكرم والشيخ سلامة عبدالقوي المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف، وكان الحوار الذي أداره الإعلامي عمرو الليثي في برنامجه «90 دقيقة» بقناة المحور قد ركز علي أزمة الشيخ مظهر شاهين مع وزارة الأوقاف التي يتبعها «وظيفيا»، بمناسبة قرار وزير الأوقاف بإيقاف مظهر شاهين عن العمل، وتعيين خطيب آخر للمسجد هو الشيخ أسامة هاشم، حيث رأي وزير الأوقاف أن الشيخ مظهر شاهين قد تحوّل بمنبر المسجد إلي منصة خطب سياسية!، وقد وصف مظهر شاهين هذا القرار في الحوار التليفزيوني بأنه قرار «استبدادي»، ويأتي بعد قضائه 8 سنوات خطيباً لمسجد عمر مكرم، وقد بذل مقدم البرنامج عمرو الليثي جهداً مضنياً لكي يجعل دفة الحوار تبتعد عن نبرات الشجار الغاضب بين المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف الذي دافع عن قرار الوزير، وكيف أنه قد أتي ملتزماً بالقانون والصلاحيات المخوّلة للوزير، في حين كان الشيخ مظهر شاهين يري في القرار استبداداً وتعسفاً!، ويذهب جزء لا بأس به من الحوار إلي صدام شخصي بين شاهين والمتحدث الرسمي الذي أصر علي تفنيد وجهة نظر مظهر شاهين. ولست أري عندي ما يبرر الأخذ بوجهة نظر طرف دون آخر في الحوار، والاحتكام للقانون - من وجهة نظري - هو السبيل الوحيد المنصف للوزارة في قرارها، أو إنصاف خطيب المسجد مظهر شاهين إذا ما قضي له القانون بأحقيته في الاستمرار خطيبا للمسجد، ومن هذه الزاوية فقط كانت مفاجأتي يوم الجمعة الماضي، عندما أصر الشيخ مظهر شاهين علي إلقاء خطبة الجمعة في مسجد عمر مكرم!، في تحد واضح لقرار وزير الأوقاف أمام جماهير المصلين الذين يعتبرون الشيخ مظهر شاهين هو خطيب المسجد الذي يتبع وزارة الأوقاف!، وقد وقع هذا مما حال بين الخطيب الجديد للمسجد الذي أصدر وزير الأوقاف قراراً بتعيينه بدلاً من الشيخ مظهر شاهين الذي أوقفه الوزير عن العمل!، وإذا كان الشيخ مظهر شاهين قد حال بين الشيخ المعيّن أسامة هاشم وبين توليه إلقاء خطبة الجمعة، فإن تأييد جمهرة المصلين لذلك لا أراه في صالح الشيخ مظهر شاهين وقضيته مع الوزارة والوزير!، ولو تركت الأمور في أيدي الجماهير في جهات رسمية لها السلطات المخولة في التعامل مع من يعملون بها فإن هذا من المؤشرات الخطيرة التي شاعت في بلادنا مؤخرا!، فالجماهير قد أصبحت تمارس ضغوطاً عنيفة علي شتي الجهات الرسمية لكي تصدر منها قرارات تطالب بها، وبعض هذه الضغوط من أجل إقالة المسئولين من الوزارة وغيرهم من كبار المسئولين!، وحتي الضغط بمطالب شعبية تؤكد ضرورة استقالة - أو إقالة - رئيس الوزراء!، ومع ذلك فإن شيوع الاستجابة لطلب العاملين في بعض الجهات بإقالة المسئولين فيها لمجرد أن هؤلاء لا يرضون عن المسئولين الذين لا يستجيبون لمطالب العاملين قد أدي إلي كثير من الفوضي التي لا تلوح لها نهاية في مصر!، وفي حالة مسجد عمر مكرم فإنني لا أري صالحاً عاماً في أن تكون الخطابة علي منبره عنوة!، حتي لو كانت العنوة مؤيدة بجمهور المصلين!، ولا ذنب أراه لخطيب جديد عيّن بقرار من الوزير المختص لكي يحال بينه وبين أدائه عمله!.