أطفال يجلسون على الأرض، أمامهم المُعلم، ومع كل آية قرآنية يرددونها خلفه، يحركون أجساهم الصغيرة للأمام والخلف، وكأنهم يقرأون القرآن بأرواحهم، صورة ل "الكتاتيب" التي تعد المنبر الأول لخريجي عمالقة التلاوة في مصر، وتعلم فيها أصحاب الحناجر الذهبية فن التجويد والترتيل. هذه الصورة العظيمة لم تنتهي رغم مرور آلاف السنين ومازالت المقارئ المصرية عامرة بالنشء ومستمرة في إخراج قراء عظماء على نهج المشايخ القدامى الذين علقوا في ذاكرة الأجيال القديمة والحديثة، مثل الشيخ محمد رفعت، ومحمد صديق المنشاوي، وعبد الباسط عبد الصمد، ومحمود علي البنا، والحصري، وغيرهم من علماء حفرو في أذهان كل من استمع لتلاوة القرآن الكريم بأصواتهم. اقرأ ايضا : نقابة القراء تهنئ الرئيس السيسى والمصريين بالعام الهجري رفع بدل المقارئ ل 500 جنيه وتقديرا من وزارة الأوقاف، لأهل القرآن وتشجيعا على تلاوته وإتقان حفظه وفهم معانيه، قررت رفع بدل المقرأة النموذجية من 160 جنيها إلى 400 جنيه شهريا، وبدل مقرأة كبار القراء إلى 500 جنيه بداية من أغسطس 2022. شيوخ القراء : علي محمود "صوته وصل لعنان السماء" أحد أعلام مصر في قراءة القرآن، وصاحب مدرسة عريقة في التلاوة والإنشاد، ولد عام 1878م، في حارة صغيرة بدرب الحجازى التابع لقسم الجمالية بحى الحسين بالقاهرة، لأسرة على قدر من اليسر والثراء، وفقد بصره بعد أن تعرض لحادث. تمكن من حفظ القرآن الكريم، على يد الشيخ أبو هاشم الشبراوى في كُتّاب مسجد فاطمة أم الغلام بالجمالية، وتمكن من تجويد القرأن على يد الشيخ مبروك حسنين، ودرس الفقه على يد الشيخ عبد القادر المازنى. أصبح من القراء في مسجد الحسين بعد أن ذاع صيته وكان أشهرهم في ذلك الوقت، كما درس الموسيقى على يد الشيخ إبراهيم المغربى، وتعلم التلحين والعزف وحفظ الموشحات، على يد محمد عبد الرحيم المسلوب، وكان له بطانته فى الإنشاد الدينى، منهم الشيخ طه الفشني، والشيخ كامل يوسف البهتيمي، والشيخ محمد الفيومي، وغيرهم، وقال عنه الشيخ عبد العزيزالبشرى، وهو أحد شيوخ الأزهر الشريف "إن صوت الشيخ على محمود سببا لتعطيل حركة المرور فى الفضاء، لأن الطير يتوقف إذا استمع إلى صوته". توفي الشيخ علي محمود في 21 من ديسمبر عام 1946م، وترك خلفه عدداً كبيرا من التسجيلات التى تعد تحفاً فنية رائعة. محمد رفعت "افتتح الإذاعة بسورة الفتح" قال الشيخ محمد متولى الشعراوى، إن الشيخ محمد رفعت جمع بين "أحكام التلاوة وحلاوة الصوت والنفس الطويل مع العذوبة" وُلد الشيخ محمد رفعت عام 1882م ، ونشأ في حى المغربلين بالقاهرة، وفي الثانية من عمره فقد بصره، وتمكن من حفظ القرآن فى سن الخامسة، بعدما التحق بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب، واستطاع دراسة علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية، وعندما بلغ سن ال15 تولى قراءة القرآن في مسجد فاضل باشا بالسيدة زينب، واشتهر بين جيله، وافتتح إذاعة القرآن الكريم بسورة الفتح، وعندما سمعته الإذاعة البريطانية، أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، ولكنه رفض ظناً منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، وبعد أن استفتى الإمام المراغى أخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم. توقف الشيخ رفعت عام 1943م، عن القراءة بعد إصابته بسرطان الحنجرة، ورفض أي مساعدات رغم احتياجه لتكاليف العلاج، ومن كلماته المشهورة " قارئ القرآن لا يُهان" وتوفي عام 1950م. طه الفشني " كروان الإنشاد " أحد أعلام القراء والمنشدين في مصر، تمتع صوته بعذوبة مميزة، وكان أول من ظهر بالتليفزيون المصري عند نشأته، كما أصبح رئيس رابطة القرآن الكريم بعد وفاة الشيخ الشعشاعي، وكان القارئ المفضل للرئيس جمال عبدالناصر. وُلد الشيخ طه حسن مرسي الفشني، سنة 1900م بمركز الفشن بمحافظة بني سويف، وتمكن من حفظ القرآن الكريم في عمر صغير، وبعد أن دخل الكُتاب اختار والده تاجر القماش أن يكمل تعليمه، فحصل على مدرسة المعلمين سنة 1919م، وكان يقرأ القرآن يوميًا في الطابور وحفلات المدرسة، ثم طمح والده أن يكمل ابنه دراسة القضاء الشرعي، فذهب الفشني، للالتحاق بمدرسة القضاء الشرعي، ولكن اندلاع ثورة 1919، خلقت عدم استقرار في البلاد فعاد مرة أخرى إلى بلده الفشن، وأصبح قارئ للقرآن في بلدته والقرى المجاورة له، وتوفى في ديسمبر 1971.