يوما بعد يوم تزداد أزمة السينما كغيرها من الصناعات.. وأصبح إنقاذها أمرا محتوما علي المنتجين الذين أعلنوا وفاة الفن السابع في مصر، الفنانون لجأوا الي الدراما التليفزيونية أو المسلسلات الإذاعية.. الموزعون فكروا في الهجرة الي الخارج لإنقاذ أموالهم.. القنوات الفضائية رفعت يدها عن الإنتاج وأصبحت قرصنة الأفلام أرخص من شرائها.. العاملون خلف الكاميرا يعانون البطالة. سألنا صناع السينما عن الحل فأدمجوه في تعميم السينما المستقلة ذات التكلفة المنخفضة وآخرون أكدوا أن الحل في يد الشباب وجاء الوقت ليسددوا دينهم ويدفعوا ما أعطتهم وفندوا أسباب هذه الحلول قائلين: عبدالستار فتحي رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية اعتبر أن أزمة السينما ستجلس الجميع في منازلهم، وأصبحنا نشتاق لأي فيلم للأسف الشديد السيناريوهات كثيرة ومتميزة ونوافق عليها ولكن لا تأتي أفلام لنشاهدها ونقر بعرضها، وأضاف فتحي أن الأزمة تتزايد فالرقابة تشاهد في الموسم الآن فيلمين أو ثلاثة لينتهي العام السينمائي ب10 أفلام علي الأكثر فهذه فضيحة سينمائية والأكثر من ذلك أن العام القادم سيقل عدد الأعمال الي النصف في الوقت الذي كنا نبحث عن قاعات عرض لنعرض عليها أفلامنا التي تتخطي ال200 فيلم في العام الواحد يصل الأمر بمصر الي البحث عن أفلام، وأصبح البحث عن منتج أزمة الأزمات في مصر. وأضاف من يقول إن الإخوان المسلمين يسيطرون علي النقابات الفنية أو الرقابة أمر تافه فحتي الآن لم يأتنا أي قرارات تطالبنا بمنع عرض فيلم أو إلغاء تصوير فيلم والرقابة، الرقابة تحاول أن تكون حيادية وتشتاق لأفلام أيا كانت لإنقاذ الصناعة، فلابد من الاعتراف بأن قلة الموارد المالية هي الأزمة الحقيقية، وأعتقد أن الإنتاج المشترك بين الفنانين هو الحل لتخطي تلك الأزمة. المخرج علي عبدالخالق أشار الي أن أي ثورة تأتي بعدها انفراجة سينمائية وإذا نظرنا الي التاريخ سنجد أن ثورة 1952 تلتها سينما الستينيات والسبعينيات وهي من وجهة نظري أفضل مراحل السينما وبدأت تظهر فيها ملامح سينما مختلفة وقوية قدمت مستوي راقيا جدا واختيار منها أفضل 100 فيلم في السينما المصرية وخرج أيضا أفضل فترة مسرحية في مصر وعلي مستوي الأغنية كانت في أرقي مستوياتها مثل عبدالحليم حافظ وأم كلثوم وغيرها فكان الفن في مرحلة ازدهار ليس عقب الثورة ولكن بعدها بمراحل، وهذا ما نتمناه بعد ثورة يناير فمن يقرأ الواقع بعد اكتمال ملامح الثورة ولكن في مصر الوضع في الأساس كان منحدرا قبل الثورة علي مستوي الفن فمن الطبيعي أن يأخذ وقته حتي ينهض مرة أخري. وأشار عبدالخالق الي أن الحل الأمثل لإنقاذ السينما يكمن في أحد الحلين، الأول: تعميم تجربة السينما المستقلة وإعطاء الفرصة لإنتاج أفلام يخرجها شباب لديهم رؤية وتستحوذ علي جوائز المهرجانات ومن خلالها سيتوافر شكل ومضمون مختلف للسينما لأن الواقع ثري جدا وسيقدم سيناريوهات متميزة في الظروف الاجتماعية الموجودة بمصر الآن حيث تطرح تطلعات لموضوعات كثيرة وغنية، والمبادرة الثانية لابد أن تأتي من النجوم فالفنانون الذين أعطتهم السينما وكسبوا منها كثيرا سواء مكاسب مادية أو شهرة عليهم أن يضحوا من أجلها الآن كما كان يفعل فنانو الستينيات والسبعينيات بالنظر الي المنتجين وقتها نجد أن كلهم دخلوا الي عالم الإنتاج، أيضا بتعاون العاملين في المجال الفني من مخرجين ومؤلفين بتقديم أفلام يتنازلون فيها عن أجورهم كي يحافظوا علي تواجدهم ويقدمون الأفلام التي يحبونها فلم يعد هناك سوي شركة السبكي الوحيدة الباقية في الإنتاج ورغم أنها أحيانا تشتمل علي أفلام تجارية إلا أنها أصبحت الوحيدة التي تحفظ ماء وجه السينمائيين. الناقد طارق الشناوي أشار الي أن الجميع يعترف بوجود أزمة إنتاج ولكن ظهر وجهها الإيجابي بفتح المجال لوجود سينما موازية للسينما التقليدية حيث إنتاج أفلام مهمة ذات تكلفة ضئيلة لتكون الحل في الفترة القادمة لإنقاذ دور العرض من الإفلاس مثل فيلم «الشتا اللي فات» و«الخروج للنهار» و«هرج ومرج» وعشرة أفلام تم إنتاجها بميزانيات محدودة وتحصل علي جوائز في المهرجانات. وأضاف أن الحل سيكون اقتصاديا بمعني أن الفنانين لابد أن يخفضوا أجورهم وهذا سيكون مع الفنانين المرنين فقط أيضا أن يشتركوا في الإنتاج بأجورهم ويأخذوا نسبة من مردود الشباك توازي أجره مثلا، وهو ما فعله الفنان نور الشريف في التسعينيات عندما أعلن أنه خفض أجره الي النصف حتي ينقذ السينما وما فعله عادل إمام أيضا في مسلسلاته الآن خفض أجره، فهؤلاء إذا توقفت السينما ووصلت الي طريق مغلق فالجميع سيجلس في منزله وأعتقد أن الجميع لابد أن يعترف بأن الأزمة جامعة ولابد من إيجاد حل لها بدأوا بالدراما ودخلت غادة عبدالرازق مجال الإنتاج التليفزيوني وأتمني أن يقلدها الجميع لإنقاذ السينما. اعتبر السيناريست هاني فوزي أزمة السينما في الأشخاص أنفسهم ووجود إرادة بينهم لحل تلك الأزمة والحل يكمن في إلغاء الرقابة حتي لو بدأنا بإلغاء الرقابة علي السيناريو وتم إلغائها علي الأفلام لأن وجود الرقابة أمر معطل للفن والإنتاج ولكل شيء خاص بالإبداع، فالرقابة لم تعد مؤسسة واحدة لكنها عدة مؤسسات، والحل الثاني في أن تخصص الدولة ميزانية لدعم صناعة السينما سنويا لكل الأفلام أو لمعظم الأفلام غير التجارية وإذا دفعت الدولة جزءا من ميزانية الفيلم من حقها أن تأخذ من حقوق عرضه فهي بذلك أفادت واستفادت أيضا لابد من تسهيل التصوير فنحن نواجه صعوبات كثيرة جدا في أسعار حجز مواقع التصوير فإذا أردنا التصوير في السكة الحديد نحجز اليوم ب100 ألف جنيه وإذا أردنا أن نصور علي الكورنيش يكون يوم التصريح بمبلغ عال جدا، التصاريح الغالية يدفع ثمنها المنتج وهذا يجعل الجميع يهرب، ولا ننسي فكرة تشجيع الأفلام الأجنبية التي نمنعها من التصوير في مصر رغم أن دولا مثل الأردن والمغرب لا يملكون ما نملكه من مواقع ولكن المنتجين الأجانب يلجأون لهذه البلاد لأنهم يسهلون الأمور بشكل كبير ويكسبون أموالا لينتجوا أفلاما بتلك الأموال، فإذا توافرت الإرادة من الجميع لمساندة تلك الصناعة سنجد الوسائل التي بها نسهل علي الصناعة أن تنتعش. يعيش الموزع والمنتج محمد حسن رمزي حالة نفسية سيئة للغاية وقال إن مصر لم يعد بها من يحبها والسينما هكذا تعاني من أزمة حقيقية لم يعد هناك من يريد أن يضحي من أجلها ونحن كموزعين نحاول بقدر ما نستطيع أن نجمع أي موارد افتتحنا قاعات عرض سينمائية في المولات وأصبحنا نزحف وراء الأفلام الأجنبية لعرضها لعدم وجود إنتاج سينمائي فالجميع لا يساعد في الإنتاج بعض الفنانين يرفضون تخفيض أجورهم والقرصنة علي الأفلام وقنوات مثل «التوك توك» و«البيت بيتك» وغيرهما جاءت لكي تزيد الأزمة فهي تسرق الأفلام وتعرضها ومنها ابتعدت القنوات الفضائية عن المشاركة في الإنتاج أنها لا تحصل علي حق العرض الأول وأنا منتج أخسر في كل فيلم أنتجه ولا أجمع حتي تكاليف إنتاجه وأدفع من مالي الخاص 3 ملايين جنيه كل عام إيجار قاعات العرض لشركة الصوت والضوء دون أي موارد، والفنانون يبحثون عن العمل في الدراما التليفزيونية لأن حالها أفضل من السينما فأجورها كبيرة وحق شراء القنوات للمسلسل ترفع أجور النجوم ولم يعد هناك من يخاف علي السينما ويضحي من أجلها ليشارك دون أجر أو يخفض أجره.