قد تكون أنت الشخص المميز فى حياة الكثير وأنت لا تعلم، فالنجاح دائمًا ليس محطة الوصول، ولكن بداية السفر... لا تهتم أن تكون أفضل من غيرك، ولكن حاول أن تكون أفضل من نفسك... أعلم أن الذى يعوق عن تسجيل الأهداف ليس العقبات الكبرى، وإنما التردد والخوف من الانطلاق.. وكذلك محدثى فى فلسفته القوى يؤمن أنّ كل شىء على ما يرام، وأنّ الغد أجمل، والنهايات ستكون سعيدة. كن قويًا لتلقى أقوى الصدمات، اجعلها درسًا ليقويك لا ليكسرك، سوف تتعلم من تجاربك مالم تتوقعه يومًا، استمرار فى البحث والعمل على تحقيق أهدافك، وفى النهاية سيظهر ما تبحث عنه. محمد سعيد رئيس مجلس إدارة شركة «أى دى تى» للاستشارات والتنظيم... فى قاموسه التجربة والإبداع وجهان لعملة واحدة، فى منهجه هو صانع الفرص، والمحطات الصعبة التى واجهها نقطة قوة فى مشواره، إيمانه أن الصعود إلى القمة لن يتحقق دون حدوث تقلبات. عند المدخل الرئيسى كل شىء يتفق وشخصيته، فى اختياره لألوان الحوائط، التى يغلب عليها، البساطة، والهدوء... ألوان السماء تزين كل الأركان، لتضفى جمالًا هادئًا، رسومات زيتية تحمل كل لوحة منها، تراث لعادات وتقاليد مجتمعية، لبعض رحلاته، ديكورات بأشكال مختلفة تزيد من روعة المكان... كل شبر بالمكان بمثابة طاقة إيجابية، ربما لإيمانه بالعمل والحياة على جانبى الممر مجموعة هائلة من الانتيكات، والفازات المطلية بالألوان المميزة، ديكورات تتسم بالبساطة، حتى غرفة مكتبه، فتصميماته تدعو للجمال... ملفات مكدسة على سطح المكتب تتعلق بالعمل، وأخرى للاطلاع... فى الخلفية مكتبة كبيرة من عدة أدراج تقسم فيها الملفات التاريخية، والروايات الاجنبية، والعربية، بتقسيماتها المختلفة. تفتش فى قصاصاته الورقية، فيتكشف سطور عن شخصيته العملية، متى يتحدث، وفى أى وقت يخضع ذاته للتقييم... أجندة يخلد فى صفحاتها ذكرياته، والمحطات التى ساهمت فى صناعته منذ التحاقه بالدراسة العسكرية، وتفاصيل حياته العملية المدنية... «لا بديل عن خوض التجارب فى مسيرتك، وإلا ما حصدت شيئًا».. هكذا كانت مقدمة ذكرياته بما تحمله من أوقات فرح، وسعادة. بهدوء، وبأسلوب راق يتعمق فى المشهد الاقتصادى، حريص على أن يحلل بموضوعية، لا يبالغ ويبدى تحفظات إذا تطلب الأمر ذلك.. يقول إن «الحكومة اتخذت فى بداية مشهد الإصلاح الاقتصادى، اتجاهًا كان ضروريًا فى تلك الفترة، يتمثل فى أولوياتها بالمشروعات القومية، والبنية التحتية، وهو ما لم يكن يستطيع القيام به القطاع الخاص، وكان هدف الدولة من عملية الاهتمام بالبنية الاساسية التجهيز لجذب الاستثمارات الأجنبية، واعدت الحكومة العدة لذلك، ولكن لسوء الحظ كانت الأزمات العالمية، التى بدأت بجائحة كورونا، ورغم ذلك نجحت الدولة فى تجاوزها، ولكن كانت من العوائق التى اصابت مسار الإصلاح الاقتصادى». بالفكر الإيجابى والموضوعية تكون أكثر قدرة على التحليل الدقيق، وهو ما يتكشف فى تحليل الرجل للازمات التى أثرت سلبيًا على مسار الإجراءات الإصلاحية، فى ظل تفاقم الأزمة مع ارتفاع معدلات التضخم عالميًا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، التى كانت لها سلبياتها على اقتصاديات العالم. إذن ما رؤيتك لمستقبل الاقتصاد الوطنى فى ظل الاتجاه للاعتماد على القطاع الخاص؟ بثقة ووضوح يجيب قائلًا إنه «فى ظل إعلان الحكومة عن الاتجاه للقطاع الخاص، والاعتماد عليه خلال الفترة القادمة، سوف يغير من خريطة الاقتصاد الوطنى، كون القطاع الخاص الجزء الأكبر من الاقتصاد، خاصة أن بيع بعض الأصول المملوكة للدولة، أمر عادي، حيث تقوم باستبدالها، بأصول، واستثمارات أخرى ذات قيمة، وذلك من خلال العاصمة الإدارية، كما أن القطاع الخاص قادر على أن يتوجه للقطاعات الأكثر ربحية، مثل الاتصالات، والسياحة، وهى من القطاعات التى لا تستطيع الحكومة إدارتها للربحية». برؤية دقيقة، وسعى مستمر فى عرض التحليل بسهولة تجده حريص بالحديث عن معدلات التضخم، بأنه رغم ارتفاع معدلات التضخم فى السوق المحلى، إلا أنه بالمقارنة بدول المنطقة الذى وصل فيها التضخم إلى مستويات كبيرة وصلت 75%، تعتبر معدلات التضخم بالاقتصاد الوطنى تحت السيطرة، كما أنه متوقع خلال الفترة القادمة أن يشهد تراجعًا». الاجتهاد والإصرار من السمات التى اكتسبها من والده، لذلك عندما يتحدث عن مدى امكانية استفادة رجل الشارع من الإصلاح الاقتصادى تجده يقول إن «المواطن تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى، ومع بداية جنى الثمار، توالت الأزمات، التى قلبت المشهد رأسًا على عقب، وصادف المواطن سوء حظ كبير، سواء فى تحمله فاتورة الإصلاح، أو الأزمات العالمية، التى أثرت سلبًا عليه، وبالتالى لم يشعر بثمار الإصلاح، ومتوقع أن يجنى الثمار خلال الفترة القادمة». إن لم تتقدم للأمام فستكون دائماً فى نفس المكان، ونفس الأمر يراه الرجل فى فلسفة السياسة النقدية ممثلة فى البنك المركزى، حيث نجح فى تجاوز العقبات الصعبة التى واجهها منذ الإجراءات الإصلاحية، فى الوقت الذى اهتزت فيها اقتصاديات دول كبرى، لكن السياسة المتخذة من البنك المركزى، ساهمت فى عبور الأزمات بسلام، ورغم ذلك فإن الرجل لا يتجاهل التحفظات، حيث يرفض عمليات الثبات الإجبارية لفترات طويلة لسعر الصرف، لذلك لا بد من تحقيق قدر من المرونة، بما يحقق سعرًا عادلًا للعملة المحلية، وينعكس ذلك فى معدلات التضخم. لماذا باتت عمليات رفع وخفض معدلات أسعار الفائدة تمثل جدلًا عند اعلانها؟ بفكر وإيجابية يرد قائلًا «إن البنك المركزى كلما أتيحت له الفرصة لخفض أسعار الفائدة، يقوم بذلك من أجل تنشيط الاقتصاد، وخلق فرص عمل، وتحقيق قفزات فى النمو، وتقليل خدمة الدين، لكن فى عملية التثبيت، والرفع يكون مضطرًا لذلك، للسيطرة على معدلات التضخم، والحفاظ على الاستثمارات الأجنبية». لا تزال عملية الاقتراض الخارجى تمثل جدلًا ساخنًا بين الخبراء والمراقبين بسبب الأعباء والضغوط التى يواجها الاقتصاد الوطنى، نتيجة الاقتراض. إلا أن محدثى له رؤية خاصة فى هذا الصدد تبنى على ضرورة توقف الدولة عن الاقتراض الخارجى، لما له من تداعيات سلبية على الاقتصاد، والتنمية المستدامةٍ، ولتحقيق ذلك لا بد من منح مرونة أكثر لحركة سعر الصرف، من أجل التعبير عن سعر العملة. مسيرة الرجل كلها إيجابية، يتكشف ذلك من خلال حديثة عن ملف السياسة المالية، التى تعانى ضغوطًا، وأزمات، تركز إيراداتها على فرض الضرائب، من أجل سد احتياجاتها بالسوق، وهو ما يمثل أزمة على مجتمع الأعمال، سواء المحلى أو الخارجى، الذى يضطر إلى الهروب والتخارج بسبب هذه الضرائب، وعلى الدولة العمل على تخفيض نسب الضرائب، واستقطاب شرائح جديدة من الفئات المستحقة عليها، بالإضافة إلى أن العمل بالشمول المالى سيعمل بصورة أكبر على جذب الاقتصاد غير الرسمى، وضمه لمنظومة الاقتصاد الرسمية، من خلال مجموعة واسعة من التحفيزات، والاعفاءات الضريبية، التى تسهم فى جذب أصحاب المصانع فى القطاع غير الرسمى. مهما كانت الأخطاء التى تقع فيها.. عليك مواصلة المسيرة، ونفس الحال فى ملف الاستثمار ألأجنبى المباشر، الذى يتطلب مزيدًا من الجهد لجذب المستثمرين والأموال الأجنبية والعربية، ووفقًا لمحدثى فانه مطلوب تجهيز ملف الاستثمار من جديد، عبر عودة وزارة الاستثمار، بسبب ضعف الاستثمارات والأموال الأجنبية المتدفقة، التى لا تتناسب مع امكانيات وموقع مصر أفريقيًا وعالميًا... يقول إن «السوق المحلى يحظى بالعديد من الفرص الاستثمارية، باعتباره من أكبر الأسواق استهلاكًا، تعمل على جذب المستثمرين، بكافة فئاتهم، مع توفير خريطة متكاملة للاستثمارات، وقطاعاتها». ماذا تتوقع من القطاع الخاص خلال الفترة القادمة؟ لحظات صمت تسود الرجل. قبل أن يجيبنى قائلًا إن «القطاع الخاص واجه العديد من الأزمات، بل يعد شهيدًا بسبب الضربات التى تعرض لها خلال السنوات الماضية، وعلى الدولة أن تتيح المجال للقطاع الخاص بحرية العمل، وعدم الدخول فى منافسة معه، كونه الركيزة الأساسية فى المساهمة فى النمو باقتصاديات العالم، بالإضافة إلى العمل على تذليل العقبات، وتسهيل الإجراءات، والتخلص من المحسوبية، والروتين حتى يستطيع تحقيق واستكمال دوره فى التنمية». بعد ست سنوات من الشد والجذب فى موضوع برنامج الطروحات الحكومى، تمخض البرنامج فولد شركة واحدة للطرح خلال الفترة الماضية، مما أسهم فى زيادة الجدل حول قدرة الدولة فى طرح شركات جديدة، لكن محدثى له رؤية خاصة فى هذا الأمر يبنى على أساس أن الوقت غير مناسب لطرح أى شركات فى البورصة، فى ظل عدم اهتمام الدولة بسوق المال، والدور التى تلعبه البورصة فى هذا الشأن، مما انعكس سلبيًا على سوق المال، وبالتالى أصبح غير قادر على استقبال الطروحات، وعلى الدولة العمل على تهيئة سوق المال بإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية، ودفع المؤسسات الحكومية من تأمينات، وبريد، وهيئة الأوقاف، من ضخ جزء من الأموال فى البورصة، بما يحقق مكاسب لهم. القادر على بناء أساس متين من الحجارة، هو دائمًا صاحب نجاح، وذلك الرجل خطط أهدافه، وحرص على السير فيها، لم تشغله المحطات الصعبة، التى واجهها، لم يندم على أمر اتخذه عن قناعة، من هنا سطر صفحات نجاحه... حرص مع مجلس إدارة الشركة فى تحديد استراتيجية متكاملة تبنى على 4 محاور تتمثل فى العمل على الإدارة وإعادة هيكلة الشركات، وإعداد شركات لهذا الغرض، مع العمل على العودة لتحقيق معدلات النمو بصورة جيدة، بالإضافة إلى التحول الرقمى، ويبلغ عدد إجمالى الشركات المستهدفة لذلك 16 شركة خلال العام 2022. راضٍ بقدره لا يعرف الياس، تجد أعماله فى صفحات المكافحين، وهو ما زين به خاتمة كلمات ذكرياته، لكن يظل شغله الشاغل الوصول مع مجلس الإدارة بالشركة إلى الريادة فى السوق... فهل يستطيع ذلك؟