في مسرحية "المحروس والمحروسة"..

السلاموني يعيد صياغة شخصية شجرة الدر

إبداعات الكاتب المسرحي محمد أبوالعلا السلاموني لها عمق تاريخي مهم، خاصة في تناوله الدقيق لمراحل الانتقالات والمؤامرات والثورات، وفي التاريخ الإسلامي حقق مجموعة من الاستلهامات التي غيرت من وجه تاريخنا القديم والمعاصر ولا تزال مسرحية «رجل القلعة» واحدة من أهم هذه الأعمال، ويقدم حاليا فوق مسرح ميامي إنتاج المسرح القومي مسرحية «المحروس والمحروسة» يستلهم فيها فترة من أهم فترات الحكم في مصر من خلال شخصية الملكة شجرة الدر وفترة حكمها لمصر والخليفة المستعصم بالله وحكمه لبغداد ولكن السلاموني يفترض أن المستعصم بالله ووزيره الأول ابن العلقم هربا متنكرين ليلتقيا في حانة مع عامة الناس ليعرف أحوالهم ومشاكلهم عن قرب.
الفنان المبدع أحمد راتب يقدم دور المستعصم بقدرة وتألق أحسبه من أجمل أدواره وقد انغمس في عمق الدور واستمد من تفاصيله إلهامات خاصة أما سوسن بدر فهي تزداد لياقة وبراعة في كل دور تشخصه. في هذا العمل الجاد تقدم شخصيتين الأولي الملكة شجرة الدر القوية المؤمنة بشعبها مهما حاصرنا الخونة والشخصية الثانية «صهباء» صاحبة الحانة.
أما النجمة لقاء سويدان فهي تعطي انطباعات الفنانة الاستعراضية الغنائية بثقة تؤكد لنا أنها قادرة علي تقديم المسرح الاستعراضي بشبابية ومهارة الدارسين.. أشعار سامح العلي عميقة الأثر تعطي دلالات تاريخية يكملها الملحن والمطرب الشاب سامح عيسي بتعايش مع النص، الفنان أحمد عثمان قدم شخصية هولاكو بصدق فني بديع وكذلك قدم هشام الشربيني شخصية قطز بحرفية وساهم الفنانون أحمد يوسف ووليد الهندي ومحمد عبدالعزيز وعمرو البهي واسماعيل جمال في تقديم أعمال توحي بمستقبل مسرحي كبير. أما المخرج شادي سرور فقد قدم في هذا العمل خبرته الكبيرة وادخر فيها رؤية إبداعية جسد عمق النص الأدبي الذي يقدمه لنا ببراعة أبوالعلا السلاموني مستكملا خريطة حكمته في صياغة روح مصر وجسدها.