هناك فرق بين مظاهرة سلمية أمام مكتب النائب العام للمطالبة باحترام القانون، وتنفيذ أحكام القضاء، وعدم ملاحقة النشطاء السياسيين، ورموز المعارضة، والتحقيق فى جميع البلاغات المقدمة من كافة الأطراف السياسية دون انتقاء، وبين عصابة حاصرت المحكمة الدستورية العليا، لمنع قضاتها من نظر دعاوى بطلان «تأسيسية الدستورية». وعدم تنفيذ القانون هو بداية انهيار الدولة المدنية، التى أصبحت تتحكم فيها، عصابة لا علاقة لها بالثورة، بل قفزت على الثورة عندما تأكدت أنها ثورة، هى عصابة فاشية تكره الحريات، ولا تفهم أن السلطة تمارس بالهيبة، وليس بالقوة، والذى يعطي هذه الهيبة هو من بيده القرار، والسؤال: من بيده القرار حالياً؟، والإجابة هى: الرئيس، لكن الرئيس ليس هو صانع القرار، فالمطبخ الذى يعد القرارات هو مكتب الإرشاد، وهو المطبخ الرئيسى، وهناك مطبخ «ترسو» يديره بعض مساعدى ومستشارى الرئيس، هؤلاء وهؤلاء هم سبب الأزمة التى تمر بها مصر، وسبب انهيار الدولة، خاصة أنه لا توجد عندنا حكومة تقوم بدورها فى ممارسة السلطة التنفيذية، كما جاء فى الدستور، وإلا ما كان المستشار أحمد مكى القاضى الجليل أيام قضاة الاستقلال قد قال إنه يفكر فى الاستقالة بسبب انهيار دولة القانون، الرجل المسئول عن حماية القانون يقف يتفرج على دولة القانون تنهار أمام عينيه ولا يستطيع أن يفعل شيئاً. الحكومة مجرد ديكور فى التنظيم السياسى، والديكور تحوّل إلى سلطة تشريعية كاملة حيث يتحكم مجلس الشورى فى أخطر التشريعات التى تنظم مباشرة الحقوق السياسية، وإطلاق الجمعيات الأهلية، والتشريعات الاقتصادية التى تولد عنها قانون الصكوك، كما يتحكم الشورى فى ملف الضرائب والجمارك وتنظيم حق التظاهر، وشركات الحراسة التى تبحث عن الضبطية القضائية، يفعل مجلس الشورى ما يريد، وما يهوى الإخوان من تفصيل جمعية إخوانية لا تقترب الرقابة من بواباتها الأمامية أو الخلفية، ووزارة العدل تقف متفرجة ومباركة لأى تعديلات يضعها ثلاثى أضواء المجلس حتى تأتى الانتخابات على مقاس الجماعة، فمن حق وزير العدل الذى يرى دولة القانون تنهار أمام عينيه أن يفكر فى الاستقالة، وأرى أن يفعلها ويلحق بزميله عمر سالم وزير الشئون القانونية، والذى لم يعين أحد مكانه حتى الآن، ولم نر وزير العدل يحل محله فى إبداء وجهة نظر الحكومة فى التشريعات التى ينظرها مجلس الشورى الذى يرتكب عملية تجريف بشعة للتشريعات، دون أن يقول له أحد «قف عندك»! العقيدة الفاشية تحاول إسقاط، وطرد الدولة المصرية بدستور فاشى هو أسوأ وثيقة فى التاريخ وبإعلان دستورى باطل، تم عن طريقه تعيين نائب عام وملاكى بطريقة لم تحدث من قبل، تحوّلت هذه القضية إلى صداع هز هذا المنصب المهم بالنسبة لكل مواطن، وزاد الأمر تعقيداً بعد صدور حكم ببطلان عزل النائب العام السابق، الرئاسة مرتبكة غير قادرة على اتخاذ قرار ينهى الأزمة، هناك أنباء عن أن هيئة قضايا الدولة ستطعن على الحكم نيابة عن الرئيس، الحكم تسبب فى انقسام الشارع هناك من يقول إنه واجب النفاذ، ويجب احترامه لأن الأحكام تصدر لتنفذ، وهناك من يرى أنه حكم ابتدائى لن يكون نهائياً إلا بعد النقض، وهناك من يرى أن المشكلة سياسية تحتاج الى تدخل الرئيس لحسمها بعيداً عن العناد وفصيل، الذى يعقد الأزمة، الناس تريد نائباً عاماً يمثل الشعب وليس جماعة، ومطلوب إظهار هيبة الدولة، وليس قوتها، هيبة الدولة أصبحت فى الحضيض والسبب أن الرئيس لا يستمع إلى كل أطراف العملية السياسية وإلى شركاء المسئولية، المشكلة أن الرئيس واقع تحت تأثير الأهل والعشيرة، وهؤلاء يريدون دولة بمواصفات خاصة وليس دولة يحكمها قانون.