270 يوماً مرت علي توليه المنصب. تتزايد خسائره يوماً بعد الآخر تحول فيها الصديق والمساند والداعم من مؤيد إلى عدو.. 9أشهر كانت كفيلة بأن تجعل الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية فى مرمى سهام النقد ، وخلالها استطاع ان يكتسب عداوة ثوار ساندوه وسياسيين دعموه. ومواطنين انتخبوه، وأسر شهداء وضعوا آمالهم عليه.. فالرئيس الدكتور لم يصبح بعد الجراح الماهر الذي تحتاجه مصر وأخفق في ايجاد حالة من الاصطفاف الوطنى.. ولم يكن فيها الاكاديمى الباهر الذي يستطيع أن يقدم خلاصة تجاربه السياسية إلي واقع يصنع من مصر المنكوبة مصر النهضة. ما إن لاحت بوادر عهد جديد بشرنا فيه الإخوان بنهضة مزعومة واعلاء مبدأ « المشاركة لا المغالبة»، اصطدم المصريون بكذب المزاعم، وزيف المبدأ. فها هو أول رئيس مدنى منتخب للبلاد قبل أن يكمل يومه العاشر فى القصر الرئاسي يومه أولي ضرباته للقضاة بإصدار قرار بعودة مجلس الشعب المنحل بما يخالف حكم المحكمة الدستورية العليا بحله، التى رفضت قرار الرئيس وقضت بوقف التنفيذ. الرئيس الذي حلف اليمين الدستورية لتنصيبه أمام المحكمة الدستورية العليا ترك انصاره يحاصرونها دون أن يحرك ساكناً. معركة الرئيس مع القضاة لم تتوقف عند ذلك الحد، بل تفاقمت الحرب بينهما حين أعلن الرئيس العمل بالاعلان الدستورى في منتصف نوفمبر الماضي ليعطى لنفسه صلاحيات مطلقة تمكنه من فعل أى شىء يريده، ودمر النظام القضائى وحصن نفسه وقراراته من أى ملاحقة قضائية، بالاضافة الي إقالة النائب العام، هو ما اثار أعضاء السلطة القضائية أمام ذلك العدوان علي استقلالهم. انحدار الرئيس الي الخسارة كان سريعاً ففقد الطرف الأقوى في الساحة المصرية وهو أعضاء القوى الثورية الذين قاموا بتدعيمه حتى لا يعود النظام القديم ،وأعلنوا مساندتهم لمرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي في حرب الانتخابات الرئاسية ضد الفريق أحمد شفيق فرفض أن ينفذ وعوده لهم بخلق حالة من التوافق الوطنى بعد أن وعد بتشكيل فريق رئاسي توافقي جاء التشكيل مخيبا للآمال ثم جاءت الحكومة فاشلة برئاسة الدكتور هشام قنديل،ثم رفض تعديل تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور مكتفيا بقوله «لا أملك التدخل في عمل الجمعية التأسيسية للدستور» واكتفي بمشاهدة فصيل الإسلام السياسي يستحوذ علي أغلبية الجمعية لتصدردستوراً لم يتوافق عليه المجتمع المصري، وكذلك تم استدعاء العديد من النشطاء السياسيين للتحقيق في قضايا التحريض علي العنف. وبنفس السرعة التى كشف بها الرئيس عن عجزه في تنفيذ أحلام المصريين بعد سلسلة الإخفاقات في تنفيذ برنامج ال100يوم الأولي في البرنامج الانتخابي كان الانحياز الي الجماعة والعشيرة الرئاسية واضحاً، فقام بإلقاء خطاب في عدد من متظاهري الإخوان أمام قصر الاتحادية وهدد فيه معارضيه بالحبس متحدثاً عن خيوط المؤامرة التى تحاك له، وبعدها تجسد الفشل في السكوت وغض نظر مؤسسة الرئاسة عن الدماء التى سالت أمام قصر الاتحادية، فيما عرف وقتها بالثلاثاء الأسود وهو ما أسقط القناع عن وجه الرئيس ، حينما هاجمت ميليشيات الجماعة المسلحة المعتصمين فى الاتحادية وقبضوا عليهم وأذاقوهم ألوانا من العذاب. ويدخل أنصار مرسى على الخط بالتصنيف الطائفي لمعارضي الرئيس من قبل أنصاره في الجماعة، فوصفوا المعارضين إما بأنهم كافرون معارضون للإسلام، أو خونة وعملاء يريدون هدم البلاد وتخريبها والعمل لمصالحهم الشخصية. وقد تجسد العداء بين المصريين في دعوة الرئيس للمصريين للاستفتاء علي دستور غير توافقي واستعدى بعضهم البعض الآخر. مرسي أيضاً خسر العديد من محافظات مصر وعلى رأسها مدن القناة الثلاث بورسعيد والسويس والإسماعيلية وهى من المحافظات التى حصل فيها مرسي في انتخابات الرئاسة علي أصوات أعلي من منافسه «شفيق»، لأنه غير محنك سياسياً فبعد أن استشهد العشرات في بورسعيد والسويس خرج مرسي ليشكر رجاله وأبناءه من الشرطة وقوات الأمن ولم يصمت بعدها، بل واصل الفشل وقام بفرض الطوارئ وحظر تجوال علي المدن الثلاث، مرسي الذي لم يقدم اعتذاره لأسر شهداء بورسعيد والسويس، بل رفع أصبعه في وجوههم ليهدد بالمزيد من القتل. خسائر الرئيس مستمرة وممتدة حتى شملت أهالي الشهداء الذين خسرهم مرسي مبكراً حينما خالف وعوده بعودة حقوق الشهداء وتعهد لأمهاتهم ولأسر المصابين ومن فقدوا عيونهم أن تكون هناك إعادة محاكمة جادة بأدلة اتهام من السلطة التنفيذية التى يرأسها، إلا أن المصريين فوجئوا بمهرجان البراءة لرموز النظام السابق، وكذلك خسر الرئيس الفلاحيين أيضاً حينما خالف وعوده بزيادة الرقعة الزراعية وإسقاط الديون الزراعية عنهم إلا أنه استمر في التنصل من ذلك بتصديقه على قرار مجلس الوزراء بإعفاء صغار المزارعين من ديونهم لدى بنك التنمية والائتمان الزراعي من المديونيات التي تصل إلى 10 آلاف جنيه. قائمة الأعداء تتزايد لكن هذه المرة من داخل التيار المناصر للرئيس فحينما تخلي الرئيس عن مستشاره لشئون البيئة خالد علم الدين انتفض التيار السلفي وحزب النور ورفع يده عن مرسي وتركه وحيداً شريدا في الساحة فبعد إقالة «علم الدين» كانت استقالة الدكتور بسام الزرقا مستشار الرئيس بمثابة إعلان حرب بين الاخوان والسلفيين، وبدأ حزب النور في كشف عورات الجماعة فبدأ بكشف الستار عن مخطط التمكين بأخونة مؤسسات الدولة من خلال تعيين حوالي 13 الف اخوانى في مختلف الجهات الحكومية. خسائر الرئيس لم تتوقف بعد فقد دخل الإعلاميون علي الخط فبعد تعهد مرسي بعدم المساس بحرية الإعلام والصحافة تم اغلاق قناة الفراعين ومصادرة أحد أعداد جريدة الدستور وحبس رئيس تحريرها والتحقيق، توفيق عكاشة مالك قناة الفراعين بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، وإقالة رئيس تحرير جريدة الجمهورية جمال عبد الرحيم علي الرغم من قرار القضاء بعودته، إحالة فريق عمل برنامج «نهارك سعيد» على قناة النايل لايف إلى الشئون القانونية باتحاد الاذاعة والتليفزيون، وهو ما برره وزير الإعلام بسب ضيف البرنامج للرئيس وطعنه في الجيش. ثم خرج الرئيس في خطابه الاخير ليهدد بإغلاق عدد من الصحف والقنوات الفضائية بتهمة تحريضها علي العنف بالتوازى مع حصار متكرر من أنصار الرئيس لمدينة الانتاج الإعلامى، وكان الرئيس يريد معاقبة الإعلام الذي كشف زيف مشروع النهضة الذى طنطنت له آلة الإخوان الإعلامية، وكشفت عن خطة تمكين يعمل عليها الإخوان. كل الخسائر التى لحقت بالرئيس تجسدت في انتخابات عدد من النقابات المهنية منها نقابة الصيادلة التى منى فيها التيار الاسلامى خاصة فصيل الإخوان المسلمين بهزيمة ساحقة فبعد أن كانت نقابة مستأنسة واقعة في شرك الجماعة لم يخرجوا منها سوى بمقعدين فقط وفشلوا في حصد أي مقاعد في نقابة الصحفيين بعد هزيمة المرشحين السريين لهم بانتخابات النقابة وهو نفس الأمر الذي تكرر في انتخابات اتحادات الطلاب علي مستوى الجامعات المصرية.