سُئِلَ الشيخُ الشعراوى- رحمه الله- ما هى الحكمة التى خرجتَ بها من كل التجارب العديدة والثرية التى مَرَّتْ بك؟! فقال: «اعملْ لوجهِ واحدٍ أحد يكفيك كُلَّ الأوجه». ونقول: ما أعظم أن يخلص الدعاة لله وأن يدوروا فى فلكه وجودًا وعدمًا، فهدفهم الإسلام والحق، ومصلحة الخلق، فأينما كان صحيح الإسلام يكونوا، وأينما كان الحق يدافعوا، وأينما كان مصلحة الخلق فثم شرع الله، ورحم الله الإمام الكوثرى القائل: «العالم الدينى يجب أن يكون المثل الأعلى فى التمسك بأهداب الدين فى العقيدة والعمل والخلق، مواطئًا مظهره لمخبره فى جميع النواحى، صلبًا أمام من تحدثه نفسه الاعتداء على الحق، لا تلين له قناة إزاء من يحاول التلاعب بالشرع، شفيقًا رفيقًا لين الجانب عند إرشاده للخلق، يحسب حساب ما يعلو على مدارك العامة عند تقويم عوجهم وهدايتهم إلى الفضائل وتعويده إياهم الطواعية لأحكام الشرع فى كل صغير وكبير، أسدًا مغوارًا لا يخنع لمن يريد مس كرامته، قانعًا من الدنيا بما يقيم صلبه، ومن الآخرة بما يرضى ربه، من غير أن يدع سبيلًا للمادة إلى أن يعشِّش حبها ويبيض فى قلبه، ومن ذلَّ للمادة وعمل للمادة، منحرفًا عن الجادة، فهو عابد مادة، وعلماء كل شعب عنوان لأحوالهم الروحية، ورمز لكرامتهم ومهابتهم، وأبى الله أن يجعل على رأس شعب كريم غير خيار العلماء». وسألت سيدةٌ فضيلةَ الدكتور محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بطنطا: احترت فى السماع من المشايخ، كلما سمعت أحدًا منهم يبني؛ سمعت آخر يهدم ما بناه الأول، فلمن أسمع؟! فقال لها: اسمعى لأهل القلوب الرقيقة، والعقول العميقة، والأصول العتيقة، والأنساب العلمية العريقة، والمعاني الغزيرة الدقيقة، المقتدين بسنة سيد الخليقة! وأما غلاظ الأكباد، الصائحون فى كل ناد، الهائمون فى كل واد؛ فما أجفاهم بالسليقة، وما أبعدهم عن الحقيقة، وما أعدلهم عن الطريقة!