أكدت دراسة أمريكية حديثة على أهمية أن يعرف الأهل كيفية تعامل أبنائهم مع مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت مشيرة إلى أن الطريقة الأمثل لذلك هي أن يكونوا "أصدقاء" مع أولادهم على هذه المواقع، وإن لم يقبل الطفل بضم أهله إلى لائحة أصدقائه فإن ذلك يعني أن شيئاً خطأ يحدث. جاء في الدراسة ،التي نشرتها مجلة "بدياتريكس"، أن أكثر من نصف المراهقين يزورون مواقع مثل "فيسبوك" و"تويتر" مرة على الأقل يومياً، إن لم يكن في أغلب أوقات فراغهم. وأشارت إلى أن ربع المراهقين قالوا إنهم يزورون مواقعهم الاجتماعية المفضلة 10 مرات أو أكثر يومياً. وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة، والمديرة التنفيذية للمجلة، غوين أوكيفي، إن "مواقع التواصل الاجتماعي هي في الأغلب جيدة، حيث إن الأطفال يتواصلون اجتماعياً مع بعضهم البعض عبر تلك المواقع في الوقت الذي تتقلص مساحات التفاعل الاجتماعي الحقيقية أمامهم. لكنها أكدت على أن الانترنت لا يخلو من المخاطر مثل التعرّض للمضايقات والتهديد. أما على مستوى الواقع العربي فلا ننكر تزايد ظاهرة ارتياد المواقع الاجتماعية على شبكة الإنترنت بعد أن لعبت هذه المواقع دورا بارزا في أحداث التغيير السياسي الذى نشهده على الساحة العربية الآن.. ولا يمكن أن ننكر إقبال الكبار فضلا عن الصغار على مثل هذه المواقع، وهذا إن كان يحمل الكثير من الايجابيات فيظل تكتنفه بعض السلبيات التي لا يمكن تفاديها. سلبي وايجابي عن فوائد تلك المواقع بالنسبة للأطفال تقول د.دعاء راجح ،المستشارة الاجتماعية، أنها وفرت فرصة للتعارف على شخصيات مختلفة الميول والثقافات، كما وسعت إدراك الطفل للعالم المحيط به وما يدور فيه، وما تشهده الساحات الاجتماعية من زخم للمادة الاعلامية سواء كانت مقالات أو كلمات.. فيديوهات أو صور.. وأن هذا كله جعل الطفل يشاهد ويتساءل ويتحدث ويدلي برأيه في قضايا كانت غائبة عن وعيه فيما مضى. أما عن السلبيات فتذكر راجح أن هناك الكثير.. منها حالة الإدمان التى يصل إليها الطفل بعد طول ممارسة وخاصة مع توافر أجهزة اللاب توب التى جعلته يصطحب معه جهازه أينما حل.. هذا الارتباط فصله عن الواقع وعن أهله الذين يعيشون معه في بيته وعن أصدقائه الذين يعيشون حوله ، فأصبح لا يجد متعته إلا في التواصل معهم عبر الجهاز. وترى راجح أن هذا الفصل يعطل من قدرات الطفل على التواصل الاجتماعى المباشر، ويحد من ذكائه الاجتماعى بسبب عدم الممارسة، ويفقده القدرة فضلا عن الرغبة فى التواصل مع أقرانه، فهو يشعر أن متعته الكبرى مع الجهاز، حتى وإن لم يجد أصدقاءه فهو يلعب بالألعاب التى لا يمل منها، أو يشاهد فيديوهات مسلية، أو يبحث عن معلومة يريد معرفتها، أو يدخل مجموعة ظريفة لا يشعر معها بالوقت. وتضيف : لقد عايشت مشكلة أحد أقربائى الذى أدمن ابنه الانترنت واكتشف بعد فترة أنه يحمل أفكار إلحادية ويدافع عنها بقوة..مما يشير لأهم سلبيات الدخول على الشبكة العنكبوتية بشكل عام والتي تتمثل في التعرف على أفكار غريبة أو معلومات مغلوطة أو مشاهد مثيرة . وتؤكد على دور الآباء قائلة أن دورهم يأتي في التوجيه والرقابة والمشاركة ، وأن الأمر لا يأتي بإصدار التعليمات والأوامر والحد من الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر بناء على أحكام لا تقبل التراجع، ولكن ذلك يأتي بالحكمة والاقناع.. فمثلا يبدأ الأب بعرض الموضوع على الأبناء بتقدير واحترام وتفهم ما يجدونه من متعة في الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر، ثم يقوم بعرض الآثار السلبية لطول المدة ولما يمكن أن يواجهوه من مشكلات ومناقشتهم فيها، ثم استخراج حلول منهم هم أنفسهم لتفادى مثل هذه المخاطر والسلبيات، ثم الالتزام الكامل بما تم الاتفاق عليه مع وجود بعض المرونة المحسوبة في أوقات الأجازات والعطلات. وتلفت راجح لعدم إغفال الآباء دور المراقبة عن بعد وعن قرب أيضا.. ولكن المراقبة الحكيمة والتلقائية التى لا تشعر الطفل بأننا لا نثق فيه، وإيقاظ ضميره لأنه وحده الحامى له وسط هذا العالم العجيب، مع مشاركة الأبناء ما يهتمون به ومناقشتهم فيما يشاهدونه ويقرأونه حتى نكون دوما على اتصال بما يتلقونه، وحتى نزيل حاجز الحرج أو الخوف الذى يمنعهم من مصارحتنا بما يشاهدونه ويقرأونه. ثقافة وخيال ومعرفة ومن جهتها تؤكد وفاء أبو موسى ،المستشارة التربوية، أن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة بحثية معرفية هامة تساعد على تواصل الأطفال من ناحية وتطور الجانب الثقافي بين أطفال الشعوب المختلفة من ناحية أخرى، كما أنها توسع مدارك الطفل المتعلقة بالعقل، كالتفكير، والإدراك والخيال والتجرد في تناول الأمور المختلفة في الحياة، كما تفيد الطفل بأنها تمنحه فرصة عملية للتواصل الواقعي مع أشخاص حقيقيين، عبر مساحة افتراضية صغيرة في إمكانيات استخدامها لأنها غير مكلفة ولا معقدة النظام، وكبيرة بمساحاتها وتواجد أطفال آخرين قد حرمتهم الظروف من التواصل المباشر، والتنقل من مكان لمكان في نفس البرهة الزمنية وهذا يتيح للطفل أن يحقق ذاته ويكون أصدقائه بصورة مستقلة، وتتيح له فرصة النقد والاختيار والنهوض بعد الفشل بصورة فردية وبقيادة ذاتية. وتؤكد أبو موسى أن سن الطفولة المتأخرة هو أفضل سن للتواصل من الناحية التربوية والسيكولوجية، لأنه في تلك المرحلة يتطور نمو تفكير الطفل ليصل إلى درجة التجرد الفكري أي طرح الأمور بعيدا عن العاطفة، وفكرة التواصل الاجتماعي قائمة على الحوار والحوار نجاحه يعتمد على التفكير المنطقي أي التفكير بتجرد. وبالنسبة لعيوب استخدام تلك الوسائل ترى أبو موسى أنها لا تحدث إلا في حال انعدمت الرقابة الأسرية على تواصل الإبن أو الابنة بصورة تراعي قيم المجتمع وثقافته. ومن تلك العيوب والمخاطر التعرف على أصدقاء سوء ، مشيرة إلى أن الإبحار في عالم التواصل يعطي الطفل الحرية المطلقة وهي تحقيق لذات الطفل بصورة سلبية. وتضيف أنه قد يتطور خيال الطفل باتجاه سلبي أحيانا وخاصة إن اتسم الطرف الآخر من التواصل بالإباحية .أو قد يتعلم الطفل الكذب في مواجهة مشكلاته الحياتية. كما أن تلك المواقع تسرق وقت وطاقة الطفل بصورة تشوه نظامه التعليمي والتربوي، وتجعله يكتسب سلوك العناد ومخالفة قوانين الأسرة في كثير من الأوقات، وتجعل الطفل متوحد مع جهاز الكمبيوتر وتحرمه من التواصل الأسري في البيت. روشتة للتواصل وتضيف أبوموسى أنه يجب على الآباء مراعاة التالي: - تحديد ساعات استخدام الطفل أو المراهق للإنترنت والتواصل مع الأصدقاء وبصورة علنية وليس في مكان منعزل وبعيدا عن ساعات الليل أو ساعات عدم وجود الوالدين في البيت. - وضع خطة تربوية تراعي القيم الاجتماعية في استخدام الإنترنت، وتوصيل تلك الخطة بشكل واضح للأطفال والمراهقين، وبيان الهدف الجوهري لأولادهم من التواصل الاجتماعي عبر الانترنت وهو ما يناسب ثقافة وقيم المجتمع. - تنظيم وقت الأبناء في فرص الاستمتاع بالوسائل التربوية الثقافية المختلفة بحيث لا تطغى وسيلة على الأخرى في الإستخدام. - مشاركة الأبناء في تواصل أسري عبر التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، بمعنى أنه حينما يتعرف الإبن على صديق عبر الانترنت فعلى والديه أن يتعرفوا على أسرة هذا الطفل، بذلك يشعر الأبناء بالمسؤولية تجاه صداقاتهم وتواصلهم.