اختلف الفقهاء في حكم الاحتفال بعيد الأم على رأيين، فمنهم القائلون بحرمة الاحتفال بعيد الأم، وأنه من البدع المستحدثة في الإسلام، ويستدلون على قولهم بالعديد من الآيات والأحاديث.. ومنهم الرأي الثاني الذى يرى القائلون به مشروعية الاحتفال بعيد الأم، وهؤلاء يعضدون قولهم بأحاديث وآيات. أكد الدكتور عبد الحليم منصور- أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر - على مشروعية الاحتفال بعيد الأم، وتقديم الهدايا، والتعبير عن ألوان الحب للأمهات والأباء، فكل هذا جائز شرعًا ولا غبار عليه، ولا يوجد في الإسلام ما يمنعه، وليس في هذا تشبه بالغرب كما قال المحرمون:" فليس كل تشبه بالغرب منهيا عنه، إذ المنهي عنه هو مشابهتهم في الأمور المتعلقة بالعقيدة التي تخصهم، أو مشابهتهم فيما يخالف نصوص الشريعة ، أما ما عدا ذلك من الأمور النافعة ، فلا بأس به فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها. ويستدل منصور بقوله تعالى:" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا". وقوله:" ووصينا الإنسان بوالدية حسنا"، وقوله تعالى:" واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا "، وقوله " أن اشكر لي ولوالديك"، فهذه الآيات بعمومها تدل دلالة واضحة على وجوب الإحسان إلى الوالدين وبرهما وشكرهما، في عموم الأوقات والأزمان، ومنها هذا اليوم. وفى حديث الرسول ما روي عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ». وأشار منصور إلى أن البدع المحرمة هي التي تصادم نصًا من نصوص الشرع، أما ما شهد له الشرع بالاعتبار وهو البر بالآباء فلا يمكن منعه؛ لأن حكمه ثابت في كل الأزمنة والأمكنة، ولا يمكن إخراج بعض الأيام عن هذا العموم. ومسألة تحديد يوم معين للتعبير عن هذا المظهر، هي فكرة تنظيمية اجتماعية لا غير، كما أننا مسلمين سنظل على برنا لأمهاتنا وآبائنا طوال العام، ولن ننقطع عنهم، ولكن كل ذلك مرتبط بعدم ارتكاب ما يخالف شرع الله عز وجل في هذه الاحتفالات. ومن ثم فإن الاحتفال بعيد الأم وفق الأطر والضوابط الشرعية لا بأس به. ويقول الشيخ سعد الفقى مديرعام أوقاف الدقهلية:" ليس هناك مانع من الاحتفال بعيد الأم، وإن كان الأصل هو الاهتمام بها فى كل لحظة، وليكن الاحتفال بعيد الأم تذكيرًا للعاصين حتى لا تفوتهم الفرصة، والأصل فى الأمور الإباحة ولا يوجد نص يمنع الاحتفال بها، وما لم يوجد فيه نص فهو مباح". ويقول الشيخ رشوان عبد الكريم من علماء الأزهر:" إن الاحتفال بالأم يجب أن يكون طوال العام، وليس فى يوم واحد، فالدين الإسلامى والقرآن الكريم والرسول – صلى اله عليه وسلم – وصى على الوالدين والرحمة بهما، لما بذلاها من جهد فى سبيل تربيتنا. وأشار رشوان إلى أن الاحتفال بعيد الأم طالما لا يتعارض مع الشرع والدين، فهو جائز وإن كان الأفضل أن يكون تكريم الوالدين طوال العام، وليس مرتبطًا بيوم محدد كما نفعل فى هذه الأيام. مؤكدًا أن الأم كما يقول الشاعر : مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق، وهى صاحبة الفضل فى تربية الطفل المسلم تربية سليمة؛ لكى يكون نواة المجتمع من خلال التربية الدينية والإسلامية وفق تعاليم الكتاب والسنة.