«علمتنى الحياة أن الحب هو منبع كل جميل وكريم وعظيم، ومن خلال تعاليم الحب تعلمت الحياة»، كلمات وصف بها الفنان القدير سمير صبرى مشوار حياته، على غلاف كتابه «حكايات العمر كله»، ليرصد بيده مشواره الإنسانى والفنى، ويحكى بانوراما شيقة للمناخ الفنى والإعلامى الذى عاصره فى مصر، منذ عهد جمال عبدالناصر وإلى الآن، فهو شاهد على العصر بين الفن والسياسة فى حياة النجوم والرؤساء، فهو حدوته مصرية، براعته كإعلامى جعلته صديقًا مقربا لكل النجوم، ونجاحه سينمائيًا وتليفزيونيًا صنع علاقات خاصة مع نجوم الوسط الفنى على كل الأزمان، بداية من عبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب، مرورا بشباب فنانين العصر الحالى، مهاراته المتميزة بين أبناء جيله صنعت منه اسطورة، فهو مكتشف للنجوم ووالدهم وصديقهم، ولذلك بمجرد الإعلان عن مرضه تهافت الجميع بالدعاء له، والانشغال بزيارته، لتتحول ظروف مرضه للحدث الأكبر والأهم على الساحة الفنية. وجاء قرار سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالإعلان عن علاج الفنان القدير على نفقة الدولة، ونقله لمستشفى القوات المسلحة، للعلاج من آثار السرطان وما آل اليه، بمثابة اعتراف بدور الفنان القدير فى صناعة الاعلام والفن المصرى، وتحولت صفحات الفنانين لدعم وشكر وثناء لهذا القرار الذى يحمل خصوصية كبيرة فى معناه. «حدوتة مصرية ذائعة الصيت، فهو ملك الأفراح، وسفير البهجة ونجم الشاشة الكبيرة، وفتى الشاشة الصغيرة، ومازال حاضرًا بميكروفون الإذاعة ويشد المستمع كما شده أمام الشاشة».. بهذه الكلمات الرقيقة وصف الإعلامى مفيد فوزى صديقه سمير صبرى، والمتتبع لحالته الصحية يجده فعلا حدوتة مصرية فى إصراره على التواجد عبر برنامجه الاذاعى، وإصراره أن يسجل حلقته التى اذيعت يوم الثلاثاء الماضى مع الفنانة ليلى علوى بالمستشفى، ليعطى رسالة سامية بأن الإبداع والفن لا يقضى عليهما المرض، وحظيت حلقته باهتمام اعلامى منقطع النظير، ليؤكد رسالة سمير صبرى الدائمة وهى (انا متواجد بإبداعى وحب جمهورى واصدقائى). الظهور الأخير للفنان القدير سمير صبرى كان فى افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، بشهر ديسمبر، لتقديم تكريم صديقة عمره الفنانة نيللى، وبدا الثنائى فى كامل تألقهما، وكان ظهورهما بمثابة مظاهرة حب جماهيرية، ظهر وهو يستند على عكاز، ورغم ذلك كان حاضر الذهن، لم يتوقف عن إضحاك الجمهور والغناء بصحبة نيللى، وسط مشاعر محبة صادقة وتصفيق من الجمهور، لتستند عليه صديقة العمر، فلطالما كان السند لكل اصدقائه من الفنانين. المتتبع لمشوار ابن الإسكندرية، يراه وفيا للفن ولأهله لم يتأخرلحظة عن أداءالواجب ولم يترك حق زميل الا وكان سندا له، ولم يصدر عنه يوما تصريح يعيب فى زميل له، فكان بعيدا عن الغيرة الفنية والإنسانية، منذ بدأ حياته العملية مذيعا فى الإذاعة الإنجليزية، ثم اتجه إلى التمثيل والغناء، ليصبح أحد أهم الإعلاميين والفنانين المصريين. نشأة صبرى فى بيئة منفتحة، جعلته يحب الفن منذ الصغر، عاش وسط عائلة تجيد الفن تتذوقه وتحترمه، وسط السينما والمسرح والموسيقى، وأم وأب وجد و7 خالات شكلوا طفولته وصنعوا شخصيته، حيث شجعوه عندما وقف أمامهم يقلد الفنانين ويغنى ويرقص، حتى جاءت انطلاقته بلقاء عبدالحليم حافظ الذى قدمه للبنى عبدالعزيز، ليصبح وعمره 10 سنوات نجم البرنامج الأوروبي. ويحكى سمير فى كتابه عن عبدالحليم حافظ، ويقول: «كان بوابة عبورى إلى شارع الفن.. معه وقفت لمدة ثوان لأول مرة أمام كاميرا السينما، ومعه دخلت الإذاعة.. وبفضله ومساعدة الإعلامية آمال فهمى قدمت أولى فقراتى على موجات الإذاعة». مواقف سمير صبرى الإنسانية تكاد تكون سيرة براقة فى مشوار حياته، حيث تسبب فى رجوع سامية جمال للرقص بعد سنوات طويلة من الاعتزال، حيث كانت تمر بأزمة مالية بعد غرق شقتها، فأتاح لها فرصة عمر، فى تقديم (الليلة الكبيرة) فى فندق الخمس نجوم، لتعود للرقص وعمرها 60 عاما وتقدم موسمين كاملين، من الفن الاستعراضى. كما كانت علاقته قوية ووثيقة بسعاد حسنى خلال فترة مرضها، والتقى بها حوالى ثلاث مرات قبل وفاتها فى يونيو عام 2001، فقد كانت تخطط معه رحلة رجوعها، وما كانت ترغب به ومرافقته لها أثناء وصولها فى المطار، وبعد رحيلها الغامض سجل للتليفزيون برنامج (لغز رحيل السندريلا) على مدار 8 حلقات للتحقق فى قتلها أو انتحارها، وقال سمير صبرى إنه يقوم بالتحقق فى قتلها وليس التحقيق، وانتهت حلقاته بترك النهاية مفتوحة للمُشاهد. أما الفنانة القديرة تحية كاريوكا فكانت تناديه ب(أنت ابني)، وكان يناديها ب(ماما)، جمعت بينهما علاقة صداقة قوية، وكان من القلائل الذين يواظبون على السؤال عنها وزيارتها أثناء تواجدها فى المستشفى فى أواخر عام 1999. أما الفنان الراحل نور الشريف، فقد ذكر فى تصريح سابق، أن صبرى الوحيد الذى كان يتصل به تليفونيًا للسؤال عنه، أثناء تعرضه لأزمة اتهامه بالخيانة، على صفحات الصحف القومية بسبب فيلم (ناجى العلي) الذى عُرض عام 1992. وحين اشتبه الأطباء فى إصابة محمود عبدالعزيز بسرطان فى المعدة، اصطحب معه سمير صبرى فى رحلته العلاجية إلى باريس، منذ ما يقرب من21 عاما، حتى تعافى الفنان وعاد إلى عمله. غيرها وغيرها من المواقف الإنسانية الجميلة التى يتذكرها كل من يعمل فى مجال الفن ليصبح اسم سمير صبرى مرتبطا ارتباطا شرطيا بالجدعنة. ييلغ رصيد سمير صبرى سينمائيا 138 فيلمًا، بالإضافة لعدد من البرامج التليفزيونية الناجخة، منها (النادى الدولي)، و(هذا المساء)، وشارك فى تقديم عدد كبير من أفلامه مع الزعيم الفنان الكبير عادل إمام، من أبرزها فيلم البحث عن فضيحة من بطولة ميرفت أمين، من مسلسلاته التليفزيونية حضرة المتهم أبى الذى تم إنتاجه عام 2006، وكذلك قضية رأى عام، وكان آخر ظهور للفنان سمير صبرى على الشاشة من خلال مشاركته فى مسلسل "فلانتينو" مع الزعيم عادل إمام، كما شارك فى الإنتاج السينمائى بعدة افلام، منها سمكة وأربع قروش. مشوار طويلة نتمنى أن يديم الله الصحة والعافية على الفنان القدير الذى يحمل جمهوره وزملاؤه له كل مشاعر الحب والتقدير.