الناس في مصر يعشقون رئيس وزرائهم الدكتور عصام شرف.. ويكرهون حكومته.. هذه المفارقة الغريبة نادرا ما تتكرر.. فالوضع المعتاد في أيام العهد البائد هو اختيار شخص كريه ليرأس الحكومة، ويكون بمثابة حائط لصد اللعنات حتي لا تصيب رئيس الجمهورية، ويظل رئيس الوزراء ملعونا منذ توليه حتي خلعه، وقد يلمع نجم أحد وزرائه فيتحدث الناس عن تغيير يأتي فيه الوزير النجم رئيسا للوزراء.. وتدور الشائعات ثم تهدأ الأمور بعد نفي الشائعات ويتم التأكيد علي استمرار رئيس الحكومة الكريه في منصبه لأنه يقوم بمهمته علي أكمل وجه وهي أن يتم التنكيل به في وسائل الإعلام، وكأنه دوبلير لرأس النظام، فالرئيس هو الفنان المشهور الذي يرتاح خلف الكاميرا بينما الدوبلير يتلقي العلقة الساخنة بدلا منه. أما في حالة شرف فقد انقلبت الآية وأصبحت شعبيته في تزايد بعد كل مهمة يتصدي لها أو كل ملف ينجزه أو كل حريق يطفئه وآخر هذه الحرائق كان حريق قنا.. الذي أصاب البلاد بالهم والغم علي اعتبار أنه كاد يصبح فتيلا لقنبلة الفتنة لا قدر الله، وقد نجح شرف في التوصل لقرار تجميد المحافظ غير المرغوب فيه 3 أشهر حتي يهدأ الثائرون ويحفظ في نفس الوقت ماء وجه الحكومة التي اختارت هذا المحافظ. وعلي عكس شرف.. هناك وزراء ليسوا علي مستوي مناصبهم وتاريخهم.. لا يؤهلهم لأن ينالوا شرف الانتماء لحكومة شرف.. ولكن تخبط دوائر صنع القرار سمحت بوصول مثل هؤلاء لمناصبهم.. إضافة الي امتناع كثيرين عن قبول منصب الوزير في هذه الفترة العصيبة من تاريخ مصر.. لأنها فترة ريبة.. يمكن أن تحرق أي مسئول، مهما بلغت براعته أو نزاهته أو كفاءته المهنية والإدارية.. وبالتالي وجد شرف نفسه أسير حكومة إنقاذ وطني متواضعة الحال.. قليلة الشعبية.. باهتة الأداء.. علي عكس أداء رئيس الوزراء نفسه، ناهيك عن وجود أسماء مرفوضة في كل الأحوال لانتمائها للعهد البائد قلبا وقالبا.. أو وجود شخص مثيرللجدل حول أسباب فرضه علي حكومة »شفيق« ثم حكومة شرف، ويشبه دوره ومواقفه المثيرة للضحك والسخرية النجم الكوميديان الراحل إسماعيل ياسين، ولو حاول الكوميديان الراحل تقديم فيلم بعنوان »إسماعيل ياسين في الحكومة« ضمن سلسلة أفلامه.. فإنه لن يبتعد كثيرا عن تجسيد هذه الشخصية. وأنا لا أستبعد ب سبب كل هذه المفارقات أن يكون الهتاف القادم للمصريين هو: »يعيش شرف.. وتسقط حكومته«.