حول شخصية الدكتور طه حسين عميد الدب العربى وتطور الوعى فى القرن العشرين ومدى علاقة العميد بهذا التطور، جاءت الندوة التى نظمتها هيئة الكتاب، برئاسة الدكتور. أحمد مجاهد، وشارك فيها الدكتور. محمد حافظ دياب والكاتب حلمى النمنم وأدارها الناقد والكاتب شعبان يوسف . وقال يوسف فى مستهل الندوة : نحن مصرون على ان تكون الثقافة مواجهة لكافة الظروف التى تحدث فى مصر، فهى حائط صد لكل أشكال الجهل والتخلف وقد روعنا من محاولة اغتيال طه حسين ومحاولة قص رأسه فى المنيا وهذا لا يعد حدثا عابرا وانما هو حدث رمزى، مثلما حدث فى سوريا من تحطيم لتمثال ابى العلاء المعرى . ان المبادئ التى رفعتها ثورة 25 يناير فى 2011 عيش، حرية،عدالة اجتماعية، ديمقراطية هى بالضبط ما نادى به طه حسين ولن تنهض مصر إلا اذا ردت الاعتبار لطه حسين، ويجب ان تكون مصر هى محل الاحتفاء بطه حسين، فبعد رحيل طه حسين فى أكتوبر 1973، صدر كتاب «طه حسين فى ميزان الاسلام» فى 1976لأنور الجندى والذى هاجم العميد فيه بضراوة، وبعدها صدر كتاب فى الأردن لأحد ممن يتسترون بالإسلام وهاجم فيه طه حسين أيضا، وأضاف شعبان ان طه حسين هو الذى بنى نفسه حيث ولد فى أسرة فقيرة جدا ثم أصابه العمى واستطاع ان يقاوم الحياة، وقد كتب طه حسين عدة كتب منها تجديد ذكرى أبى العلاء المعرى وفلسفة ابن خلدون حتى كتاب الايام، وللأسف هوجم هجوما شديدا وقيل انه ملحد وكافر، وطوال هذه المسيرة وعلى الرغم من كل ذلك فقد وظل طه حسين وسيظل هو عنوان التنوير، خاصة أنه خاض معارك كثيرة . أما الدكتور محمد حافظ دياب فقال : إن اعتداءات كثيرة طالت طه حسين بدءا مما حدث له وهو طالب فى الأزهر عندما أصدر الأزهر قرارا فى 1913 بتكفير الحجاج بن يوسف، ووقتها دافع طه حسين عن الحجاج وقال «إنها إساءة أدب منه وليس كفرا» فما كان من مشايخ الأزهر إلا أن اتهموه هو أيضاً بالكفر، وقبل ذلك اتهموه بالمجون والخلاعة عندما كتب عن العصر العباسى،، والاتهامات التى طالت طه حسين أخذت أشكالاً كثيرة، والسؤال: ما الذى يوجد الآن فى الحاضر المصرى يدعو لاتهامه وقطع رأس تمثاله؟ وأضاف دياب :لقد قدم طه حسين من خلال مشروعه النهضوى فكرتين أساسيتين الأولى أن يكون هناك تعليم واحد فى مصر فمنذ عهد محمد على هناك ميثاقان للتعليم الأول التعليم الأزهرى، والآخر ما تطلبته ضرورة الإدارات والحياة المصرية، والفكرة الثانية أن قبل طه حسين كان هناك من يرى مصر الغرب فقط وعندما جاء طه حسين قال مصر الشرق الغرب، وقد قرأت البروتوكول الذى صيغ بين وزارة التربية والتعليم وحزب الحرية والعدالة يحاولون فصل البنين عن البنات وارتداء الطالبات لما يسمونه بالزى الشرعى، وهناك محاولات فى الجامعات أيضا، ولا تأتى أهمية طه حسين لرؤيته واقع الأمة فى زمنه فقط إنما تأتى من استشرافه المستقبل، فقد نبهنا منذ عقود لما وقع فيه حال التعليم الآن، وامتد ليشمل مجالات ثقافية كثيرة جدا. وأضاف دياب ومن أهم ما جاء به طه حسين فى دراسته هو جديد ابن خلدون، حيث تجاوز الفقه والكلام إلى علم العمران، أما الشافعى والمعتزلة فكانت مرجعيتهما دائما الفقه والسنة، وعندما عاد طه حسين بعد بعثته الفرنسية درس الأدب الرومانى واليونانى ثم قدم كتابه مستقبل الثقافة المصرية، وقبلها كتابه الذى آثار ضجة عن الشعر الجاهلى، ثم كتابه «الفتنة الكبرى» ولذا كان لابد من مواصلة الاتهامات لطه حسين، بدءا من انه لا يعترف بابراهيم واسماعيل وأن كتبه مليئة بالإسرائيليات فقد كان دائما مواجها بالقوى الأخرى المضادة . وعن الجديد الذى قدمه طه حسين حول تجربة الليبرالية فى مصر قال دياب: بدأت التجربة منذ عهد رفاعة الطهطاوى لكن التجربة الليبرالية تبلورت مع فكر السلفيين الاصلاحيين وهذه الجماعة الاصلاحية حاولت ان توازن بين التراث والحداثة، والشيخ عبد الرازق جاء وفصل بين الدين والدولة، وقال إن الاسلام لم ينتصر لاى نظام سياسى وجاء طه حسين وتوغل أبعد. وأن ما يسمى «بثقافة الظل» ربما كان لطه حسين النصيب الأوفى فى هذه الكتب الموجودة امام المساجد، وسيظل الأمر دائما ملاحقة بين قوى السلفيين وبين أصفى وانقى رواد الفكر الحديث. «بغض النظر عما حدث لرأس طه حسين فهذا سياق عام فى مصر منذ العصر العباسى « هكذا بدأ الكاتب حلمى النمنم حديثه، وأضاف: فى اكتوبر القادم يمر اربعون عاماً على وفاة طه حسين، ويجب ان تحتفل وزارة التربية والتعليم والجامعة المصرية بهذا الحدث فأنا أرى انه افضل وزير تعليم جاء لمصر، والدستور الذى جاء مشوها وضع به مادة تلزم بتطوير التعليم خلال 10 سنوات وانما كان هو اول من نادى بالقضاء على الجهل، ومجانية التعليم، وأضاف النمنم: قد رفعوا كتاب الايام الذى كان مقررا فى المدارس وقالوا إنه يسيء لشيخ الكتاب وتبين بعد ذلك أن هناك دار نشر دفعت رشوة لكى يلغى هذا الكتاب ويتم وضع كتاب طبعته دار النشر هذه. والمقصود تشويه طه حسين وهناك نوع من الحقد الخاص لطه حسين، واذا كانت الثقافة المصرية فى القرن ال19 يمكن ان نلخصها فى اسم رفاعة الطهطاوى ففى القرن العشرين يمكن ان نلخصها فى اسم طه حسين، رغم ان الطريق كان ملتبسا جدا فى القرن العشرين، واذا كان الانسان مثقفا بحق فلابد ان يكون مكروها فى مصر، وحين سافر طه حسين إلى باريس نال درجة الدكتوراة فى ابن خلدون والذى كان مكروها ايضا من القوى السياسية، حيث جاء فى مقدمته «نحن نحذر من العهر بين التجارة والسلطة»، وهو ما أدى الى الفساد، واتهم طه حسين بالكفر حين تعرض فى دراسته للحادث الذى تم للخليفة الثالث عثمان بن عفان وهو أول من حللها، وزيادة فى الفرية على العميد فهم لم يكفروا عقيدته فقد إنما كفروا عروبته أيضاً وفى ذلك، كتب عنه انور الجندى انه عميل للصهيونية لانه لم يذكر فلسطين فى اى من كتاباته وهذا كذب لانه كتب مقالا بعنوان فلسطين، وبعد 1967، وعندما قال المفكرون العرب ان مشكلتنا مشكلة حضارية واتجهوا جميعا هذا الاتجاه، رد عليهم طه حسين فى مجلة الإذاعة والتليفزيون وقال إن إسرائيل ليس لديها حضارة وتأخذها من الغرب ومشكلتنا معهم مشكلة عسكرية ولابد أن نعيد بناء الجيش المصرى ويكون جيشاً قوياً وهو الوحيد الذى قال ذلك وقتها. وتابع النمنم: طه حسين قرر مجانية التعليم حتى التعليم الثانوى ورفعت عليه فى هذا الشأن قضايا كثيرة حتى انتصر له جمال عبد الناصر عندما قرر مجانية التعليم حتى الجامعة، كما أسس 3 جامعات فى مصر، وهذا هو طه حسين الذى نجهله وتتجاهله وزارة التربية والتعليم والتعليم العالى ووزارة الثقافة، وإذا اخذنا الاسلام كقيم معنوية وسلوك فيكون طه حسين من افضل مسلمى عصره لأنه أصر على ديمقراطية التعليم، وكان منتبها لبعد العدالة الاجتماعية، وعندما تحدث عن الثقافة المصرية والعقل المصرى فى 1938 وقال اننا يجب أن نتعامل بندية مع الغرب فلسنا اقل منهم فهم أخذوا من التراث الإسلامى والحضارة الاسلامية والحضارة الفرعونية، والمبادئ التى رفعت فى 2011 عيش حرية عدالة اجتماعية ديمقراطية هى بالضبط ما نادى به طه حسين ولن تنهض مصر إلا إذا ردت الاعتبار لطه حسين. والإسلام هو الحرية وما جاء محمد بالإسلام إلا ليحرر الناس.