مركز الإصلاح والتأهيل بوادى النطرون الذى افتتحه اللواء محمود توفيق وزير الداخلية يوم الخميس الماضى، يعد نموذجًا متميزًا للمؤسسات العقابية والإصلاحية. ولا أكون مبالغًا فى القول، من خلال الجولة التفقيدية داخل هذا المركز، إنه يضاهى بما لا يدع أدنى مجال للشك، أى مركز عقابى فى العالم، سواء فى أمريكا أو أوروبا، والرائع فى هذا المركز أنه جاء وفق كل المعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، كما أن هذا المركز يأتى تفعيلاً لتوجيهات وتعليمات القيادة السياسية بتعظيم مفهوم الحياة الكريمة طبقًا لما أعلنته وزارة الداخلية على لسان اللواء طارق مرزوق مساعد وزير الداخلية للحماية المجتمعية، والتى تعد ركيزة أساسية فى الجمهورية الجديدة. الحقيقة أننى كنت ضمن الزملاء رؤساء التحرير وكبار الإعلاميين الذين قاموا بجولة داخل مركز التأهيل والإصلاح بوادى النطرون. وهذا المركز هو رؤية جديدة جدًا قائمة على استراتيجية أمنية مهمة. فالمركز الجديد فى وداى النطرون سيكون بديلاً ل12 سجنًا داخل الكتلة السكنية، وهذا يعنى فى المقام الأول، تخفيف العبء الكبير على المدن المصرية التى تقع بها هذه السجون، والرائع أيضًا فى هذا الشأن أن داخل المركز محكمة، ما يعنى أن المتهمين ستتم محاكمتهم فى ذات المكان الذى يعاقبون بداخله، مما يكون سببًا رئيسًا فى السيولة المرورية داخل المدن التى بها سجون، وأعتقد أيضًا أن الوزير محمود توفيق، لديه ضمن الاستراتيجية الأمنية، إقامة مراكز إصلاح وتأهيل جديدة حتى لا تجد بعد ذلك سجنًا داخل الكتلة السكنية والمعروف أن مركز الإصلاح فى وادى النطرون يضم 25٪ من عدد النزلاء بسجون مصر. وقد لفت الانتباه أن «كلمة سجن» قد اختفت، وحل مكانها «تأهيل وإصلاح» ما يعنى أن هناك مفهومًا جديدًا لرعاية السجناء، بل إن «السجناء» تم استبدالها بالنزلاء، كل هذا يعنى أيضا أن مصر بدأت مرحلة جديدة جدًا فى الفلسفة العقابية وتهتم بالدرجة الأولى بالإصلاح والتأهيل، حتى يخرج النزيل من المركز وقد بات مؤهلاً ومندمجًا فى المجتمع، بما اكتسبه من تأهيل رائع داخل المركز. الحقيقة أن ما شاهدته داخل مركز إصلاح وادى النطرون يؤكد أن الاستراتيجية الأمنية التى ينفذها الوزير محمود توفيق فى المؤسسات العقابية والإصلاحية تقوم على ركائز حديثة، تهتم بتحويل أماكن الاحتجاز التقليدية إلى أماكن نموذجية لإعادة تأهيل النزلاء. وتعتمد على منطق عدم معاقبة المحكوم عليه مرتين، بسبب ذنب قام به وبالتالى بات مركز الإصلاح والتأهيل مهمًا جدًا لتخريج مواطن صالح داخل المجتمع. ولذلك فإن الاستراتيجية الأمنية تهتم بالدرجة الأولى ببرامج علمية يشارك فيها كل المتخصصين فى مختلف العلوم الاجتماعية والصحة النفسية التى تعمل على ضبط وتصحيح السلوكيات وتعميق القيم والأخلاق. وقد تمت ترجمة ذلك عمليًا من خلال وجود السجن داخل المركز ولأول مرة وجود مصلى كنائس للإخوة الأقباط النزلاء. لا أحد ينكر على الإطلاق الجهود الكبيرة المبذولة من وزارة الداخلية لترجمة حقوق الإنسان إلى واقع عملى على الأرض وهذا ما تجلى فى مركز الإصلاح والتأهيل بوادى النطرون. لقد ترجمت وزارة الداخلية الاهتمام الدولى لتحسين ظروف النزلاء باعتبار هذا الأمر أحد الجوانب المهمة لحقوق الإنسان. ولذلك جاء مركز وادى النطرون ترجمة واقعبة وحقيقية لمفهوم حقوق الإنسان، ويدار بشكل علمى لإصلاح السلوك والأفكار المغلوطة. مركز الإصلاح والتأهيل يعد مفخرة مصرية فى إطار تغيير الفلسفة العقابية التى كانت تعتمد فى السابق على الاحتجاز فقط، إنما الآن باتت تقوم بتأهيل النزلاء فى كل الجوانب سواء كانت معرفية أو ثقافية لدرجة وجود مدرسة صناعية داخل مركز الاحتجاز، يحصل بعدها النزيل على شهادة علمية تؤهله للعمل عندما يخرج إلى المجتمع.. هناك بالفعل تغيير شامل فى الفلسفة العقابية بما يتمشى مع حقوق الإنسان والاستراتيجية الرائعة التى وضعتها القيادة السياسية فى إطار الحياة الكريمة لكل المصريين بمن فيهم النزلاء. [email protected]