هدم الأنفاق قضية أمن قومى بالدرجة الأولى، وما تفعله القوات المسلحة المصرية حاليا من تدمير لهذه الأنفاق ذات ضرورة ملحة ومهمة أولا للحفاظ على أمن مصر وثانيا لأن هذه الأنفاق تفتح الأبواب على مصراعيها لأعمال إجرامية على الحدود وتضر بالأراضى المصرية، وتهدد سيطرة الدولة على حدودها وفرض إرادتها الأمنية والسياسية. وفى الوقت الذى تقوم فيه المؤسسة العسكرية بتأمين الحدود، تعصف هذه الأنفاق بهذا التأمين وقد تلاحظ ذلك خلال السنوات الماضية، وتم استغلال سيناء أسوأ استغلال، عندما كانت تقذف هذه الأنفاق بميليشيات من حماس وحزب الله إلى الأراضى المصرية لتنفيذ مخططات شيطانية ضد مصر، بالإضافة إلى وجود عناصر شتى من جماعات التطرف التى لا تريد استقرارا للبلاد.. وقد تحولت هذه الأنفاق الى مأوى للخارجين على القانون الذين يقومون بأعمال تهريب لكل شيء ومن خلف ظهر الدولة المصرية..وهذا ما دفع الجيش المصرى الوطنى إلى أن يبدأ على الفور فى هدم هذه الأنفاق، وليس معنى ذلك أننا ضد أشقائنا الفلسطينيين، ولكن الهدف هو الحفاظ على الأمن المصرى، وهناك من الوسائل المشروعة الكثير الذى يمكن من خلالها أن تستمر عمليات دعم الأشقاء فى غزة.. وجاء حكم محكمة القضاء الإدارى بهدم وإغلاق الأنفاق ليتوج موقف الجيش المصرى الرائد فى هذا الصدد. «الوفد» استطلعت آراء رجال القانون فى هذه القضية، ونقلت وجهات نظر رجل الشارع فى هذا الصدد لاستجلاء الحقيقة وكشفها بشأن الأنفاق التى صدرت إلى مصر وتحديدا سيناء مشاكل لا حصر لها، ولا نزال نعيش تبعاتها حتى كتابة هذه السطور. قال المستشار محمد حسن، وكيل نادى قضاة مجلس الدولة، إن الحكم بشأن الأنفاق واجب النفاذ كسائر أحكام القضاء الادارى، وأن الطعن عليه لا يوقف تنفيذه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الادارية العليا، وفى جميع الأحوال يجب احترام الأحكام أى كانت وجهه الأنظار لأن ذلك يدعم استقلال السلطة القضائية التى تعد ضمانة مهمة لحقوق وحريات أفراد المجتمع. أكد الدكتور سمير صبرى، المحامى بالنقض، أنه صادف الحكم بإلزام الدولة بإغلاق الأنفاق بين مصر وغزة صحيح القانون، حيث يتعين أن تحمى الدولة حدودها ومنافذها منعا من دخول عناصر أجنبية قد تؤدى إلى الإخلال بالأمن والسلام وسيادة الدولة على أراضيها، حيث إن هذه الأنفاق لا تعد منافذ تفرض الدولة عليها سيطرتها سواء من الناحية الأمنية أو السياسية. وأضاف «صبرى» أنه ثبت للمحكمة أن هذه الأنفاق تستخدم فى تهريب البضائع والسلاح دخولا وخروجا بطرق غير شرعية، والأخطر من ذلك ما أكد عليه نائب رئيس الجمهورية السابق «المتوفى» عمر سليمان والمشير «طنطاوى» أثناء إدلائهما بشهادتيهما فى قضية «القرن» عندما قررا أن هناك عناصر من حماس وحزب الله تسللت الى البلاد وقامت بالعديد من الأعمال التخريبية وتهريب المحبوسين على ذمة قضايا، وعلى رأسهم عناصر «حزب الله». وأشار «صبرى» إلى أن هذا الحكم لابد من تنفيذه خاصة إذا أخذ فى الاعتبار أن السلطة الحاكمة الآن هى التى تدعم «حماس» وقد يؤدى ذلك إلى امتناعها أو عرقلتها لتنفيذ هذا الحكم، وثبت ذلك من تضررها عندما قامت القوات المسلحة بهدم وإغراق هذه الأنفاق. وقال بهاء أبو شقة المحامى ونائب رئيس حزب الوفد إن حدود مصر وسيادتها عبارة عن حصن لا يجوز الاقتراب منه، والمسائل التى تمثل الأمن القومى لا أعتقد أنها تكون محل خلاف بين المصريين لأن حماية الحدود ليست مهمة القوات المسلحة فحسب ولكنها مهمة الشعب بأكمله، وأن الحكم هو عنوان الحقيقة وواجب النفاذ. وقال شحاتة محمد شحاتة المحامى ومدير مركز النزاهة والشفافية، إن هذه القضية موضوع الحكم لا تحتاج إلى حكم لأن أبسط قواعد سيادة الدولة على إقليمها هو سيطرتها على دخول وخروج الأفراد إليها سواء كانوا من مواطنيها أو مواطني الدول الأخرى، وبالتالى ما كان يحدث هو نوع من أنواع الفوضى والتسيب والمخالفة للقانون والأعراف للدولة. وأضاف «شحاتة» أن الحكم ليس حكما منشئيا ولكنه حكم مقرر لأمر يلزم القانون الحكومة أن تنفذه، وبالتالى تقع على الحكومة الآن مسئوليات أمام نفسها الأولى مستمدة من القانون والثانية مستمدة من الحكم الصادر بإلزامها بغلق هذه الأنفاق. وقال حسن أبو العينين المحامى إن هذا الحكم يعتبر انتصاراً لكل مصرى يغير على أرضه وعلى قوته وعلى ماله، ويعتبر أثراً من آثار التغيرات التى حدثت للمصريين نتيجة ثورة 25 يناير، أما المعنى بتنفيذ هذا الحكم فهو رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ثم جميع الوزراء المعنيين وبالأخص وزير الدفاع الذى له سلطات خولها له الدستور بحماية أراضى الدولة المصرية، وصيانة حدودها. وأضاف «أبو العينين» كما هو معلوم أن الأنفاق تقع على الشريط الحدودى ما بين مصر وغزة، وهى تسمى بالمنطقة «ج» اختصاص وزارة الدفاع فى المقام الأول وبالنسبة لإجراءات تنفيذ هذا الحكم فعلى ما أعتقد أن وزراة الدفاع والفريق أول عبدالفتاح السيسي من واقع غيرتهما على الوطن والمحافظة على أراضيه قاما بالفعل بإغراق بعض هذه الأنفاق بالمياه والبعض الآخر بالردم، وسيتوالى ذلك حتى يتم القضاء عليهما تماما ولا يقدح فى ذلك التعلل بأن هناك حصارا مفروضا على قطاع غزة وذلك لوجود منافذ رسمية لعبور الأفراد والبضائع من وإلى مصر وغزة. وقال فايز الشيهبانى «شيخ خفر» بمنطقة «ابنى بيتك» بأكتوبر، إنه كان لا بد من غلق الأنفاق لأن هذه دولة سيادة، فمصر أعظم دولة فى منطقة الشرق الأوسط بأكمله وأى شخص يدخلها يجب عليه أن يلتزم بالقواعد والنظام الذى حدده القانون، لكن ما يحدث الآن هو العكس بسبب تلك الأنفاق التى فتحت علينا باب لدخول أشخاص أجنبية إلى البلاد تهدف إلى التخريب والفوضى. وأشار «الشيهبانى» إلى أن هذه الأنفاق كانت تعد مافيا والدليل على ذلك الجنود الأبرياء الذين تم قتلهم فى شهر رمضان الماضى أثناء إفطارهم، نتيجة الخلل على الحدود والتسهيلات التى تحدث من خلال القائمين على حراسته، فلو كان هناك حزم ومتابعة لتلك الحدود, ما وصل بنا الأمر إلى الكوارث التى حدثت من خلال تلك الأنفاق. وأضاف «الشيهبانى» أن الحدود الخارجية لو أمسكت بقبضة من حديد، لترتب على ذلك استقرار الأوضاع الداخلية للبلاد، لأن المصريين ليس منهم من يخرب بلاده، وضرب مثلا «الأب الذى يستطيع احتواء أسرته داخل منزله فى حالة غلقه الباب.. لكن لو فتح الباب لجلب عليه ما لا يستطيع إدراك عواقبه». وأكد «الشيهبانى» أن السلبيات التى حدثت ومازالت تحدث نتيجة هذه الأنفاق، وأنه على يقين أن ضرب خط البترول كان من خلال تلك الأنفاق. وقال عبد العزيز الشيمى، صاحب محل صاغة، إن هدم الأنفاق فى صالح البلاد لما تمثله من خطورة نتيجة استغلالها فى تهريب الأسلحة والمخدرات وأيضا الأشخاص الذين يتسللون من خلال تلك الأنفاق ليقوموا بالعمليات الإرهابية داخل مصر. وأشار «الشيمى» إلى أن هدم الأنفاق لا يعنى التخلى عن الفلسطينيين ومساعدتهم، بل نحن معهم ونستطيع توصيل تلك المساعدات من خلال المعابر. وقال سيد على بكر «مقاول» إن من أهم أسباب تدهور الاقتصاد المصرى هو أنفاق غزة لعدة أسباب منها تهريب السلع الأساسية من مصر إلى غزة، وعلى رأسها السولار والبنزين الذى يصل ثمنه فى غزة إلى 2 دولار، بالإضافة إلى استخدام شبكات المحمول المصرية، وكذلك تدهور الأمن عن طريق دخول الأسلحة والإرهابيين. وأضاف «بكر» أن جماعة «حماس» حولت هذه الأنفاق إلى ميناء برى من خلال وقوفهم عليها لتمرير هذه المهربات بعد إجبار ناقليها على دفع جمارك للسماح لهم بالمرور. وقال على يوسف سالم، صاحب مخبز، إن هذه الأنفاق تعد من أسباب انتكاسة الشعب المصرى فى جميع الأحوال، فهى ليست مجرد معبر لتهريب المنتجات فحسب، ولكن الأخطر من ذلك هو تهريب المخدرات، والسيارات المسروقة التى لا يستطيع صاحبها الوصول إليها إلا بعد عبورها النفق ووصولها الى غزة. وقال عصام سعد «تاجر جملة» إن غلق الأنفاق كان واجب تنفيذه من زمان، قبل وقوع المصائب التى سقطت على الشعب المصرى عن طريقها، كى لا يستطيع أى عنصر أجنبى الدخول من خلال تلك الأنفاق، وكم من إهاربيين تم إلقاء القبض عليهم اثناء محاولتهم التسلل للوصول داخل البلاد بطرق غير مشروعة. وقال محمد زكى «تاجر ملابس» إن مصر لم تستفد أى استفادة من تلك الأنفاق، بل ما حدث كان العكس، فهذه الأنفاق جلبت الخراب إلى المصريين من خلال تهريب السلاح والمخدرات والمسروقات من سيارات وغير ذلك، بالإضافة إلى الأفراد الذين يدخلون البلاد بطريقة غير شرعية لتنفيذهم العمليات الإرهابية المخططة لهدم الشعب المصرى والقضاء على أراضيه، وهذا ما حدث بالفعل كثيرا، مثل الأشخاص الذين ألقى القبض عليهم أثناء عبورهم من الأنفاق محاولين الوصول إلى منطقة 6 أكتوبر لضرب إحدى الكنائس هناك. وقال علاء عادل طبيب صيدلى، إن هذه الأنفاق أصبحت سلبيتها أكثر من إيجابيتها فمن هذه السلبيات تهريب السلاح والمخدرات والأفراد من الدول الأفريقية إلى إسرائيل، وكذلك تهريب السيارات، والدليل على ذلك عندما ألقى القبض على أكثر من 600 سيارة مهربة إلى فلسطين، أما الجزء الإيجابى هو توصيل المساعدات لأخواتنا فى فلسطين. وأضاف «علاء» أن هذه الأنفاق أصبحت مافيا لقتل الجنود الأبرياء، والجميع يعلم أن قضية مقتل الجنود التى حدثت منذ شهور تم تسييسها على يد «مرسى» وحكومته لعدم هدم الأنفاق، ولم يتخذ أى إجراء ضد القتلة، رغم يقينهم بتورط «حماس» فى تلك القضية إلا أنهم يصرون على معاملتهم بطريقة ودية وإخوانية. وأشار «علاء» إلى أن هناك أنفاقاً معلومة وهى لا تتعدى نسبة 30% من الأنفاق غير المعروفة للدولة، وأن تلك الأنفاق مصممة بطريقة خداعية، حيث يتم دخول النفق عن طريق دولاب ملابس من داخل منزل، وكذلك يكون الخروج بنفس الطريقة من الجهة الأخرى، والتساؤل الآن هل سوف تستطيع الدولة تحديد جميع الأنفاق المعلومة وغير المعلومة لغلقها بالفعل؟