أصبحت لغة الكساد والبطالة هى السائدة فى الوسط الغنائى. فالغناء بات من المهن المعرضة للانقراض فى مصر، ففى المضى كان الغناء الوسيلة التى وصلنا بها إلى كل بيت عربى، فالكل كان يلتف حول المذياع للاستماع والاستمتاع بغناء السيدة أم كلثوم فى الخميس الأول من كل شهر. وكان حليم الفتى الأول فى عالم الغناء العربى وكان عبد الوهاب النغمة الشرقية الأصيلة وكان السنباطى رائد القصيدة وقبلهم سيد درويش واضع حجر أساس النهضة الموسيقية العربية.وجاءت أجيال أعقبتها أجيال من نجوم الصف الأول أى أن مصر كانت عاصمة الطرب فى بلاد العرب. و خلال منتصف الثمانينيات وحتى بداية الخمس سنوات الأولى من هذا القرن كانت مصر مركز صناعة الأغنية فى العالم العربى. الآن الوضع تغير وتبدلت الأمور وأصبح الغناء المصرى مهددا. على مستوى الشركات لا يخفى على أحد أن شركة واحدة مصرية هى التى تنتج على استحياء ووفقا لسياسة معينة بحيث لا تتعرض لأى خسائر تخرجها من السوق كما خرجت شركات أخرى بلا رجعة. وعلى صعيد المطربين الكل أصبح يعانى باستثناء اسمين على الأكثر أو ثلاثة والباقى يعانى وأغلبهم اضطر إلى الإنتاج على نفقته للاستمرار. وآخرون لجأوا إلى تقديم البرامج أملا فى التواجد وكسب قوت اليوم والإنفاق على مظاهر النجومية. أما مهندسو الصوت وأصحاب الاستوديوهات فرزقهم على الله. لذلك نطرح السؤال هل من بديل يطرح الآن لإنقاذ الأسماء التى جاهدت للاستمرار واستكمال مسيرة صناعة كان لمصر تاريخ كبير فيها. وعلى صعيد الحفلات ومعيشة بعض العرب فى مصر لا يخفى على أحد أن تراجع النواحى الأمنية فى مصر ساهمت فى شبه اختفاء الحفلات وبسبب تلك المصيبة التى يعانى منها الوسط هناك أسماء عربية كان محور نشاطها وحياتها القاهرة اضطرت لنقله خارجها سواء فى دبى أو بيروت. مصر التى كانت قبلة المطربين ومن يريد أن يدخل عالم الأضواء والشهرة أصبح الفرار منها هو هدف من يعملون بالغناء حتى وإن كان بعضهم يخرج ليقول عكس ذلك. طرحنا هذه القضية على نجوم الغناء والموسيقى تحدثنا معهم عن البديل الذى يمكن أن يخرجنا مما نحن فيه ليس على صعيد الإنتاج فقط ولكن على صعيد شكل الأغنية التى يجب أن تقدم فى هذه الفترة وكيف نعود بمصر كمركز لصناعة الأغنية؟ المطرب الكبير على الحجار يرى ان هناك أكثر من وسيلة للخروج من الأزمة التى تمر بها عملية إنتاج الأغنية وإعادة الروح مرة أخرى لعمل الفنانين والفنيين بهذا المجال. أولاً: يجب تخفيض سعر البيع (للألبوم) بحيث لا يزيد سعر ال«سى دى» على 12 جنيهاً والشريط الكاسيت 5 جنيهات. ويستتبع ذلك أن تقل تكلفة العملية الإنتاجية للألبوم. بمعنى أن تنخفض أجور كل من المطربين والمؤلفين والملحنين والموزعين والموسيقيين ومهندسي الصوت والمطابع التى تعمل فى طبع الأغلفة والسي دى وأشرطة الكاسيت. وذلك حتى يأتى الوقت الذى تجد فيه أجهزة الدولة وسيلة لعمل اتفاقيات مع المواقع التى تنشر أغنيات المطربين على الإنترنت وتحميلها دون مقابل مادى, وهى عملية غير سهلة، بدليل أنه عندما أصدر النائب العام السابق قراراً بإلغاء المواقع الإباحية ظهرت صعوبات كثيرة بداية من التكلفة التى وصلت إلى 50 مليون دولار إلى اكتشاف أنه سوف تظهر فى كل ساعة مواقع أخرى بديلة سوف تنشر الأفلام أو المشاهد الإباحية. الطريقة الثانية.. هى أن يصدر قرار من الدولة بالتنسيق مع جمعية المؤلفين والملحنين، ونقابة المهن الموسيقية, ومباحث المصنفات الفنية بمراقبة ومصادرة ما يسمى بألبومات الكوكتيل التى تحتوى على أهم أغنية أو أغنيتين لكل مطرب أو مطربة صدرت لهم حديثاً ألبومات أنتجتها شركات فنية أنفقت عليه مبالغ طائلة. ثالثاً: يجب تقنين عدم احتكار جهات معينة لتحميل الأغانى على التليفون المحمول. وضمان الحقوق المادية للمنتج الأصلى للعمل الفنى. رابعاً: يجب أن تدفع القنوات الفضائية سواء كانت حكومية أو خاصة حقوق إذاعة الأغانى المصورة لمنتجيه. المطرب الكبير هانى شاكر قال لا بديل عن مواصلة الكفاح ضد من سرقوا هذه الصناعة وعرضوا أرزاق من يعملون بها للخطر. وشدد هانى على ضرورة أن تقاوم الدولة معنا وتعتبر أن الأغنية صناعة تساهم فى الدخل القومى المصرى وأن هناك 3 ملايين عامل يعملون بها. وأنها ليست مطرباً فقط. وقال لابد أن يعاقب القراصنة عقوبات مشددة بين الحبس لسنوات طويلة وغرامات بالملايين كما حدث مؤخرا فى أمريكا حيث تم تحميل أحد المواقع 50 مليون دولار. هل تتصور بعد هذا الرقم يمكن لأى موقع العودة للسرقة. ثانيا أتمنى أن يعود الإعلام إلى ما كان عليه بإنتاج حفلات فى كل مكان فى مصر. عيب أن تكون دولة بحجم مصر بلا غناء طوال عامين وأشار هانى الثورة بريئة مما يحدث لأن الأزمة بدأت منذ سنوات كانت الدولة تنظر للرياضة باهتمام أكثر من أى شىء آخر. المطرب محمد منير من أوائل الذين ناشدوا الدولة مرارا وتكرارا عن ضرورة مواجهة القرصنة أشار لا بديل عن مواجهة قراصنة الإنترنت بكل الوسائل، والدولة يجب أن تدعم هذا الاتجاه، وأعلم أن الوقت الآن ربما غير مناسب لتلك المطالبات لكننى أتصور أن السرعة عامل هام أيضا لأن هناك بيوتاً تخرب وهناك بشراً تعمل فى هذه المهنة تشرد. وأضاف لا يجب أن ننظر للنجوم فقط على اعتبار أن بعضهم لديه ما يستره. وهناك أسماء مازالت مطلوبة فى سوق الحفلات خارجيا وداخليا. لذلك أنا أتحدث عن الناس الغلابة الذين يعانون ولا يجدون من يتحدث عنهم. أما عن شكل الأغنية فالمطرب صاحب الرسالة قادر أن يترجم ما يحدث بالإبداع الذى تشعر به الجماهير. الفنان يخلق إبداعه من قلب المعاناة وهذا هو الفارق بين فنان وآخر. وعن تطوير شكل الأغنية لتتناسب مع المرحلة الراهنة يرى الموسيقار عمر خيرت أن الحل فى أيدى صناع الأغنية فمن الضرورى إيجاد صور للغناء تناسب المرحلة التى نعيشها. وهذا يحدث فى العالم كله وأشار خيرت أشعر بتعاطف شديد مع المطربين لأنهم الأكثر تضرر من هذا الأمر. مشيرا إلى أن الذين تضرروا هم أصحاب الرسالة مثل منير والحجار وهانى شاكر والحلو لأنهم من البداية كان لهم رسالة أما جيل التسعينيات فهو انتهى لأنه لم يقدم شيئاً هادفاً ولم تكن رسالته واضحة. الملحن صلاح الشرنوبى قال طالما الناس خائفة لا مكان للإبداع. الناس يجب أن تطمئن على حياتها وأمنها. والسياحة يجب أن تعود لأنها البديل الآمن للمطرب لإقامة الحفلات التى تعوضه عن خسائر الكاسيت. كل من يعملون بصناعة الفن حائرون فى السينما والمسرح والأغنية. وأشار الشرنوبى إلى أن الدولة تخلت عنا منذ فترة مما جعل الأجيال الموجودة حاليا لا تعرف عبدالحليم وأم كلثوم وهى كارثه ثقافية. ولابد أن تعى الدولة أن سمو الأغنية ورقيها هو عنوان التحضر. المنتج محسن جابر صاحب الشركة الوحيدة التى تعمل فى السوق المصرية.. قال لا بديل إلا بالقضاء على مواقع السرقات، لأن الصناعة وصلت للنهاية، وربما لا يعى خطورة الأمر إلا من يده فى الإنتاج. لأن أى ألبوم يطرح يفقد 90% من عائده بعد ساعة من طرح الألبوم. وقال لولا برامج اكتشاف المواهب لجلس المطربون فى منازلهم مشيرا إلى أن من يتمتع فى العمل بهذه البرامج هم الفئة الأولى من المطربين وجزء بسيط من الفئة الثانية. إلى جانب السوبر ستار مثل منير وعمرو لهم رصيد من الحفلات لذلك ستجد الشركات متحمسة لهم. وأشار إلى أن المهرجانات أيضا أصبحت تعانى وأصبحت محدودة مثل جرش وقرطاج وبعضهم يلجأ للشركات للمساعدة. وقال إن لجوء البعض لليوتيوب لعرض أعمالهم هو للتواجد فقط لكن العائد لا شيء. وبالتالى فهو بديل غير مثمر للاستمرار. وأشار محسن عمليا وفعليا نصف المطربين انتهوا وهناك ناس منهم موجودة اسما فقط. وعليهم البحث عن مهن أخرى.