كثيرون الآن من أبناء مصر أغنياء وفقراء يترحمون علي أيام حكم الرئيس السابق حسني مبارك. ليس هذا، لأن الرئيس السابق، قد أخذ بيدهم إلي الأمام، ولكن، علي أقل القليل، لأن الشعب كان يتمتع في عهده، باستقرار حقيقي، وأمن واقعي، وليس استقراراً وهمياً أو أمناً ضعيفاً هزيلاً. صادف يوم الاثنين الماضي، الموافق 11 فبراير 2013، يوم تنحي الرئيس السابق عن الحكم. وفي هذا اليوم، هناك من احتفل به ، باعتباره انتصاراً عظيماً، وهناك أيضا من ترحم فيه علي أيام الرئيس السابق. لقد أخطأ الرئيس السابق خطأ فادحا في عدة أمور. أهمها، أنه لم يأخذ بيد مصر والمصريين إلي الأمام، طوال الثلاثين عاماً التي حكم فيها البلاد. فهناك دول كانت أكثر منا فقرا وجهلاً وعوزاً، وربما كانت في الحضيض. ولكنها تقدمت وازدهرت واحتلت مركزا في الصفوف الأولي، وذلك في غضون سنوات بسيطة، أقل من سنوات حكم الرئيس السابق. فعلي سبيل المثال، هناك كوريا الجنوبية، وماليزيا، والهند، والبرازيل، والأرجنتين ، وكذلك تركيا، وجنوب أفريقيا، وغيرهم دول كثيرة نهضت وازدهرت في سنوات معدودات. القدوة الحسنة، والقيادة الرشيدة الواعية المحبة لشعبها ووطنها دائما وأبداً تعمل لصالح ومستقبل الشعب ورفعة الوطن. أما القدوة السيئة والقيادة الفاشلة، فهي دائماً تنظر تحت قدميها ولا تنظر للمستقبل، فتعمل لمصالحها الشخصية ومصالح جماعتها وعشيرتها، دونما نظر لمستقبل الوطن ورقي الشعوب. مثل هؤلاء الحكام، يحاولون البقاء في الحكم بكافة السبل والطرق. وفي سبيل ذلك، نجدهم يبحثون عن أهل الثقة لمعاونتهم والوقوف إلي جانبهم ولا ينظرون أبدا إلي أهل الخبرة، المهم عندهم أن يظلوا في الحكم أطول مدة ممكنة. وفي سبيل ذلك، لا يتورعون عن البطش بشعوبهم، بل ويحكمون القبضة علي أعناقهم وخاصة معارضيهم. من هنا، فإن نهاية كل حاكم طاغية، إما أن تنهار معه الدولة كلها كما حدث في روسيا ودول الاتحاد السوفيتي، وإما أن يثور الشعب عليه، كما نشهد حاليا في بعض الدول العربية من حولنا. إن غياب الديمقراطية الحقيقية والحرية الكاملة، هو السبب الرئيسي في زوال مثل هؤلاء الطغاة. الحرية والديمقراطية، هما الماء والهواء للشعوب. الديمقراطية، يمكن اختصارها في حكم الشعب بالشعب . أما الحرية، فهي السبيل الوحيد الذي يزرع الانتماء في قلوب الشعب وحبه لوطنه وتفانيه في سبيل مستقبل بلاده. بدون الديمقراطية الحقيقية والحرية الكاملة تنهار الدول وتهوي الحكومات ويسقط الحكام وتدخل البلاد في دوامة من الفوضى. نعود لمن يترحمون علي عهد حسني مبارك. وهم الذين يشعرون الآن بفقدان الأمن والأمان في البلاد، فلا يخفي علي أحد أن الناس أصبحت الآن، وعلي جميع المستويات مهددة في حياتها وفي رزقها، بل وفي شرفها. اللصوص يملأون الشوارع والسطو المسلح في كل مكان وخطف الصغار والكبار انتشر بشكل مرعب، إلي حد أن الغالبية تفضل الآن المكوث في مساكنها ولا تخرج إلا للضرورة الملحة . الناس حاليا مهددة في حياتها ويومها وغدها. الأمن والأمان غاية في الاهمية، ليس فقط لشعب مصر، وانما الخطورة الكبرى في عزوف الاجانب عن الحضور لمصر، سواء أكان ذلك للاستثمار، أم للسياحة، أو حتى لزيارة أقاربهم وذويهم. هذا كله يهدد تهديدا كبيرا مستقبل مصر الاقتصادي. أما عن المستقبل، فلا يوجد واحد في مصر الآن، يستطيع أن يتنبأ بما سيحدث الشهر القادم أو حتى غداً. المستقبل السياسي في مصر مضطرب للغاية والشعب المصري منقسم علي نفسه وفي هذا خطورة كبيرة جدا علي المستقبل. الشعوب الحرة المطمئنة، يضع قادتها خططها لعشرات السنين، بل لمئات السنين في المستقبل، اما نحن الآن، فنعيش يوماً بيوم. الاقتصاد علي حافة الهاوية، الأزمات في كل مناحي الحياة، الأسعار ملتهبة وتحرق الغني والفقير، البطالة تفشت وتوحشت وأصبحت الجريمة مهنة لأغلب العاطلين في مصر. أعود فأقول.. مصر مع الأسف الشديد تعيش هذه الايام في ظروف حالكة السواد. لا يعلم مداها ونهايتها إلا الله سبحانه وتعالي.. كان الله في عون مصر، وجنب شعبها سوء المصير، فمصر اصبحت (علي كف عفريت).