أطباء: تدمر خلايا المخ وتؤثر سلباً على شخصية الأطفال خبير أمن معلومات: تهدف إلى تغيير العادات والتقاليد فى المجتمع مركز الأزهر العالمى للفتوى: تحدى «التعتيم» يخالف الدين والفطرة بين الحين والآخر تُطالعنا وسائل الإعلام عن كوارث جديدة للألعاب الإلكترونية، وكان آخرها لعبة الوشاح الأزرق، التى تستهدف المراهقين فى المقام الأول، وتعتبر لعبة التحدى لهم لإثبات مدى قدرتهم على التحمل، وخلالها يقوم بكتم أنفاسه لعدة دقائق ما يعرض حياته للخطر إما بالإغماء أو الموت المفاجئ. الأمر الذى دفع المحامى سمير صبرى بتقديم بلاغ عاجل للنائب العام ونيابة أمن الدولة العليا ضد هذه اللعبة لخطورتها على الشباب المراهقين، فتوحى لهم هذه اللعبة بأحاسيس قوية تشبه تعاطى المخدرات. وتعد لعبة «الوشاح الأرزق»، ضمن الألعاب الإلكترونية التى تشكل خطرًا يهدد سلامة الشباب والأطفال، وقبلها كانت لعبة الحوت الأرزق والمراهنات الإلكترونية وبابجى وغيرها من الألعاب التى راح ضحيتها عشرات الأطفال والشباب. لعبة الوشاح الأزرق تعتمد على تطبيق «تيك توك» وأول تحدٍ فى اللعبة هو تحدى تعتيم الغرفة، ومن هنا جاء مصطلح «تحدى التعتيم»، وبعدها يسجل المشارك مشاهد للحظات كتم النفس، بحجة أنهم سيشعرون بأحاسيس مختلفة وأنهم سيخوضون تجربة لا مثيل لها، فإذا نجا المستخدم من الموت بضيق التنفس، سيصاب بتدمير خلايا المخ ومن ثم تؤدى إلى فقدان الوعى. والألعاب الإلكترونية ظهرت لأول مرة عام 1967، وحينها كانت بمثابة فكرة للترفيه وشغل وقت الفراغ، أسسها المهندس الأمريكى رالف باير، للعب الألعاب على التلفاز. وبمساعدة أصدقائه بيل هاريسون وبيل روش، تم صناعة «الصندوق البُنى» والذى يعد أول لعبة إلكترونية فى التاريخ، حتى قامت إحدى الشركات المتخصصة بتطوير هذا النموذج مما مَهّد الطريق لتطور ألعاب الفيديو حتى وصلت إلى هذا الوحش الكاسر الذى حول الأطفال والشباب إلى أسرى له وأدخلهم فى دوائر الإدمان للألعاب الإلكترونية. وفى دراسة علمية إسبانية أكدت أن لهو الأطفال على الألعاب الإلكترونية لأكثر من 9 ساعات على مدار 7 أيام يشكل خطرًا كبيرًا عليهم. وبحسب ما أشار إليه الباحث خيسوس بوجول، الذى أعد الدراسة، إن التجربة شملت 2442 طفلاً أعمارهم ما بين 7 إلى 11 عامًا، وكشفت الدراسة أن ممارسة ألعاب الفيديو لمدة ساعة أو ساعتين فقط أسبوعياً ترتبط بتحسن المهارات الحركية وبعض القدرات الإدراكية لدى الأطفال. وأكد الباحث فى خلاصة دراسته أن خطورة الألعاب الإلكترونية تتوقف على مدى الوقت الذى يقضيه الطفل فى اللعب وليس فى اللعبة ذاتها. وقالت سناء السعيد، عضو مجلس النواب: إن الألعاب الإلكترونية بعضها أصبح خطيراً جداً وتصل خطورتها للإصابة بالسمنة وارتخاء العضلات وضعف البصر. وأضافت: ممارسة بعض الأطفال والشباب لهذه الألعاب الإلكترونية بكثرة تصل بهم لمرحلة الإدمان وإهمال الدراسة واضطرابات النوم وقد تصيب المداومة على هذه الألعاب أصحابها بالانطواء والتوحد وعدم الاندماج مع المحيطين به، مشيرة إلى أن بعضها يجعل الطفل عدوانياً بل ويصل بالطفل للانتحار. وأشارت النائبة سناء السعيد إلى ضرورة التوعية من خلال وسائل الإعلام والبرامج التثقيفية، ومحاولة الوالدين التدخل لترشيد تعامل الأطفال مع الكمبيوتر، ومحاولة إرشادهم لألعاب أخرى أكثر فائدة، مضيفة أن المنع والتجريم لن يكون هو الأكثر نجاحاً فى إبعاد الأطفال والمراهقين عن هذه الألعاب، وتابعت: المنع والتحريم قد يجعل الأطفال والمراهقين أكثر رغبة فى ممارسة هذه الألعاب. تدمر خلايا المخ قالت هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس: إن تفشى مثل هذه الألعاب بين الشباب والأطفال يرجع إلى عصر العولمة ومهاراتهم فى التعامل مع أجهزة الحاسوب والموبايلات الحديثة، ما يولد بداخلهم حب الاستطلاع، فمع ظهور أى لعبة جديدة يولد بداخلهم الفضول للتعرف عليه. وأضافت أن التعرض لمثل هذه الألعاب لساعات طويلة تؤثر على حالة الأبصار وخلايا المخ ونموه بشكل طبيعى، مشيرة إلى أن هناك علاقة بين ممارسة الألعاب الإلكترونية وحالة الذاكرة، خاصة لدى الأطفال الذى يعانون من الإفراط فى الحركة، فمنذ 10 سنوات ماضية كانت الألعاب المطروحة على الأطفال ترفع نسبة الذكاء لديهم، وتقوى الذاكرة، على عكس ما نشهده اليوم. توعية قال الدكتور عادل صادق، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة سوهاج: إن لوسائل الإعلام دورًا كبيرًا فى توعية الشباب والأطفال بشأن مخاطر هذه الألعاب المتداولة على السوشيال ميديا، مشيراً إلى أن الأطفال الذين يستخدمون هذه الألعاب ينقسمون إلى ثلاثة أنواع. الأول منهم لديه الاستعداد للانتحار ويبحث عن وسيلة ما لتنفيذ فكرته، وذلك بسبب ما يعانون من نعومة أظافرهم من ضغوط نفسية وعصبية بسبب سوء تعامل والديه معه، ما ينجم عنه سوء مستواه التعليمى وتشوه تعاملاته مع الآخرين بينما النوع الثانى منهم يعانى من نقص شديد ويفتقد فى نفسه صور البطل ومنها يريد تحقيقها فى هذه الألعاب فيتأثر بالشخصية تأثرًا شديدًا ويعيش داخل إطار هذه اللعبة أكثر من حياته الواقعية، يحزن، ويغضب تجاه بطل آخر، وكأنه على خلاف مع شخص حقيقى وليس افتراضيًا. بينما النوع الثالث من الأطفال بحسب ما قاله استاذ الصحافة والإعلام، هو الذى لديه مشكلات كبيرة فى التركيز فطبيعتهم الاندفاع فى أفعالهم وتصرفاتهم ولهذا هم الفئة الأكثر فى ضحايا الألعاب الإلكترونية. وقال محمد الجندى، خبير أمن المعلومات، إن هناك بعض البرامج التى تساعد أولياء الأمور على متابعة أبنائهم والتعرف على طبيعة الألعاب التى يستخدمونها منها «بارك» و«كيو استوديو»، مشيراً إلى أن هذه البرامج تتيح لهم الحصول على تقرير شهرى أو يومى أو أسبوعى، عن نشاط الطفل على هاتفه المحمول. وأضاف «الجندى» أن عددا كبيرا من هذه الألعاب تهدف إلى تغيير العادات والتقاليد فى المجتمع، وذلك بسبب أن القائمين على هذه الألعاب أو بمعنى أصح المصنعين لهذه الألعاب عدد كبير منهم أطباء نفسيون يعلمون جيداً سلوكيات الأطفال والشباب المقبلين على هذه الألعاب، مشدداً على أن هذه البرامج يتعاون فيها المبرمجون مع أطباء فى علم النفس، بهدف وضع عوامل جذب لإبقاء الشخص أطول فترة ممكنة فى اللعبة أو التطبيق. وحول إمكانية غلق هذه الألعاب فى مصر، رد «الجندى» قائلاً: إن هناك عدداً كبيراً من الدول استطاعت غلق هذه الألعاب. وعن سبب تمكن هذه الدول من غلق الألعاب، قال: إن عدداً كبيراً منها لديها اتفاقيات مع المنصات التى تنشر وتبث هذه الألعاب، مؤكداً أن المنع التام للألعاب الإلكترونية لا تستطيع أى دولة القيام بذلك، لأن هناك الكثير من الوسائل التى يمكن الوصول إلى مثل هذه الألعاب حتى لو تم منعها من قبل الدولة. وقالت شاهندا شاور، خبيرة الإتيكيت والعلاقات الأسرية: إن هناك 3 فئات لا بد من الحنكة فى التعامل معهم وهم الأطفال والمراهقون والشباب من سن 22 سنة. وأضافت أن الطريقة الأمثل للحد من الجلوس على الألعاب الإلكترونية هى المصاحبة خاصة مع الشباب والمراهقين، فعن طريق الإقناع بالمعلومات وأن هذه الممارسات خاطئة والتقرب منهم يقلل الفرد من هذه الممارسات دون اللجوء للعنف خاصة مع المراهق لكونه لا يتقبل الأوامر. وأشارت إلى أن الأطفال لا بد أن نبحث لهم عن وسائل مختلفة للهو مثل الاشتراك فى الأنشطة المدرسية أو قصور الثقافة وغيرها من الهوايات الرياضية بحيث نشغل 90% من وقت اليوم وبالتالى فأن الوقت المتبقى لا تشكل خطورة على الأطفال. الأزهر يحذر حذر مركز الأزهر العالمى للفتوى، من تحدى «الوشاح الأزرق» أو «التعتيم» على تطبيق الفيديوهات «تيك توك» الذى يدعو مستخدميه إلى القيام بتجربة فريدة ومختلفة -على حدّ تعبيره- من خلال تصوير أنفسهم وهم تحت تأثير الاختناق بعد تعتيم الغرفة، وبالفعل شارك العديد من الأشخاص فيديوهات لأنفسهم بعد أن كتموا أنفاسهم وعرضوا أنفسهم للموت المحقق، بينما تحولت اللعبة إلى حقيقة مُعاشة، وأدى كتم التنفس المُتعمَّد إلى اختناق عدد من المُستخدمين وموتهم. وأشار مركز الأزهر العالمى للفتوى فى بيان له، إلى أنه من مجرد شرح هذا التَّحدى يتضح مخالفتُه للدين والفطرة؛ إذ إنه إن لم يفضِ إلى الموت؛ فإنه قد يؤثر على خلايا الدماغ؛ ومن ثمَّ يؤدى إلى فقدان الوعى والضرر. وأكد مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية خطورة وحرمة هذه اللعبة وأمثالها من الألعاب والتحديات؛ عملًا بقول الحق سبحانه: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) «البقرة: 195». وأهاب مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، بأولياء الأمور والجهات التَّثقيفية والتَّعليمية والإعلامية بيان خطر أمثال هذه الألعاب، وضررها البدنى والنفسى والسّلوكى والأسرى. وقدِّم بعض النَّصائح التى تُساعد أولياء الأمور على تحصين أولادهم من خطر هذه الألعاب والتطبيقات، وتنشئتهم تنشئةً واعيةً سويّةً وسطيّةً، وهى:الحرص على مُتابعة الأبناء بصفةٍ مُستمرة على مدار السّاعة ومُتابعة تطبيقات هواتف الأبناء، وعدم تركها بين أيديهم لفترات طويلة، وشغل أوقات فراغ الأبناء بما ينفعهم من تحصيل العلوم النّافعة، والأنشطة الرّياضية المُختلفة، والتأكيد على أهمية استثمار وقت الشاب وعمره فى بناء الذات وتحقيق الأهداف، مع مشاركة الأبناء جميع جوانب حياتهم، مع توجيه النّصح، وتقديم القدوة الصالحة لهم وتنمية مهارات الأبناء، وتوظيفها فيما ينفعهم وينفع مجتمعهم، والاستفادة من إبداعاتهم، والتّشجيع الدّائم للشّباب على ما يقدمونه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطة من وجهة نظر الآباء، مع منح الأبناء مساحة لتحقيق الذات، وتعزيز القدرات، وكسب الثقة، وتدريب الأبناء على تحديد أهدافهم، وتحمل مسؤولياتهم، واختيار الأفضل لرسم مستقبلهم، والحث على المشاركة الفاعلة والواقعية فى محيط الأسرة والمجتمع، وتخير الرفقة الصالحة للأبناء، ومتابعتهم فى الدراسة من خلال التواصل المُستمر مع معلميهم، والتّنبيه على مخاطر استخدام الآلات الحادَّة التى يمكن أن تصيب الإنسان بأضرار جسدية فى نفسه أو الآخرين، وصونه عن كل ما يُؤذيه.