تناولت الجلسة الأولى من المؤتمر الدولي لبحث الأزمة السورية، التحديات التي تواجهها ما بعد سقوط نظام دمشق، ومنها أبرزها الجانب الخدمي والإنساني، فضلا عن مخاوف أخرى تتمثل بالصراع الطائفي والعرقي. قال رئيس المجلس الوطني السوري "جورج صبرا"، إن سوريا بلد للأديان لا للطوائف، نشأت فيها أول الأديان وترعرت وتطورت، متحدثا عن دور البلاد حضاريا، لتكون أرضا خصبة لاحتضان الأديان وانتشارها، بدءا باليهودية ومرورا بالمسيحية وانتهاء بالإسلام. أضاف في مشاركة له في جلسة "سوريا في عين الثورة"، ضمن فعاليات "المؤتمر الدولي السوري" التي تستضيفه إسطنبول اليوم، أن في سوريا اقدم كنيسة لا زالت تدق أجراسها منذ أكثر من ألفي عام وحتى الآن، ودخلها الإسلام على يد الصحابة، لتكون إرادة الحياة وصناعتها على أرض الشام الشريفة حتى اليوم، بلاد فيها كثير من الدين وقليل من الطائفية. أوضح أن المتدين الحقيقي لا يكون طائفيا، والفرق بين التدين والطائفية، كالفرق بين الهواء السام والنظيف، لافتا إلى مجاورة الكنائس للجوامع فيها، كأنها تتكاتف مع بعضها البعض، والناس كذلك أيضا. ذكّر "صبرا"، بالتاريخ السوري في التسامح خلال العصر الحديث، حيث أن "ابراهيم هنانو"، الذي ساهم في وضع الدستور كان كرديا، بينما كان "سلطان باشا الأطرش" الذي ساهم في الثورة ضد فرنسا درزيا، وكان "صالح العلي" ثائرا علويا، لافتا إلى أن "فارس الخوري"، كان رئيس وزراء البلاد بانتخابات نزيهة بارادة الشعب، وعين لفترات وزيرا للأوقاف، ودعم الشيخ "مصطفى السباعي" في حملته الانتخابية في دمشق. أشار إلى أن هذه حقائق الحياة في سوريا، ويعمل نظام الموت في دمشق على قتلها، على حد وصفه، الذي زرع بذور الطائفية من أجل تقسيم الشعب لاستمراره، وينفذ المجازر لتعزيز الطائفية بهدف تفتيت البلاد. أشاد "صبرا" بالاسلام في سوريا، واصفا إياه بالمعتدل، متأملا ان ينجح السوريون في إبعاد كل أنواع التطرف، بعيدا عن السلوك اليومي، وهو مطلوب من الجميع، فهو لا يختص بدين أو مذهب، مطالبا الجميع بالعمل على تطبيق الحديث الشريف، "أحب خلق الله أنفعهم لعياله"، وهذا يدل على العيش الكريم". من ناحيته قال "علي صدر الدين البيانوني"، نائب المراقب العام للأخوان المسلمين، في ورقة له بعنوان "السلام الاجتماعي في سوريا الحديثة"، إن المؤتمر يحمل أهمية خاصة جراء تخاذل المجتمع الدولي مع الشعب ما يجري في سوريا، مما يجعل مهمة المنظمات الأهلية كبيرة من أجل مواجهة التحديات. كشف أن الثورة السورية باتت مثقلة بالأعباء الملقاة على عاتقها، وبشكل خاص بعد أن تخلت الدول التي ادعت صداقتها للشعب السوري عنه، ومقابل ذلك هناك دعم غير محدود وواضح للنظام من قبل إيران وروسيا، والمنظمات التي تدعمه. استنكر "البيانوني" دعم الأممالمتحدة للجانب الخاطئ في توزيع المساعدات الإنسانية التي سلمتها للنظام، الجهة التي تقتل المتدنيين، موضحا أن الثورة لم ترق في عيون بعض الدول المؤثرة عالميا، فأثرت بدورها على الدول التي تدعم الثورة، فأعاقتها عن عملها. شدد على أن الواقع على الأرض يفرض على الثورة تحديات تتمثل أولا باستكمال العمل المسلح، لتحرير بقية المناطق اعتمادا على الكفاءات الذاتية، وثانيا استمرار التعريف بالثورة ومشروعيتها وبرامجها أمام الرأي العام الدولي، وذلك مع تشكل قناعة لدى السوريين بأن وراء عدم الدعم الدولي، أحكاما إيديولوجية تسعى لخنق الشعب، وتحرمه الديمقراطية. استطرد قائلا: "إن التحدي الثالث يتلخص بتقديم الخدمات المدنية والرعاية للمناطق المحررة، منتقدا مواقف العالم أجمع بما فيه العالمين العربي والإسلامي التي لم ترق لحجم الثورة، فعلى الرغم من تقرير منظمة الصحة العالمية حول تفشي الأوبئة في سوريا، إلا أن الأممالمتحدة لم تحرك ساكنا". أكد على أن المجتمع السوري يقدم انموذجا للتعايش السلمي، مشيرا إلى أن محاولات النظام لجر الشعب إلى الفتنة الطائفية لم تنجح، في وقت جدد فيه استمرار سعي الإخوان المسلمين من أجل قيام دولة مدنية حديثة تقوم على الحقوق والواجبات يتساوى الجميع بمختلف أعراقهم أمامها. أما الدكتور "عامر أبو سلامة"، عضو المجلس الوطني، فأشار في ورقة بعنوان، "الحلول المقترحة لمرحلة ما بعد القتل والتدمير"،إلى أن تدمير المنازل حسب الاحصاءات تقول، بان ملايينا من البيوت دمرت إضافة إلى المحلات والمزارع، لافتا إلى أن السجون السياسية على كثرتها، لم تعد تتسع للمعتقلين، فبات النظام يستخدم الملاعب والصالات المغلقة، ناهيك عن حالات التعذيب والاغتصاب والمشاهد المؤلمة كثيرا. أوضح أن هناك محاور للعمل في المناطق المحررة، وهي أولا المحور العسكري، فالثورة في سوريا سلمية، بدأت بها واستمرت ولا تزال، والثوار لا يريدون عسكرتها، وان ما اضطرهم إلى ذلك هو النظام، الذي قابل الصدور والايادي العارية المطالبة بالاصلاح، بالحديد والنار والرصاص، والقتل والحرق والإبادات الجماعية، والجرائم الفظيعة التي هي ضد الانسانية. وهذا دفع الشعب إلى مواجهة النظام. أضاف أنه ثانيا لا بد من تشكيل الإدارات المحلية في المناطق المحررة، وقد شكلت في بعضها على شكل مجالس انتقالية، لتقوم بالجهود الخدمية للسكان المدنيين، والتعاون في المجال الإغاثي، وبشكل خاص في ظل حاجة المواطن لرغيف الخبز والطعام، والعناية الصحية. أوضح أن المعارضة عملت على إنشاء مخافر ومراكز شرطة، لإعادة الأمن وتحقيق السلم الأهلي في المناطق المحررة، وهذا له شقان أيضا ، الأول نظامي نظم في ريف حلب وبعض المناطق، وهناك شق شعبي يقوم به الأهالي بدلا من النظام البائد.