السيد عندما تحدث سمو ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مؤتمر (تحولات جيوستراتيجية) في سياق الثورات العربية الشهر الماضي. جاءت كلمة سموه رسالة واضحة لجمع المثقفين الذين حضروا المؤتمر: "إن تحويل الدعم الخارجي لأي ثورة من الثورات إلى تدخل في سياسة أي دولة بعد الثورات سوف يصطدم عاجلاً أم آجلاً بإرادة الشعوب صاحبة السيادة، ومن الأفضل اختصار الطريق وعدم محاولة ذلك. فالسياسة العربية بعد دخول الشعوب فيها كعامل مؤثر سوف تكون أكثر استقلالية وسيادية وأكثر حساسية لقضايا تحقيق العدالة واحترام العهود والقوانين الدولية". وعندما تحدث معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في لقاء له مع قناة الجزيرة الأسبوع الماضي، كان أيضاً واضحاً حيال علاقتنا بمصر: "سياسة قطر تريد مصر دولة قوية، مصر أكبر دولة عربية، إذا كانت مصر، وهذه الكلمة دائما صاحب السمو الأمير يرددها في السر والعلن، إذا كانت مصر قوية فنحن نكون أقوياء كعرب، نحن لا نتدخل في معارضة أو موالاة في مصر، هذا شأن مصري هم يختارون من يختارون، يختارون نظامهم، يختارون حكومتهم، نحن نؤيد مصر وشعب مصر وندعم مصر وشعب مصر". ورغم كل هذا الوضوح في الموقف القطري، إلا أنه ومن المستغرب أن بعض كتاب الأعمدة في الصحف العربية أو الإعلام العربي ما زالوا يتحدثون عن سيطرة قطر على مصر، فقطر خطها السياسي الإقليمي واضح المعالم، وهي تقف إلى جانب الشعب المصري والحكومة المنتخبة من الشعب المصري، لأننا نبحث عن الاستقرار في عالمنا العربي. لذا فإنه علينا كمثقفين وكتاب أن نقرأ التاريخ والسياسة، وأن نفهم إرادة الشعوب حتى وإن كنا نختلف مع من يحكم اليوم، وعلينا أن نعلم تمام العلم أن الشعوب هي صاحبة السيادة والقول الفصل. قطر، الدولة الصغيرة في حجمها، ليس من مصلحتها أن تدعم وتوالي طرفا على حساب طرف آخر وهي تعلم أن السيادة في مصر الثورة هي للشعب المصري، ما يهمنا في قطر هو أن نرى مصرَ دولة قوية كسابق عهدها، مهما اختلفنا أو اتفقنا مع الحكومة المصرية الحالية. ويهمنا أن يلتحم الشعب المصري مع بعضه البعض ليتخطى الصعوبات الاقتصادية الحالية الحرجة، لأن التاريخ قد أثبت لنا أنه غالباً ما تكون العوامل الاقتصادية هي الوقود سريع الاشتعال والمحفز الرئيسي لاندلاع الثورات واستمرارها. على دول الربيع العربي أن تتعلم من حقبة الصراع في أفغانستان وما حدث فيها من قتال وتراشق بين الطوائف والمليشيات المختلفة وجميعهم يقولون "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وأزهقت الكثير من الأرواح، ثم جاءت القاعدة بتطرفها الديني لتحل هذا الخلاف، بيد أنها أخذت معها أفغانستان عقوداً إلى عصور الظلام والفقر والجوع والتخلف. وعلى المثقفين والكتاب أن يعوا أن الشعوب تمل الصراع وعدم الاستقرار، الأمر الذي ربما قد يدفع بجموع الشعب إلى القبول بأي من صيغ وأشكال الاستبداد مرة أخرى، كالمستجير من الرمضاء بالنار. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية