سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العلاقات بين الطرفين شديدة التعقيد وتعود إلى ما قبل ثورة يوليو التحالف السرى بين أمريكا والإخوان
سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا حظى بدعم الإدارة الأمريكية حتى وفاته
لا يملك المتابع لعلاقة الولاياتالمتحدةالأمريكية بجماعة الإخوان المسلمين ونظام حكمهم إلا أن تصيبه دهشة بالغة، وإذا حاول أعتي المحللين أن يقفوا علي طبيعة تلك العلاقة وبلورتها في معادلة سياسية واضحة.. فسوف يدخلون في غيابات التخبط ويمرون بأنفاق مظلمة. العلاقة أشبه بجبل جليدي، معظمه تحت الماء والجزء الصغير هو الظاهر منه علي السطح. في السطور القادمة نحاول استكشاف أبعاد وأغوار الجزء الكامن من الجبل، خاصة أنه أخطر شيء علي السفن وركابها إلا في حالة معرفته. ولو اعتبرنا مصر سفينة تحاول الإبحار للوصول إلي مرفأ الرخاء والديمقراطية فإنه يتوجب علي ساستها الحاليين التعامل بحذر مع سياسات الولاياتالمتحدة وصولاً إلي ضفة الأمان والحفاظ علي الصالح العام. إذا عدنا إلي الوراء قليلاً سنجد أن الرئيس السابق حسني مبارك كان حريصاً علي تحقيق مصالح أمريكا وإسرائيل مقابل الكرسي، وقد نشرت مجلة نيوزويك عام 2009 مقالا تحت عنوان: «أمريكا تكره مبارك لدرجة الحب» أشارت فيه إلي أن «مبارك» كان بمثابة الخادم الأمين لها، يحافظ علي أمن إسرائيل وينظم المرور من وإلي المناطق الفلسطينية ويقمع الإخوان.. ومن الثلث الأخير للعبارة تبدأ الحيرة، وندخل عنوة في متاهات وجدليات العلاقة بين الإخوان والولاياتالمتحدة. ما يحرك الساسة الأمريكيين منذ عصر الآباء العظام الذين وضعوا الدستور الأمريكي هو مصلحة الولاياتالمتحدة وشعبها. وما يربط الولاياتالمتحدة بالعالم منذ نشأة الدولة التي تمثل الآن القطب الأوحد هو صالح المواطن الأمريكي، ومنذ قيام الدولة العبرية أضيف هدف آخر هو الحفاظ علي أمن إسرائيل حتي لو خسرت أمريكا مصالحها القومية ومنذ أكثر من نصف قرن كان الهدف من علاقة دول العالم الثالث بأمريكا هو الاحتفاظ بالكرسي إلي الأبد، ومحاولة توريثه كما حدث في مصر ولو علي جثة الصالح العام لبلادهم. علاقة الإخوان بالأمريكان بعد زوال حكم مبارك ومباركة الولاياتالمتحدة صعود الإخوان أصبح السؤال الأكثر إلحاحاً: ماذا يحرك الإخوان في المرحلة الحالية والقادمة في علاقتهم بالولاياتالمتحدة؟ هل هو الرغبة في الاحتفاظ بالكرسي والسلطة في مصر بأي ثمن؟ أم تحقيق صالح عام حقيقي للدولة المصرية وشعبها؟ الخوف الأمريكي من الإخوان يعبر عنه ما نشر في عدد من الصحف والمواقع الإعلامية الغربية، ومنها علي سبيل المثال. ما نشرته شبكة «وورلدنت دايلي» «WND» الأمريكية تحت عنوان: «الجذور العميقة للإخوان المسلمين في أمريكا. وأشارت فيه إلي ان مجموعة من المحققين بالاشتراك مع استخبارات المجلس الرئاسي الأمريكي حذروا من تهديدات متوقعة تمثلها جماعة الإخوان المسلمين داخل الولاياتالمتحدة. وأضاف الموقع ان الطبيعة الحقيقية والطموح العالمي لجماعة الإخوان المسلمين قد أصبح محل اهتمام ومحاورات داخل الأوساط الأمريكية منذ اندلاع الثورات العربية، حتي ان أحد عناصر المباحث الفيدرالية سرب ان جهازه يشارك في تقديم نصائح للإدارة الأمريكية حول كيفية التعاطي مع الأحداث في مصر، في ظل توقع الإخوان للحكم، وكان هذا عقب سقوط نظام مبارك، ويؤكد التقرير أن هدف الإخوان هو اقتلاع النظم الغربية المناصرة لفكرة الدولة المدنية. ويشير إلي ان إحدي المحاكم الفيدرالية كشفت وثائقها عن ان الجماعات الإسلامية في أوروبا هي الواجهة الأمامية للإخوان المسلمين ولحركة حماس، وأن الجماعات الإسلامية في أمريكا ذات الصلة الوثيقة بالحزب الجمهوري تعترض علي حركة الإخوان المسلمين داخل أمريكا، وكانت الإدارة الأمريكية في عهد جورج بوش قد نفت علي لسان متحدث رسمي لها يدعي ناؤل كاهان وجود أية عناصر من الإخوان المسلمين داخل الولاياتالمتحدة، غير ان وزارة العدل الأمريكية - كما يقول تقرير وورلدنت دايلي «wnd» - أكدت وجود 61 عنصراً إخوانياً نشطاً داخل الولاياتالمتحدة. ومن تلك المعلومات التي جاءت في التقرير يتبين ان العلاقة بين الإخوان وأمريكا شديدة التعقيد ويحكمها الخوف، وأحياناً التواطؤ المتمثل في نفي إدارة بوش وجود أية عناصر إخوانية داخل الولاياتالمتحدة في محاولة لإخفاء علاقتها بهم، ولأنها كانت تجهزهم لدور ما في المستقبل. ونشر التقرير صوراً لعبد الرحمن الحمودي الذي وصفه بأنه القائد الأعلي ومنسق أعمال الإخوان داخل الولاياتالمتحدة والصور مع كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون وآل جور نائب كلينتون في ذلك الوقت. وقال التقرير إن هدف جماعة الإخوان هو أسلمة أمريكاً. وتظل قضية سرية العلاقة بين الإدارات الأمريكية المتعاقبة وجماعة الإخوان المسلمين لغزاً غامضاً من ألغاز السياسة الأمريكية. العلاقة السرية وينشر موقع «نيويورك ديفيد بوك» الأمريكي المعني بنشر كتاب تحت عنوان «علاقتنا السرية بالإخوان المسلمين» للكتاب «آيان جونسون، حاول فيه كشف العلاقة الشائكة بين الإخوان وحكومات الولاياتالمتحدة المتعاقبة منذ نشأة حركة الإخوان المسلمين في مصر. وقال الكاتب ان الإدارة الأمريكية اعتادت دعم الرجال الأقوياء والديكتاتوريات في الشرق الأوسط والشمال الإفريقي. ويمضي الكاتب ليؤكد دوراً رئيسياً للإخوان المسلمين في الثورة، وأن إدارة أوباما، رأت أن حكم الإخوان في مصر يمكن ان يمثل خطراً علي الدولة العبرية، ولذا حاولوا ترويضهم من خلال النظر إليهم كحركة يمكن ان يمثل خطراً علي الدولة العبرية، كحركة يمكن ان تشارك الغرب التجارة والاقتصاد، رغم إنكار البيت الأبيض رسمياً من قبل وجود أية علاقات له مع الإخوان. واستطرد الكاتب ان جماعة الإخوان المسلمين والولاياتالمتحدة تربطهما علاقات قوية وتحالف سري كان هدفه محاربة الشيوعية وتهدئة التوترات. ويضيف الكاتب أنك إذا نظرت إلي التاريخ ستجد ان نموذجاً مألوفاً ومعتاداً لتلك العلاقة يتمثل في ان الولاياتالمتحدة وإدارتها وقادتها يرون ان الجماعة يمكن ربطها بالأهداف الأمريكية، بحيث يمكنها تحقيق هذه الأهداف. وكانت حكومات الولاياتالمتحدة حريصة علي توسيع نطاق علاقتها بالإخوان المسلمين ولكن من تحت السطح. ويمضي الكاتب ليؤكد ان الرئيس إيزنهاور قرر سنة 1953 قبل عام واحد من قيام عبدالناصر حظر أنشطة الجماعة. أسرة "البنا" وأمريكا وطبقا لما ذكره إيزنهاور في أحد كتبه كان سعيد رمضان الذي يعد ابنًا روحياً لحسن البنا زوج إحدي بناته يعد المتحدث الرسمي والمندوب الشرفي للجماعة في الولاياتالمتحدة بصفة عامة وكان يعد وزير خارجية الجماعة آنذاك، وقد توفي سنة 1995، وهو والد البروفسور طارق سعيد رمضان المفكر والأستاذ بجامعة زيورخ السويسرية. وحظي «رمضان» بدعم الولاياتالمتحدة ليخطب ويحاضر في مسجد بمدينة ميونخ الألمانية، وبمساعدة المسلمين المحليين هناك شيد ما اعتبر أكبر مركز للإخوان المسلمين هناك وأهم مراكز الجماعة بالخارج. ولم تجن الولاياتالمتحدة كثيراً من أنشطة «رمضان» لأنه كان متهماً بنشر الإسلام أكثر من اهتمامه بمقاومة الشيوعية وفي آخر سنوات عمره ساعد «رمضان» الثورة الإيرانية ودعم النشطاء المؤيدين لها والمعارضين لحكومة طهران والمسئولين عن اغتيال أحد دبلوماسي الشاه محمد رضا بهلوي في الولايات. ويمضي الكتاب ليصل إلي فترة حكم جورج بوش الابن وفترتي رئاسته التي شن خلالها حربين علي بلدين إسلاميين عقب هجمات 11 سبتمبر، واهتم «بوش» بإقامة علاقة قوية مع جماعة الإخوان المسلمين وكياناتها في دول أوروبا، ومنها فرنسا وألمانيا واستطاع الإخوان تأسيس وجود قوي فيهما، وكان من سياسات «بوش» جعل إدارته وسيطا قويا بين النظم الحاكمة وبين الجماعات الأكثر تطرفاً مثل الجماعات العنيفة في لندن وباريس وهامبورج. وكانت الاستراتيجية الأمريكية سنة 2005 تتمثل في قيام الخارجية الأمريكية بمتابعة تنامي قوة الإخوان المسلمين في مصر، ولذلك قامت سنة 2006 بتدشين أنشطة داعمة لجماعة الإخوان المسلمين، ومنها علي سبيل المثال تنظيم الإدارة الأمريكية لمؤتمر في مدينة بروكسل العاصمة البلجيكية بين الإخوان المسلمين في أوروبا وبين مسلمي أمريكا من المجتمعات الإسلامية في الشمال الأمريكي والذين يعدون قريبين في الفكر والصلة بالإخوان في مصر، كل ما سبق كان بمباركة ودعم وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» CIA التي لم تكتف بدعم الإخوان في أوروبا ومصر واعتبارهم جماعة صاعدة واعدة القوة وخطابها الإعلامي عالي التأثير، بل رفعت في اتجاه التعاون معهم منذ عام 2006، رغم تحذيرات حلفاء الولاياتالمتحدة الغربيين. خطورة الشراكة الأمريكية الإخوانية الشراكة الأمريكية الإخوانية سلاح ذو حدين، وربما بدأت تظهر بعض آثارها السلبية ممثلة في حشر الأنف الأمريكي في أخص خصوصيات الشأن الداخلي المصري، وهو ما عبر عنه تصريح قيادي بحزب الحرية والعدالة من ان الولاياتالمتحدة تضغط علي الإخوان لتشكل حكومة إئتلافية، وما صرحت به آن باترسون السفيرة الأمريكية في مصر من ان الجيش قام بواجبه في الاستفتاء علي خير وجه. ورغم ان الولاياتالمتحدة تنسحب من العالم كله، إلا أنها مصرة علي حشر أنفها في مصر ودول الشمال الإفريقي، وبحسب صحف أمريكية فإن الولاياتالمتحدة تحاول استخدام الإخوان في إقامة أنظمة حكم موالية لها في الشمال الأفريقي، وبحسب أحد الكتاب المصريين فإن أمريكا تحاول استنساخ سياسات «مبارك» الداخلية والخارجية من خلال الإخوان، وهنا الطامة الكبري، لأن المصالح المصرية والسيادة الوطنية يمكن ان تضار بشدة وتظل هناك إشكاليات في العلاقة ممثلة في موقف الإخوان من إسرائيل وحماس والقضية الفلسطينية واتفاقية السلام. كما ان التوجه المصري ناحية إيران عقبة أكبر أمام الشريكين الإخواني المصري والديمقراطي الأمريكي والذي رمزه غير الرسمي «الحمار» والسؤال الأهم: هل يمتطي الإخوان ظهر هذا الحمار لتحقيق مآربهم سواء مشروعة كانت أو غير مشروعة؟ أم يحدث العكس كما حدث مع «مبارك» من قبل.