هناك خبر نشرته بعض المواقع العربية في الأسبوع الأخير من ديسمبر الماضي حول استقالة أكثم سليمان مراسل قناة الجزيرة في برلين. وربما هذا الخبر لم يلفت أنظار الكثيرين داخل مصر بسبب سخونة الأحداث خلال الفترة الأخيرة، وانشغال الإعلام بقضيته الأساسية، وهي محاولات تكميم الأفواه التي تعاني منها مصر كلها إعلامياً علي مستوي الفضائيات والصحف. لكن الأهم في استقالة اكثم سليمان هي الأسباب التي دفعته إلي هذا القرار رغم أنه يعمل في الجزيرة منذ عام 2002. ماذا قال أكثم سليمان في الأسباب؟!، قال في حوار مع موقع دويتشه فيليه الألماني.. إن القناة أصبحت تفتقر إلي المهنية، علي النقيض تماماً من حالها عند انضمامي إليها عام 2002 كما انها تفتقر إلي هيكيلة داخلية تحصنها من محاولات المالكين القطريين فرض توجه معين أو جعل المحررين يتدخلون لأغراض سياسية بدلا من معالجتها إعلامياً. وقال سليمان أيضا إن التغطية الإعلامية لقناة الجزيرة تحولت إلي تغطية سياسية، تحاول تمرير أجندة قطرية. مشيراً إلي أن تغطيتها لما جري في ليبيا كانت منحازة، وغير حيادية وبررت القتل الفظيع الذي جري، وهي تتجاهل اليوم بيئة الفوضي الفعلية التي تسود ليبيا والتي أدت إلي مقتل الشاب الذي قتل معمر القذافي. وقال سليمان إن التغطية الإعلامية للقناة باتت مرتبطة بعلاقة إمارة قطر مع أي دولة أخري.. فعندما تكون جيدة كالحال مع البحرين، والأردن تغيب أخبار الاحتجاجات الشعبية وعندما تكون متوترة كما هو الحال مع سوريا، واليمن تقفز أخبار الدولتين بطريقة منحازة، وغير موضوعية، ومخالفة للواقع. هذا بعض ما أورده أكثم سليمان في حديثه للموقع الألماني عن أسباب الاستقالة.. والبعض قد يري أن أكثم سليمان قد يكون منحازا لنظام بشار الأسد لكونه سوري الجنسية. لذلك فهو يحاول أن يورط قناة الجزيرة نظراً لما تنقله من داخل الأراضي السورية. لكن بعيداً عن كونه سوريا منحازا أو غير منحاز للنظام الحالي هناك. لكن ما قاله أكثم سليمان الجديد فيه هو أنه قرر أن يضحي بالدولارات التي يحصل عليها منذ عام 2002. لكن ما ورد بكلامه ليس به أي جديد بالنسبة للعاملين بالحقل الإعلامي، وكذلك الملايين في الشارع العربي في المحيط إلي الخليج. وهناك صحف، وقنوات طرحت هذا الأمر مراراً وتكراراً حول تغطية الجزيرة للأحداث علي الصعيد العربي. فهي دائما تسير علي سطر، وتترك الآخر. فالكاميرات الخاصة بالجزيرة تري فقط ما يتناسب مع سياستها.. نعم هي في قلب الحدث.. لكن أي حدث!! وهذا هو الذي جعل الكثيرين ممن يتابعونها منذ ميلادها ينصرفون عنها. وهذا واقع بالتأكيد رصدته القناة نفسها من خلال الأجهزة التي تمتلكها. فهي الآن ليست الجزيرة عام 1996 أو عام 2000. وقتها كانت تقدم ما لا تقدمه القنوات الأخري. أو ربما نحن كنا نشاهدها كذلك. لأنها من الممكن أن تكون قد بدأت أجندتها منذ اليوم الأول. لكننا لأننا كنا وسط نظام رئاسي مليء بالسلبيات فكنا نري فيها المتنفس بالنسبة لنا. ولكن مع مرور الأيام بدأنا نلاحظ ان النقد يوجه فقط لبعض الأنظمة العربية دون غيرها. فهناك دول مثل قطر، وهي الدولة التي تبث فيها الجزيرة لم نسمع أو نشاهد أي صورة من صور السلبية تعرض تجاهها رغم ان الكمال لله وحده. وبالتأكيد هناك مشاكل. والغريب ان الإعلام العربي عندما كان يوجه استفسارات للمسئولين عن القناة عن أسباب غياب النقد لدولة قطر أو باقي دول الخليج، كانت التبريرات غير منطقية، وتعتمد علي لغة الهروب من الإجابة. الخطير في كلام اكثم بعيداً عن كونه سوريا ربما يكون منتميا عاطفياً لنظام بشار.. لكن عندما يقول أحد العاملين بالقناة ان هناك توجهات في سياسة القناة. فهذا يعني ان مبدأ الحيادية الذي تقوم عليه أي وسيلة إعلامية غير متوفر وهو ما يجعل هناك شك من المتلقي. خاصة ان الشهادة من داخل القناة، وليس من مشاهدين أو إعلاميين يحللون سياسة القناة. فالشاهد من أهلها. وهذا يعني ان رؤية المشاهد، والمحلل الإعلامي توحدت مع رؤية بعض العاملين بالقناة مما يؤكد تلك الشكوك والظنون.. الجزيرة كانت تشكل للمواطن العربي في يوم من الأيام الصورة الأصدق، والخبر الأهم، ولكن مع ظهور قنوات أخري تنقل نفس الحدث، وتؤكد نفس الخبر بدأت تظهر ان هناك ميولا وعواطف في العمل الإعلامي أظهرته تلك القنوات. لاننا قبل ظهورها كنا نحصل علي المعلومة من جهة واحدة، ومن وجهة نظرة واحدة، الآن هناك أكثر من 20 قناة تقدم ما كانت تقدمه الجزيرة لكن الفارق في عرض الرأي والرأي الآخر.