مالذي نشاهده في هذه الصور المنشورة الآن؟ لا أحد يستطيع أن يُكذبها أو ينفيها إو يدعي فبركتها، فزمان فبركة الصور مضى وانتهي.مالذي نقوله لأنفسنا ونحن نشاهد هذا القبح والعفن والقذارة التي تبدو وكأنها توزع نفسها بالتساوي على كافة مناطق الجمهورية ؟ كيف يمرق كل هذا الإزدراء والتحقير والإهانة للوطن والمواطنين دون أدنى إحساس بالمسئولية من أحد ؟بل ومن دون أدنى خوف او وجل من التعرض للمسئولية ، عن مثل هذه الأفعال الشنعاء التي تعتبر في بلاد تحترم نفسها وتاريخها ومواطنيها جريمة كبرى . -هذه هي الجريمة المخلة بالشرف حقًا وصدقًا ، لأنها تقطع يقينًا بستشراء حالة من الاستهتار الشديد بهذا البلد الجميل، وبمقدراته البشرية ،وتاريخه العريق في إبهار العالم بكل ماهو علمي وثقافي وتاريخي وحضاري وجميل ..فكيف لقبح مثل هذا القبح ان ينهش في لحم كل هذا التاريخ البديع؟ أإلى هذا الحد بات الشارع بلا صاحب ؟مولد وصاحبه غايب؟ وزارات كاملة مثل البيئة وهيئات- فرحنا وابتهجنا لتأسيسها- مثل هيئة التنسيق الحضاري ومع هذا لا يمارس أحداً أي دور لمكافحة هذا القبح ؟ مالذي نفعله ببلدنا وتاريخنا وسمعتنا؟ -هذه الحالة مستمرة مذ الثمانينات تقريبًا وتستفحل كل يوم ولا رادع لها . فسيارات نقل القمامة هي قمامة بحد ذاتها ، منعدمة الصلاحية ..قبح متنقل ..حيث تنثرأشلاء ماتحمله من القمامة في كل شبر تمر عليه ، وعلى كل طريق تسلكه ،وفي أرجاء كل محافظة تعبرها في طريقها إلى مواقع التخلص منها سواء بدفنها أو بتجميعها . السيارات نفسها خردة منزوعة الصلاحية..منبعجة الأجناب ..مهترئة الأبواب..موتوراتها أشبه بفرن من أفران صناعة الطوب البلدي ..أو كعمليات حرق البقايا والقاذورات في الشوارع كما يفعل بعض البسطاء ،فيحرقون رئات الناس بهذه الفعلة، إذ تتصاعد ألسنة النار وأعمدة الدخان الملوثة حتي تحجب ضوء الشمس في كبد السماء وتحول الشوارع إلى مدخنة . تحمل القمامة مكدسة فوق بعضها ،من كل نوع ولون ..يكدسدها العاملون فوق بعضها كعلبة سردين ،ويحملونها بأقصي من طاقتها ، فيكون بعضها داخل الصندوق فيما ثلاثة أرباعها يرتفع كهرم قبيح لامثيل له ..كوكتيل من القذارة القبيحة يرفع ضغط الناظرين ويصيبهم بالخبال والغثيان ..ويتحدى كل أمل لهم -ولنا- في المستقبل ، بأن لهم وطنًا جميلًا يستنشقون في هوائه أجمل النسمات وأروع العبير. يستدعون والحال كذلك الى ذاكرتهم كل حالات الاستهتار والفوضي التي تضرب مؤسسات الدولة ، بكل مافيها من أتربة تكسو الملفات المهمة التي أذيق أصحابها العذاب ألوانا وأشكالًا حتي يقدمونها إليهم ،دون أن يرتجي منها أدني إستفادة! -الناس في الشوارع يصدمون بمثل هذا الغثاء، مثلما يصدمون بسلوك قادة المركبات (النقل والميكروباص والتوكتوك والطيارين (بتوع الموتوسيكلات والتريسيكلات ) الذين يتسببون في كوارث بالتحركات الرعناء لمن يقودونها ، والتي تنبئنا بأنهم امتلكوا الشارع في غياب كل رقابة. أصبح الشارع كل لحظة أشبه بمعركه قبيحة ،يخوضها الناس بمفردهم ، بعد أن تركهم المسئولون وحتي النواب والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني للاقتتال المرير بينهم وبين بعضهم البعض! -قبح وتعذيب ومرار يومي طافح ..ورغم ترسانة القوانين فإن المفسدين بمأمن من العقاب! يبدو اننا بدلًا من أن بحث عن ضوء في آخر النفق سنظل نعيش في داخل النفق المظلم ..بلا ضوء!